ضياء الدين بلال

غندور وعرمان (نصائح المعلمي)!


[JUSTIFY]
غندور وعرمان (نصائح المعلمي)!

خيراً فعلت الحكومة، حينما قررت أن تتجاوز عقدة التفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال.
وأفلحت الحكومة كذلك في تجاوز العقدة الأكبر، حينما قبلت بترؤس ياسر عرمان وفد الحركة، رغم ما تُكِنُّه للرجل من مشاعر سالبة.
التفاوض في العادة يتم مع الخصوم لا مع الأحباء. تعذر التفاوض يعزز خيارات الحرب ويستديم المأساة.
ربما كانت نجاعة التقديرات السياسية في وقت مضى، قادرة على تجنيب البلاد والعباد مرور كل هذه الدماء من تحت جسر الوطن!.
(ربما) هذه قد تكون من أخوات الشياطين، في مقام (لو) التحسرية، فلندعها جانباً.
قالها الروائي باولو كاويلو من قبل: (لا يغرق المرء لأنه سقط في النهر، بل لبقائه مغموراً تحت سطح الماء)!
-2-
اختيار بروف/ إبراهيم غندور لرئاسة وفد التفاوض هو المتغير الأكثر أهمية.
غندور سياسي متقد الذهن بغير حدة، ونقي القلب بغير غفلة، يجيد فن التواصل مع الآخر البعيد، ويستطيع ببصارة وحكمة طبيب الأسنان كسب ثقة الأعداء.
لغندور مقدرة استثنائية على امتصاص المفاجآت وتشكيل ردود الأفعال في الوقت والمكان المناسبيْن.
-3-
قبل ساعات من انطلاق جولة التفاوض بأديس أبابا، أودُّ أن أشرككم معي في قراءة ماتعة، لما أورده الكاتب السعودي عبد الله بن يحيى المعلمي، في عموده بصحيفة (المدينة) أمس، تحت عنوان: (عشر قواعد للتفاوض الناجح)، وهي قواعد منقولة من كتاب لدكتور فرنسيس دينق، المندوب الدائم لجمهورية جنوب السودان لدى الأمم المتحدة، جاء فيها:
أول مبادئ التفاوض الناجح: أنه في كل النزاعات لا يوجد حق مطلق أو باطل مطلق، وأن على كل طرف ألا يسعى فقط إلى تفهم وجهة نظر الطرف الآخر، بل إن عليه أن يبين بجلاء أنه حريص فعلاً على ذلك.
المبدأ الثاني: هو الإفصاح عما في الخواطر؛ فكتمان المشاعر واحتباسها يؤدي بها إلى أن تعاود الظهور وربما الانفجار.
المبدأ الثالث: هو الحفاظ على ماء الوجه للطرف الآخر، بل وحتى إظهار الاحترام له بالقدر المناسب؛ فتبادل الإهانات والشتائم، ومحاولة إحراج الخصم وحشره في الزاوية، لا يؤديان إلا إلى زيادة تشبث كل طرف بموقفه، ويجعل من التنازل رديفاً للهزيمة والانحسار.

المبدأ الرابع: هو الإصغاء وإتاحة الفرصة أمام كل طرف لقول ما لديه، والحرص على أن يكون الإصغاء مقروناً بمحاولة الفهم.
المبدأ الخامس: هو عدم التركيز على الماضي وحكاياته، فمع أن المنظور التاريخي مهم لتفهم أسباب الخلاف وإدراك وسائل التعامل معه، إلا أنه ينبغي ألا يظل أطراف النزاع أسرى للماضي، وعليهم أن يتطلعوا إلى المستقبل بأسلوب بنّاء وإيجابي.
المبدأ السادس: على الوسيط ألا يكون متحيزاً، وإذا كان الوسيط معروفاً بقربه من أحد طرفي النزاع، فإن عليه أن يبدي اهتماماً خاصاً بتفهم مواقف الطرف الأبعد والحرص على استيعابها، وعدم التحيز لا ينبغي أن يعني الحياد المطلق، فالوسيط عليه أن يعبر عن وجهة نظره في الوقت المناسب، وأن يبين لطرف أو لآخر عدم معقولية موقفه أو مطالبه تجاه هذا الموضوع أو ذاك.
المبدأ السابع: على الوسيط أن يكون صبوراً في الاستماع إلى وجهات نظر الطرفين، وعليه أن يتدخل أحياناً لشرح موقف أحد الطرفين وإيضاحه للطرف المقابل.

المبدأ الثامن: هو أن على الوسيط أن يمتلك أدوات الضغط الملائمة على الطرفين، وألا يتردد في استخدامها بين آنٍ وآخر.
المبدأ التاسع: هو أنه مع أن الطرفين المتفاوضين يمثلان مواقف رسمية للجهات التي يمثلانها؛ إلا أن مهارة المفاوضين تتمثل في قدرتهم على الإبداع الخلاق في كيفية صياغة هذه المواقف، بما لا يخرج عن إطارها، وفي الوقت ذاته يكون أكثر قبولاً لدى الطرف الآخر.

آخر هذه المبادئ: هو أن نتيجة المفاوضات ينبغي أن تشتمل على مكاسب للطرفيْن، وأن نجاح المفاوضات هو النصر الحقيقي لهما، ولا ينبغي لأيٍّ من الطرفين أن يسعى إلى التباهي بأنه قد حقق نصراً على نظيره المقابل.
[/JUSTIFY]

العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني