(مسار) اتهمهم بعدم تقديم مبادرات للحل وزراء (الوفاق الوطني).. نظرة من زوايا مغايرة
التحذير الذي أطلقه رئيس لجنة الصناعة والاستثمار بالبرلمان المهندس عبد الله مسار من انهيار وشيك بالبلاد بسبب جملة من المشاكل التي تعاني منها الدولة وهي الترهل الحكومي والفساد والبطالة والتهريب والنزاعات السياسية وطباعة العملة، يعد بمثابة نقراً لناقوس خطر قادم، فالقيادي البرلماني (مسار) نوه إلى عجز الجهاز التنفيذي عن معالجة ذلك الانهيار وأن هذه الحالة ستؤدي لانهيار الاقتصاد، قبل أن يصف الوضع الذي يعانيه المواطن بـ(الحاد) مع تأكيده بأن المعالجات التي وضعتها الحكومة أمنية متحسرا على قرارات الجهاز التنفيذي التي لا تنفذ على أرض الواقع، مستشهدا بقرار تقليل الإنفاق الحكومي الذي أصبح “شعاراً” فقط – على حد تعبيره.
( قاعدين ساي)
قدم مسار وصفة علاجية لما آل إليه الوضع الآن قائلاً إن الوضع الآن (زي الزول العندو سرطان وأدوه بندول)، وإن الدولة تصرف أموالاً طائلة على المؤتمرات الهامشية، وزاد بقوله: (أنا حاسي بأنو الناس الماسكين السلطة ديل ما حاسين بوجود أزمة)، مؤكدًا بأن المستشارين على المستوى الرئاسي لا يقدمون النصح للحكومة، واتهم مسار وزارء الحكومة بعدم تقديمهم مبادرات لحل الأزمة واصفاً إياهم بأنهم “قاعدين ساي”.
عدد مهول
وبلغ عدد وزراء حكومة “الوفاق الوطني” التي أعلنها الفريق ركن بكري حسن صالح في مايو من العام الماضي 74 وزيراً منهم 31 وزيراً اتحادياً و43 وزير دولة بالإضافة لنائب واحد لرئيس الجمهورية وأربعة مساعدين .. وسبق أن برر رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني تأخر الإعلان عن حكومته بكثرة المشاورات لاستيعاب العدد الكبير من المشاركين، بعدما رشح نحو 1500 شخص للمشاركة فى الحكومة، وقال إن ذلك دفع رئيس البلاد إلى أن يعبر عن صغر الكيكة .
نقد ذاتي
سبق أن مارس برلمانيون هجوماً على الحكومة بعد تنحيهم من الوزارات التي كانوا يشغلونها وتبوؤهم مناصب عليا بالبرلمان السوداني ومنهم وزير المالية الأسبق علي محمود، والذي انتقد أداء الحكومة لدى ترؤسه اللجنة الاقتصادية بالبرلمان مستنكرًا طباعتها للعملة مشيراً إلى أن ذلك سيؤدي لانهيار العملة الوطنية، وأقر محمود بوجود خلل هيكلي في الاقتصاد، مبيناً أن الزراعة تساهم بنسبة (30%) من الناتج القومي، بينما تساهم الصناعة بنسبة (20%) وتسهم الخدمات بنسبة الـ(50%) المتبقية، مشيراً إلى أن الاقتصاد فيه عجز في السلع ومدخلات الزراعة لذلك تلجأ الدولة لسده عبر الاستيراد، مشيراً إلى ضرورة أن تصل الزراعة إلى الإسهام بنسبة 50% في الناتج القومي، مشددًا على ضرورة الإنفاق على على الزراعة والصناعة، واستنكر محمود الاتجاه لاستيراد سلع يمكن إنتاجها داخلياً بجودة عالية.
تصريحات سابقة
ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها رئيس حزب الأمة الوطني أداء الحكومة، فقد فعلها بعد تنحيه من الوزارة وتقلده منصب رئيس لجنة الزراعة بالبرلمان حيث طالب بسحب الثقة عن الحكومة دون العمل بمعيار الأغلبية الميكانيكية للمؤتمر الوطني، واصفاً الحكومة بأنها أضعف حكومة تمر على الشعب مرجعاً ازدياد حالات الطلاق إلى الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد ضارباً بتصريحه القديم عرض الحائط والذي قال فيه “لا بديل للمؤتمر الوطني في حكم البلاد إلا المؤتمر الوطني”.
لفت الانتباه
أشار المحلل السياسي د. عمر عبدالعزيز إلى أن هناك عدداً من الوزراء عندما يكونون في الوزارة لا ينتقدون ولا يسمع لهم صوت ناقد إلا عندما يتحولون من الوزارة إلى البرلمان، لكنه أكد بأن مسار مختلف عنهم فهو له لهجته الحادة جداً في النقد بكلمات قوية مضيفاً بأن مسار تحدث عن انهيار الحكومة دون أن تكون لديه أي مؤشرات، وأشار عبد العزيز في حديثه لـ(الصيحة) إلى أن مسار تحدث حديثاً سياسياً للفت الانتباه، مضيفاً بأنه عدّد كثيراً من الأزمات ولكنها جميعاً لا تدل على (الانهيار الحكومي) الذي جاء دون مؤشرات دقيقة، مشيراً إلى أن الحكومة أحياناً تكون قوية وأحيانا تكون ضعيفة، ولكن منهارة تحتاج لإعادة نظر، مضيفاً بأن نقد مسار جاء بلهجة حادة .
موقف غير سليم
وعاب عبد العزيز ظاهرة النقد الحكومي لبرلمانيين فارقوا مناصبهم الوزارية، مشيراً إلى أن عبد الله مسار لم يكن وزيراً للمالية بعكس علي محمود الذي كان وزيراً للمالية ثم عاد لانتقاد خطل سياسات كانت موجودة بعهده، مؤكدًا على ضرورة أن يتخذ المسؤول الخطوة الصائبة عندما يكون في موقع اتخاذ القرار، لأن هذا البرلماني الذي فارق كرسي الوزارة يعرف تماماً السياسات التي كانت قائمة وقتها خاصة إذا نفذ هذا المنتقد سياسات شبيهة عندما كان في المنصب الوزاري .
واجب الاستماع
وختم عبد العزيز قوله بضرورة أن تستمع الحكومة لأي نقد موضوعي وأي نصح يقدم إليها بغض النظر عن قائله، وأن الذي يقدم النصح – أياً كان موقعه – قصد منه مصلحة الوطن لأن الحكومة إذا نظرت للنقد باعتبار أن قائله معارض أو كان وزيراً سابقاً فإنها لن تستفيد منه، مشدداً على أن أي انتقاد به رأي مفيد ونصح يجب أن يؤخذ به، وأوصى عبد العزيز المسؤولين بالدولة أن تكون صدورهم رحبة متقبلة للنقد وأن يتقبل كل من يكون في العمل العام الهفوات والانتقادات التي تأتيه من المواطن أو الصحفي أو برلماني أو أياً كان وضعه.
واجب أصيل
بدوره أشار المحلل السياسي د. صفوت فانوس إلى أن انتقاد عبد الله مسار للحكومة يأتي من صميم واجبه كبرلماني يمارس سلطة رقابية على السلطة التنفيذية، مضيفاً أن البرلماني لأبد أن يسأل الحكومة على ما تشهده البلاد من أزمات ابتداء من عودة صفوف الخبز وارتفاع الدولار كل يوم مقابل الجنيه السوداني وغيرها من الأزمات الموجودة بالبلاد. وأضاف فانوس في حديثه لـ(الصيحة): أما إذا كان لمسار وزراء في الحكومة فالوضع هنا يختلف فعليه أن يسحب وزراءه فوراً من الحكومة ما دام أن الوضع لا يعجبه.
الخرطوم : نجاة إدريس
صحيفة الصيحة