مندوب الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن الدولي، في حديثه بجلسة المجلس الخاصة بالسودان التي انعقدت يوم الاثنين ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٥م، تحدث بلغة فيها كثير من التعالي، وكال الاتهامات للقوات المسلحة السودانية، وساوى بينها وبين المليشيا عندما قال في كلمته: طرفي النزاع، وقال إن الجيش السوداني استخدم أسلحة كيميائية في الخرطوم خلال هذه الحرب!
هذه الجلسة الخاصة بالسودان، والتي خاطبها رئيس الوزراء الدكتور كامل الطيب إدريس، قدم فيها مبادرة شاملة لوقف إطلاق النار وتوصيل المساعدات الإنسانية لمستحقيها. كان على الولايات المتحدة الأمريكية أن تعمل على دعم الرؤية السودانية التي جاءت متكاملة، ولكن الأمريكيين يريدون حلًا أمريكيًا خاصًا بالسودان على منوال ما تم في شرم الشيخ بشأن قطاع غزة، ويكون هذه المرة بحضور حاكم الإمارات لتطبيب على جراح السودان ومسح كل الجرائم التي قامت مليشيا الدعم السريع بارتكابها في حق الشعب السوداني في الهلالية وود النورة ومدني والخرطوم، ثم الفاشر التي لا تُنسى ولا تُمحى من الذاكرة الإنسانية والوطنية، وقد سالت دماء الأبرياء ودموعهم أنهارًا. وقد تم كل هذا الجرم العظيم بدعم من الإمارات وغيرها من الدول ذات العضوية في الأمم المتحدة، كما قال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط في كلمته أمام المجلس في ذات الجلسة المخصصة للسودان.
الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن تُخرج حرب السودان وقضية شعبه العادلة من الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة (المنظمات الدولية) التي تتعاون معها الدولة السودانية، إلى حل ثنائي يقوده الرئيس الأمريكي ترامب بمبادراته التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع. بناءً على ميثاق الأمم المتحدة الذي يدعو الدول والحكومات إلى المساهمة في تعزيز السلام العالمي والإقليمي عبر الأمم المتحدة، ظل السودان يتعاون مع الأمم المتحدة.
منذ نشوب الحرب المفروضة على الشعب السوداني بتاريخ ١٥ أبريل ٢٠٢٣م، درجت الحكومة السودانية على إطلاع الأمم المتحدة ومجلس الأمن على تطورات الحرب وإطالة أمدها بالدعم الذي تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة لمليشيا الجنجويد عبر تشاد وجنوب السودان وأرض الصومال، من خلال شحنات الأسلحة عبر الجو من هذه الدول إلى مطار نيالا التي تحتلها المليشيا المتمردة، والتي ارتكبت فظاعات ضد المدنيين السودانيين في الجنينة ونيالا والفاشر وكادوقلي، التي شهدت قصف المليشيا لمقر البعثة الدولية في عاصمة ولاية جنوب كردفان، راح ضحيتها عدد من الجنود العاملين ببعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب كردفان. وتمت إدانة المليشيا من قبل الأمم المتحدة، التي بدورها شكرت القوات المسلحة السودانية لما قامت به من خدمات الإسعاف ودفن الجنود القتلى في كادوقلي.
المبادرة السودانية التي قدمها رئيس الوزراء وجدت إشادة من المراقبين والمهتمين بالشأن السوداني، وخاصة مصر وروسيا والصين والجزائر، وهي مبادرة يمكن البناء عليها بدعم المجتمع الدولي الحقيقي الذي تقوده الأمم المتحدة، وليس المجتمع الدولي الذي تقوده الإمبريالية العالمية والصهي-ونية ودويلة الشر المتآمرة ضد السودان وشعبه.
وختامًا، مهما تعددت المبادرات والمنابر، إلا أن وقف الحرب وتحقيق السلام العادل والدائم بيد الشعب السوداني، الذي عليه أن يدعم قواته المسلحة من خلال المقاومة الشعبية والمستنفرين للقضاء على المليشيا المتمردة وتحقيق الأمن والاستقرار في ربوع الوطن العزيز.
د. حسن محمد صالح
