حلاقة الشعر بين الموضة والتخويف!!
يعتبر الشعر زينة بالنسبة إلى الرجال والنساء، ومن فقدت شعرها أو لم يكن بالمستوى المطلوب استعاضت عنه بالشعر المستعار أو ما يُسمى (بالباروكة)، ولها أشكال وأنوع منها ذات الألوان السوداء أو الصفراء أو غيرها من الأنواع التي تستخدم كموضة في المناسبات المختلفة، أما الرجال الذين يتساقط شعرهم وهم في ريعان الشباب يحاولون استخدام الزراعة عسى ولعل أن يعود للشاب جزء من وجاهته، وحتى كبار السن أو نجوم المجتمع يحاولون الزراعة التي تكلف آلاف الدولارات، لكن في المجالات العسكرية فالشعر غير محبب بالنسبة لأفراد الشرطة أو القوات المسلحة، لا نعرف ما هو السر في إلزام العسكري أو الضابط بالالتزام بالحلاقة؟، ولا ندري من أين جاء هذا التقليد سواء في قواتنا أو في القوات المسلحة في العالم، ولم تقتصر عملية الحلاقة على أفراد القوات النظامية، حتى طلبة المدارس ملزمين بالحلاقة، كلما ازداد شعر الطالب بل تفرض عقوبة في حال عدم قص شعره في بداية العام أو في كل شهر، وهذا التقليد لا ندري من أين أتى إلى طلاب السودان، فمقبول لدى القوات المسلحة ولكن أن يكون إلزاما لطلاب المدارس فهذا تقليد لا مبرر له، فقد لاحظنا في كثير من مدارس العالم نشاهد تلاميذها وهم في أجمل صورة، والشعر كما ذكرنا فهو بمثابة جمال للشخص، فالشعر له موضات نلاحظها تظهر في كل فترة خاصة مع نجوم الفن والرياضة، وفي هذه الأيام نلاحظ كثيراً من الشباب وهم يقلدون قصة شعر اللاعب فلان الفلاني أو المغني فلان وهذه تسريحة اللاعب “كرستيانو” أو “ميسي” أو غيرهم من النجوم المحببين، في السودان نلاحظ كثيراً من المدارس تطالب التلاميذ بقص شعرهم وإلا سيعرضون أنفسهم للعقاب الصارم، لا ادري لماذا تركز المدارس على إلزام التلاميذ بقص شعرهم كلما أحس الأستاذ أن الطالب في حاجة إلى الحلاقة، وهذه الحلاقة أحياناً تسبب الخوف والرعب في قلوب التلاميذ، وسبق أن ذكرت أن طفلاً في مرحلة الأساس لم يتعدَ عمره الخمس سنوات، لاحظت المعلم والذي من المفترض أن يكون رحيماً عطوفاً بهذا التلميذ الصغير، الذي لا يعي لماذا هذه الحلاقة؟ رأيت الأستاذ قد أجلسه على الأرض، وأخرج موس حلاقة وبدأ يخوفه بقص شعره أن لم يلتزم في اليوم الثاني بالقص، وما زال هناك تلاميذ يصابون بالرعب والخوف إذا قيل لهم لابد أن يأتوا (حالقين) في اليوم التالي وإلا سيتعرضون إلى الضرب، وكم من تلميذ ترك المدرسة بسبب هذا التخويف، فالمعلم من المفترض أن يغذي ذهن الطالب بالعلم، ويجب ألا ينظر إلى صغار الأمور.. فالانضباط في حلاقة الشعر لا تعني أن هذا التلميذ متفوق في دراسته، على المدارس تغذية العقول وليس الاهتمام بحلاقة الشعر التي يكون بسببها فقد تلميذاً مميزاً، وأذكر في المدارس الابتدائية قبل تغيير السلم التعليمي، كانت نظافة الملابس الداخلية أو تفتيشها يوماً في الأسبوع يُعد من الأيام المرعبة للتلاميذ، خاصة وإن الأسر السودانية لم تكن ميسورة الحال، ولذلك كثيراً ما يكون التلميذ وهو صغير السن في حالة حرج شديد إذا فحصت ملابسه الداخلية ولم تكن بما يريده المعلم، ومازلت أرى مشهداً أمامي وكأنه اليوم، عندما طلب المعلم من التلاميذ رفع ملابسهم، وكان هناك تلميذ كنت أعرف حالة أسرته غير الميسورة أو الفقيرة جداً، فكانت الفنلة الداخلية التي يرتديها ممزقة وهو في هذه السن الصغيرة..
فلم يعرف المعلم وقتها حال أسرة هذا التلميذ، فما كان منه إلا أن أخرجه في الطابور وأنهال عليه بالسوط.. يا ليتني كنت في حالتي اليوم، لنبهت المعلم إلى حال هذا التلميذ، فقد كان الموقف سبباً في هجر التلميذ المدرسة إلى الأبد ولا أدري أين هو الآن؟ لذا على إدارات المدارس ألا تهتم بالأمور الثانوية، وعليها التركيز على الأهم حتى لا نفقد تلاميذ مميزين يكون لهم شأن في المستقبل.
صلاح حبيب – لنا رأي
صحيفة المجهر السياسي