في كل صباحٍ تطالعنا وسائل إعلامنا المحلية المقروء منها والمريئ والمسموع عن إعلان السلطات الأمنية لإنتصاراتها الزائفة عن ضبط كميات مُهربة من الذهب !
وهذا لعمري ما يفقع مرارتنا و يثير الشفقة والحزن بالطريقة التي يُدار بها إقتصاد البلد، فبدلاً عن حل جذور أسباب المشكلة تهدر الحكومة طاقاتها في “أعراض” المرض وتتجاهل المرض نفسه المُسبب فعلاً للورم !!
كمثل من يحارب طواحين الهواء .
ومن المؤسف جداً عدم إستغلال السودان لثروته من الذهب بالطريقة المُثلى، بسبب السياسة الفاشلة للبنك المركزي في التعامل مع هذه الثروة، التي تعد المورد الرئيسي للعملة الصعبة في بلادنا منذ إنفصال الجنوب عنا في العام 2011 ليصل إنتاجه الفعلي إلى أكثر من 4 مليارات دولار سنوياً لا يدخل منها للخزينة الخاوية سوى 1.15 مليار دولار فقط ويتسرب أكثر من 75% من إنتاجه الفعلي كبخار الماء من بين يديه !
أليس ذلك ما يُدمي القلب و ويحرق أحشاءنا ويثير الوجع !
على السلطات الأمنية أن تحتفظ بإنتصاراتها الزائفة على التهريب لـ “نفسها”، فما يتم ضبطه ليس سوى قمة جبل الجليد لذر الرماد في العيون، أما ثروتنا من هذا المعدن النفيس تذهب طائعة مُختارة بسبب سياسات أهلها الطاردة لدول مجاورة وغير مجاورة لتبني بها إقتصادياتها بينما أصحابها يموتون بالفقر والمرض !
سياسات خرقاء في التعامل مع أهم ثروة إستراتيجية نأتي فيها في المرتبة الثانية إفريقياً بعد جنوب إفريقيا كأكبر بلد مُنتج للذهب، وقد حبانا الله بها ولكننا من المؤسف أن نجهل حُسن إدراتها وإستغلالها والتصرف فيها حتى أصبح حالنا كـ “قاصر” مُبدداً لِما ورِث !
ليس هناك حلاً أمثل لمكافحة التهريب سوى إنشاء بورصة للذهب تتعامل بالسعر العالمي وهذا طبيعي في أهم دولة مُنتجة في العالم لهذا المعدن، الأمر الذي سيحفز المنتجين والذين يشكل القطاع الأهلي منهم 80% من الإنتاج، على البيع للبنك المركزي وتفادي هذا النزيف لثروتنا الذي أهلك الخزينة العامة وأصابها “بالأنيميا” التي من أعراضها هذا الجنون اليومي لسعر الدولار وتزايد الأسعار و نهب المواطن بالجبايات.
وطوال ما كان هناك فارقاً في السعر ما بين الداخل والخارج ستستمر ثروتنا في الهروب عبر منافذ حدودنا ليستفيد منها غيرنا ، مُلاقياً لها بالقُبل والأحضان، بينما يكتوي أهلها في السودان.
والله المستعان
بقلم
ابومهند العيسابي
