تحقيقات وتقارير

أُدرجت أسماؤهم بكشوفات مرتبات الفساد الإداري.. بعض الموتى (يصرفون)..!!

جاء في صحف الخرطوم بالأمس أن شمال دارفور أماطت اللثام عن اكتشاف جهاز المراجعة القومي بالولاية إدراج أسماء متوفين ومتغيبين عن العمل بكشوفات المرتبات، وأشار مدير جهاز المراجعة القومي محمد أحمد النعيم إلى عدد من حالات الفساد الإداري منها الجمع بين وظيفتين والحصول على أكثر من مرتب، وكذلك عدم التنسيق بين إدارات شؤون العاملين والحسابات فيما يتعلق بالعاملين الذين يتركون الخدمة لأسباب مختلفة حتى يتم شطب أسمائهم من كشوفات المرتبات .

مخالفات بالجملة

وذكر النعيم أن جملة المخالفات المالية للفترة من 1 يوليو 2017 إلى الثلاثين من يونيو من العام الجاري بلغت171, 181, 14 جنيهاً مقارنة بالمخالفات المالية للفترة من 1 سبتمبر من العام 2016 إلى الثلاثين من يونيو من العام الماضي والتي كانت بمبلغ 17,289,054 ذاكرًا بأن النسبة انخفضت بنسبة 22% .

سوابق متعددة

لم يكن إدراج أسماء متوفين ضمن كشوفات المرتبات هي الحادثة الأولى من نوعها، فقد سبق أن كشف والي الجزيرة محمد طاهر إيلا – إبان تطبيق ولايته الحوسبة المالية في عام 2015 – عن ضبط تسع حالات لأناس يصرفون شهرياً مرتبات بأسماء موتى، كما كشف عن وجود 142 مرتباً وهمياً مودعة بالبنوك بأسماء عاملين لم يحضر أصحابها لاستلامها بعد أن تمت حوسبتها ومراجعتها وتحويلها ليتم صرفها عبر البنوك، كما أشار الوالي إلى وجود نحو مائة موظف يباشرون أعمالهم رغم عدم وجود مستندات تثبت شهاداتهم الدراسية التي تؤهلهم لتلك الوظائف .

مفصولون برواتب

وأشار تقرير المراجع العام إلى أن الأعوام 2012 و2013 شهدت فسادًا إدارياً كبيراً بولاية الجزيرة، مما نتج عنه استمرار عدد من العاملين في الولاية في صرف مرتباتهم رغم فصلهم من الخدمة، الأمر الذي دفع بعض أعضاء المجلس التشريعي للولاية إلى شن هجوم عنيف على السلطة التنفيذية بالولاية.

عدم محاسبة

وجود أسماء موتى ضمن كشوفات المرتبات يُصنّف ضمن قائمة الفساد الإداري، وفي هذا الصدد يقول القانوني نبيل أديب إن استشراء الفساد الإداري يرجع لعدم المحاسبة الإدارية، مشيرًا إلى وجود القوانين الرادعة ضد المفسدين، إلا أنها غير مفعلة، مضيفاً في حديثه (للصيحة) إلى أن أي دولة تريد نظاماً إدارياً قوياً وخالياً من الفساد الإداري لابد أن تتبع سبل الشفافية وأن تخضع عامليها للمحاسبة، وألا تمنح إدارييها ومسؤوليها السلطات المطلقة حتى يفسدوا، وأردف بالقول إن أي جهة إدارية يجب أن تقوم بدورها الرقابي كاملاً تجاه عامليها، وأضاف أديب أن الحصانات الكثيرة أيضا تؤدي إلى الفساد الإداري لأن حامليها يشعرون بأنهم فوق القانون ولا يستطيع أحد محاسبتهم، وعزا أديب كثرة ما يسمون بـ(القطط السمان) وما يمارسونه من فساد إلى عدم الشفافية وعدم وجود معلومات كافية عن نشاطهم، وعن القوانين التي بموجبها يحاكم المفسد إدارياً قال أديب إنه يمكن أن يحاسب الجاني بانتحال شخصية خاصة إذا كان الشخص يصرف مرتب متوفٍّ كما يمكن أن يُحاكم بالتزويروغيرها من المواد التي يمكن أن يُحاسب بموجبها.

وختم بالقول بأن كل هذه الجرائم عليها عقوبات أن هذه القوانين رادعة إلا أنها غير مفعلة وأن كثرة الجرائم تُعزَى إلى عدم محاسبة مرتكبي حوادث مماثلة مما يغري آخرين لذات الفعل.

استنزاف الدولة

على صعيد متصل، يقول الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي إن ما يحدث من ممارسات إدارية فاسدة مثل صرف مرتبات بأسماء موتى أو استمرار مفصولين في صرف مرتباتهم هو استنزاف لخزينة الدولة، وأضاف أن ذلك يعرض خزينة الدولة للإنهاك مما يدفع الدولة لفرض أساليب جديدة لإدخال الأموال لخزينتها مثل فرض الضرائب والأتاوات على المواطنين.

وقال الرمادي في حديثه (للصيحة): على الدولة أن تعمل على محاربة المفسدين إدارياً وأن يتربى الموظفون على القدوة الحسنة ومحاكمة المفسدين، مشيراً إلى أن الأساليب التي اتخذتها الدولة لمحاربة الفساد مثل الحوسبة المالية لن تجدي نفعاً لأن المفسدين سيطورون وسائل الجريمة، بل يأتي الحل في محاربة المفسدين حتى لا يرهقوا خزينة الدولة أكثر .

روشتة علاج

بالمقابل، عاد نبيل أديب وكتب روشتة لمعالجة الفساد الإداري، وقال إن العلاج للفساد الإداري الحاصل الآن يرجع لإعلاء مبدأ الشفافية والخضوع للمحاسبة، وأن يعرف الجميع بألا كبير على القانون، مضيفاً بأن الفوضى الإدارية هي التي أدت لهذا الفساد الإداري، مؤكداً أن القوانين الموجودة في الخدمة المدنية فاعلة، وهي مطبقة منذ زمان الإنجليز إلا أنها غير مفعلة بالصورة المطلوبة.

وختم أديب حديثه بأن الحوسبة المالية لن تلغي الفساد الإداري ما لم يتم تطبيق نظام المحاسبة الإدارية للعاملين وخضوع الدولة الكامل للقانون.

الصيحة