تحقيقات وتقارير

أذكى إوارها (تعديل قانونها المنظِّم) .. انتخابات 2020م .. استعدادات وجدالات مبكرة


برزت خلال الأسابيع الماضية، حمّى مبكرة للانتخابات العامة في البلاد، والمقرر إجراءها في أبريل من العام 2020 م. وتجلت أولى المظاهر، في إعلان أكثر من جهة نيتها الدفع بالرئيس عمر البشير، رئيس حزب المؤتمر الوطني مرشحاً لدورة رئاسية مدتها خمس سنوات.

بدورها أعلنت أحزاب معارضة رئيسة، في تحالف قوى الإجماع الوطني، مقاطعة مبكرة للانتخابات، بينما تطالب قوىً أخرى بتهيئة المناخ حال أراد الوطني الدخول في منافسة حقيقية.

وتحولت التعديلات المرتقبة على قانون الانتخابات إلى جدالات بين القوى السياسية، ويظهر ذلك بوضوح في الورش والندوات العامة، وفي التصريحات الصحفية.

تأييد ورفض

يقول الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني، د. عمر باسان، لـ(الصيحة) إن أبرز التعديلات أن يتم انتخاب الوالي بصورة غير مباشرة من داخل المجالس التشريعية الولائية لأول مرة، واصفاً الخطوة بأنها خروج عن المألوف، بجانب مقترح أن يكون التصويت لمدة (3) أيام ليتناسب مع التجربة السياسية للانتخابات.

وأضاف بأن هذه المقترحات وجدت توافقاً من الأحزاب ما يؤكد مضي حزبه مع بقية الشركاء السياسيين بحكومة الوفاق الوطني في إنفاذ العملية الانتخابية في توقيتها المضروب بحلول أبريل من العام 2020م. لا سيما و إن كان الشريك الأبرز للمؤتمر الوطني في الحكومة الحالية، حزب المؤتمر الشعبي قال على لسان أمينه العام، د. علي الحاج، في وقت سابق لـ(الصيحة) برفضهم لمسودة قانون الانتخابات لسنة 2018 لأنها تخالف مخرجات الحوار متهمًا المؤتمر الوطني بوضعها من دون مشورة القوى المشاركة في حكومة الوفاق، مشيراً لتمسكهم بذات الموقف.

وتابع (جمعنا القوى والأحزاب السياسية المشاركة واطلعناها على موقفنا، وسنقوم بمقاومة هذه المسودة مع بقية الأحزاب والقوى السياسية).

قصة الأغلبية المكانيكية

يؤكد باسان بأن حزب المؤتمر الوطني لن يلجأ لاستخدام الأغلبية المكانيكية بخصوص مسودة قانون الانتخابات فهو يعوّل على إجازتها بتوافق القوى السياسية كافة.

ذات الموقف أعلن عنه تحالف قوى الاصطفاف، الذي يضم 15 فصيلاً سياسياً على رأسهم (منبر السلام العادل، وحركة الإصلاح الآن) على لسان رئيسه، رئيس حزب حركة الإصلاح د. غازي صلاح الدين العتباني، رفضهم للقانون الذي دبر بليل دون أدنى اعتبار أو استشارة لقوى الأحزاب السياسية المشاركة بحكومة الوطني، ما يدلل على انفراد حزب المؤتمر الوطني بالقرار وحيداً، ليذهب إلى مجلس الوزراء ومن ثم إلى البرلمان مستغلاً في ذلك سلاح الأغلبية المكانيكية لتمرير القانون.

ملامح

كانت أبرز ملامح القانون إسناد مهمة تكوين مفوضية الانتخابات لرئيس الجمهورية عمر البشير مع استشارة القوى السياسية، وانتخاب الولاة عبر البرلمانات والمجالس التشريعية “المنتخبة” بالولايات فضلًا عن منح القوى السياسية خيار التكتل والدخول في قوائم مشتركة لخوض الانتخابات.

حيث اعتبر العتباني ما يحدث بالخروج على توصيات الحوار وعلى الممارسة السياسية السليمة، ناصحاً الحكومة بأن توقف فورًا إجراءات إجازة القانون بصورته الراهنة وتعود إلى منصة التأسيس لإصدار قانون يحقق الوحدة الوطنية وفق ما ذكر.

ويشير المحامي محمد الطيب عابدين، أحد ممثلي الحزب الاتحادي الديمقراطي في الحوار الوطني، إنه (بمجرد النظر إلى مشروع القانون يتضح بأنه قانون جديد كلياً شكلاً ومضموناً، فلا مجال لحديث البعض عن تعديلات محدودة لقانون الانتخابات لسنة 2008م). مردفًا بالقول (نص مشروع القانون الجديد – كسابقة – على تعيين رئيس المفوضية وأعضائها بواسطة رئيس الجمهورية فقط). مردفًا ( في تقديري أن يقوم رئيس الجمهورية بترشيح عدد ثلاثة أشخاص حسب المعايير الواردة في هذا القانون، بعد التشاور مع الأحزاب السياسية المسجلة قانوناً، ليتم عرض الترشيحات على الهيئة القومية التشريعية “المجلس الوطني ومجلس الولايات” ومن ثم طرحها- القائمة- للتصويت، على أن يعين الرئيس الشخص الحائز على ثقة الهيئة القومية التشريعية).

كذلك بالنسبة لعضوية مفوضية الانتخابات يرى عابدين أن يقوم رئيس الجمهورية بترشيح ضعف العدد المطلوب بعد التشاور مع الأحزاب السياسية المسجلة قانوناً، على أن تختار الهيئة القومية التشريعية بالتصويت من بينهم العدد المحدد في القانون، ثم يقوم رئيس الجمهورية بإصدار مرسوم جمهوري بتعيين رئيس وأعضاء المفوضية القومية للانتخابات، ذلك باعتبار أن رئيس الجمهورية مرشح ضمن المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية.

ويؤكد عابدين أهمية الوقوف على تجربة الجمع بين الموقعين التشريعي والتنفيذي في السودان كون التجربة الحالية شهدت فشلًا ذريعاً حد وصفه، هذا وإن نجحت في بلاد أخرى مثل بريطانيا التي تتبع نظام (الملكية البرلمانية) حيث ينتخب رئيس الوزراء من داخل البرلمان.

علاوة علي أن النائب البرلماني يمكن أن يكون وزيراً ويقوم بواجبات الموقع التشريعي ومهام المنصب التنفيذي في آن واحد، بعكس النواب الوزراء في السودان الذين تشغلهم وزاراتهم عن العمل البرلماني فيغيبون كثيراً عن جلسات البرلمان ولا يعرفون ناخبيهم إلا عند الانتخابات –هكذا يقول عابدين- مضيفاً أن النواب الوزراء يحابون زملاءهم الوزراء فلا يصوتون ضدهم ولا يتقدمون بطلبات استدعاء أو مسائل مستعجلة ولا يشاركون كثيراً في لجان البرلمان بحكم انصرافهم لأداء مهام المنصب التنفيذي، لذا فأن الأمر في حاجه للتدارك والمعالجة وهو بخلاف ما يصرح به قاده حزب المؤتمر الوطني بعقد الانتخابات في موعدها المحدد وعلى الأحزاب والقوى السياسية الاستعداد.

الخرطوم: الهضيبي يس
صحيفة الصيحة