التصفيات في الحركات.. الخلاف يُفسِد القضيَّة
بحسب ما ورد في وسائل إعلامية منسوبًا إلى المركز السوداني للخدمات الصحفية أمس، فإن حركة العدل والمساواة قامت بتصفية (7) من قيادات الحركة أثناء توجههم مع قوة من العدل والمساواة إلى “مدينة سرت الليبية” وذلك على إثر اعتراضهم على عمل الحركة كمرتزقة في ليبيا بحسب القيادي المنشق عن الحركة صديق أبوبكر، مشيرًا إلى أن الحادث وقع قبل خمس أشهر إلا أن تداعياته ما تزال متواصلة، قيادات في الحركة نفت حقيقة ما حدث جملةً وتفصيلاً، ليثير موضوع الخبر والنفي، الجدل من جديد حول التصفيات في الحركات المسلحة.
كثيرون لا يبدو غريبًا بالنسبة لهم المشهد في الحركات المسلحة وأن تقع حالة من التصفيات لجهة طبيعة بنائها وتكوينها الذي لا تضبطهُ في كثير من الأحيان لوائح ونظم متفق عليها، يمكن أن يُبنى على إثرها في حالة الخلاف، كما هو الحال في كل التنظيمات العسكرية.
إلا أن التصفيات السياسية تمثل وسيلة في صراعات السلطة بين الحكام، ووسيلة للرمزية السياسية، كما في الدعاية للأحداث الجارية، وتختلف الدوافع التي يتم على إثرها قتل القيادات السياسية، منها دوافع دينية أو عقائدية أو سياسية أو عسكرية.
وفيما يتعلق بحركة العدل والمساواة فقد وقعت في الحركة حوادث مماثلة؛ ففي العام 2015م، ووفقاً لتقارير صحفية، فقد تمت تصفية (8) من القيادات البارزة بحركة العدل والمساواة على خلفية اعتزام بعض منسوبيها المشاركة في الحوار، أما أشهر التصفيات في العدل والمساواة فهي التي تمت في العام 2013م إذ لقي قادة جناح من أجنحة الحركة على رأسهم سنتئذ، محمد بشر ونائبه ومجموعة من القيادات مصرعهم إثر كمين داخل الأراضي التشادية وهم في طريقهم إلى دارفور.
أما في العام 2011م وفقًا لتقارير إعلامية تم إعدام عدد من منسوبي حركة العدل والمساواة رميًا بالرصاص بتهمة خيانة مبادئ الحركة وهو ما ترتبت عليه حالة من العصيان العسكري داخل الحركة، ويعتبر القيادي بالعدل والمساواة- فصيل بخيت دبجو- نهار عثمان نهار في حديثه لـ(السوداني) أمس أن الهدف وقتها من العملية كان تعطيل عملية السلام، معتبرًا أن العامل الرئيسي وراء التصفيات هو الاختلاف في وجهات النظر.
يرى المحلل السياسي د. الحاج حمد في حديثه لـ(السوداني) أمس أنهُ من الصعب وصف بعض الأحداث بالاغتيالات لجهة عدم وجود أدلة كافية خاصةً فيما يتعلق بالحركات المسلحة لجهة أن عملها بالأصل خارج نطاق القانون، إلى جانب نشأتها وتكوينها بالأساس، مشيرًا إلى أنها كانت بدعمٍ من قبل بعض القوى العالمية لحماية مصالح تاريخية، لافتًا إلى أن التناقضات الثانوية أكثر دموية من الرئيسية، معللًا كثرة التصفيات داخلها لكون العلاقات والبنية الداخلية لها لا تقوم على تراتبيّة ولوائح محددة إلى جانب عدم تلقيها لتدريب عسكري وأنها تعتبر أداة من أدوات الصراعات وفرض الهيمنة ومن الصعب الحكم عليها.
ويعتبر الحاج أن الاغتيالات بوجهٍ عام تنم عن وجود قوى سرية في التنظيم لديها إمكانات مسلحة تخفيها عن الآخرين وأن النظم الشمولية تكثُر فيها التصفيات لجهة طبيعتها المغلقة ولغياب نظام العدالة فإنها تبقى محض اتهاماتٍ متبادلة.
ظاهرة تاريخية
على الرغم من تفشي ظاهرة الاغتيال السياسي بشكلٍ عام إلا أن مراقبين يرون أن التاريخ السياسي السوداني لم يشهد من قبل ظاهرة الاغتيالات السياسية إلا في الآونة الأخيرة، سيَّما بعد اندلاع الحرب بدارفور من قِبل الحركات المسلحة، وأنها ظاهرة عرضية لا تتكر كثيرًا وليست سوى إحدى تداعيات الأزمة في دارفور.
من جانبه يرى القيادي بالمؤتمر الشعبي أبوبكر عبد الرازق في حديثه لـ(السوداني) أمس أن أيّ عملية اغتيال خارج المحكمة هي عملية تصفية وأن الحوادث التي راحت ضحيتها قيادات سياسية كجون قرنق فإن الاتهامات توزعت بين الدول وقيادات داخل الحركة، نافيًا في ذات الوقت أن تكون هناك أيّ حالات اغتيال وتصفيات سياسية في السودان وأضاف: “يموت البعض أحيانًا في المعتقلات وتحت وطأة التعذيب وهو ما يبدو من الصعب أن يوصف بالاغتيال السياسي”.
الخرطوم: إيمان كمال الدين
صحيفة السوداني.