خواطر اثيوبية .. ويتواصل رحيل الكبار في بلادي .. وداعا سمنجو

رحيل الافراد شئ يتوقعه الجميع ، ولكن احيانا عندما تفجع امة في شخص كانت تتوقع منه ان يقدم لها العديد من الجهود،فليس هناك من هو كبير على الموت، فهو قدرنا كلنا كبشر .

رحيل رمزمن رموز اثيوبيا ومن الذين كانت لهم بصمات كبيرة ،فاجعنا كلنا وكل اصدقاء اثيوبيا ، كان يجول ويحوم في تلك الفيافي ،حاملا على اكتافه عبئا ثقيلا ، الا وهو حلم المواطن الاثيوبي ،الذي كان الجميع يرون ان سمنجو هو احد صناعي هذا الحلم ،عقب الانتهاء من هذا الصرح الكبير ،الرجل الذي استقر بعيدا عن اسرته واصدقائه ، من أجل ان يحقق الحلم الاثيوبي ،رغم الصعاب وحرارة الطقس في منطقة قوبا ،باقليم بني شنقول قمز بغرب البلاد ، الا ان سمنجو كان سعيدا وهو يحاول ان يكون احد جنود الوطن في البناء والتعمير والتنمية ،كان يستقبل الكل مهنيين ومسؤولين وطلاب ، ويقدم الشرح لكل صغيرة وكبيرة لهذا المشروع ويسير ويترجل داخل هذه البقعة، التي سيكون لها تاريخ سيسجل في تاريخ الهضبة القادم،ماوجدت شخصا من داخل البلاد او خارجها والا تحدث عن بشاشته واريحيته وكرمه وابتسامتها وترحيبه بالضيوف ، دون كلل او ملل ، احيانا تجده ينسي نفسه وحياته الخاصة وهو يعمل ليلا ونهارا ،في هذا البقعة من الارض الطيبة ،ولم يحتفل بعيد ميلاده او لم يقم بالتنزه يوما مع اسرته ، لان اسرته الكبيرة كانت جل اهتمامه ، وهي الامة الاثيوبية والتي كان يعمل لاجل راحتها ،وكان سعيدا وهو يعمل وسط تلك البيئة التي تضم الالاف من العمال والمهنيين الذين يعتبرهم اهله وابنائه ،لايعرف ساعات النوم المنتظمة ولا وجبات منتظمة ، يمشي ويجول وسط الاسمنت والالات ،ليتاكد من سير العمل بالصورة الصحيحة، ولم تؤثر فيه كل الاشعاعات التي اطلقت حول المشروع ،وفي الاخر تجد يحاول طمأنت الجميع حول سير العمل .

المهندس سمنجو بقلي موته لان يغير شيئا في سير النهضة الاثيوبية التي تواجه العديد من العراقيل ، وهذه البلاد التي قدمت العديد من الابطال، فالام الاثيوبية ستنجب مليون سمنجو اخر لاكمال هذا الصرح الكبير ،فكم فقدنا من ابطال وشخصيات وهذه سنة الحياة ان يموت شخص ويولد شخص .

هذا الرجل رحل وترك ارثا ثقيلا ، لاصدقائه في موقع السد الكبير ، اعتقد ان الجميع يتذكرون احاديثه لوسائل الاعلام عن العمل في الموقع ، وخاصة حركته ابان الاحتفالات الستة التي مرت بمناسبة تدشين السد ،وهو يجول ويشرف على استقبال الضيوف وراحتهم ،ونحن الاعلاميين كانت لنا تجربة طويلة خلال زيارتنا المتكررة للسد ،ونجده دوما يستقبلنا بابتسامة عريضة ويرد على كل اسئلتنا حتي بعض الزملاء الذين يحاولون ان يقدموا اسئلة قد تكون محرجة احيان عن حياة العمال والموقع وسير العمل،ولم نراه يوما ما يتزمر او يكشر لاحد منا ،رحل رجل من رجال الوطن المخلصين الذي قدما حياته وجهده لوطنه .

لك التحية المهندس سمنجو بقلي ، ارقد بسلام ولن تنساك جموع الاثيوبيين ،وكل من التقاك يوما ما في ذلك الموقع ، تزكرت خلال لقاء لي مع وزير الري المصري السابق حسام مغازي وحول زيارته لموقع سد النهضة الاثيوبي قالها لي صراحة :” (راينا ان من يقف على العمل الفني في السد شخص له خبرة فنية عالية ) وكان يقصد المهندس سمنجو بقلي .

اعتقد ان رصاصة الغدر لم تصب سمنجوا ، بل اصابت التنمية الاثيوبية والتي لن تتوقف،رحل وخلد اسمه في تاريخ اثيوبيا الحديث ، وهو يعد الجميع ان السد سيكون صمام الامان لمحاربة الفقر في البلاد ،وكان يحاول ان يقنع الجميع ان السد ليس الا لتحقيق التنمية التي ينشدها الاثيوبيون ،لك التحدية التقدير الراحل المهندس سمنجو بقلي ، تحية وسلام وتقدير .
لن ننساك ابدا

انور ابراهيم ابراهيم
اديس اببا – اثيوبيا
*كاتب اثيوبي

Exit mobile version