تحقيقات وتقارير

تنتظر تحالفا بين “دولتي السودان” وساطة جوبا .. المضي في تحقيق سلام بالمنطقتين


خطوة وصفها كثيرون بأنها لا تنفك عن الفهم المشترك “لدولتي السودان” الأمر الذى جعل الرئيس سلفاكير يقول إنه مستعد للتوسط بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة أسوة بوساطة الرئيس البشير والتى نجحت في لم شمل الأطراف المتناحرة بدولة جنوب السودان . واستحسن مراقبون الخطوة وقالوا إنها سوف تقرب الشقة بين الحكومة والحركات وتنهى أزمات ومعاناة طويلة ظلت ترهق أهالي المناطق التي تشهد صراعات رغم أن بعضًا من العارفين ببواطن الأمور يشترطون أن تقوم حكومة جوبا بإبعاد الحركات المسلحة أولًا من أراضيها قبل أن تتوسط في عملية السلام بين الطرفين. وفي تقدير كثير من المراقبين يرون أن المرحلة المقبلة ستشهد حراكًا سياسيًا على أعلى المستويات بين دولتي السودان ربما يثمر بتحالفات قوية نظرًا لوضع المنطقة والتي بدأت تتسم بروح لم الشمل في مواجهات التحديات التى تواجه القارة الإفريقية خاصة بمنطقة القرن الإفريقي ودول شرق إفريقيا.

رد الجميل

ومن هذا المنطلق فقد توصل رئيس دولة جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، إلى إن استمرار الحرب في السودان لن يحقق الأمن والاستقرار ولن يجعل اتفاق السلام بينه والمعارضة الجنوبية يصمد كثيرًا ولهذا أبدى رئيس جمهورية جنوب السودان رغبته في لعب دور إيجابي لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتحاربة في السودان. وقال كير في حديثه لعدد من الصحفيين من جنوب السودان بجوبا الأول من أمس- الجمعة – إنه مستعد للتوسط بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة التي تحارب الحكومة في النيل الأزرق وجبال النوبة ودارفور من أجل تحقيق السلام.

وأشار إلى أن تحقيق السلام في جنوب السودان واستمرار الحرب في جمهورية السودان لا يحقق الاستقرار الكامل، مبينًا إن اتهامات الخرطوم لجوبا بدعم الحركات المسلحة السودانية تسببت في عدم توسط بلاده في الفترات الماضية.

أهمية وساطة جوبا

تأتي أهمية وساطة رئيس دولة جنوب السودان في أن الحركة الشعبية قطاع الشمال كانت جزءًا من قوات الجيش الشعبي عندما كان السودان موحدًا وكانت تقاتل مع الجنوبيين ضد القوات المسلحة وبعد انفصال الجنوب في العام 2011 ظلت قوات الشعبية مرتبطة بدولة الجنوب بل تتلقى رواتب جنودها من جوبا كما أن بعض الحركات المتمردة في دارفور أيضًا لديها علاقات قوية مع جنوب السودان وقد اتهمت الخرطوم مرارًا جوبا بإيواء الحركات المسلحة ودعمها وشن الهجمات انطلاقًا من أراضي دولة الجنوب.

جولات تفاوضية

تكررت المفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال في جولات عديدة وظلت تتعثر دائمًا حيث لم تستطع الآلية الإفريقية برئاسة ثامبو أمبيكي في إحراز تقدم ملموس في هذه المفاوضات الماراثونية بين الحكومة والحركات المسلحة في جميع جولات التفاوض الماضية وعلى الرغم من توقيع الأطراف على خارطة الطريق في أغسطس من العام 2016 إلا أنه لم يطرأ جديد بشأن إنهاء الأزمة بين الأطراف المتصارعة، وحدث استقرار كبير في ولايات دارفور التي كانت تشهد حربًا منذ العام 2003. أما جنوب كردفان والنيل الأزرق فتقاتل فيها الحركة الشعبية قطاع الشمال التي كان ينتمي مقاتلوها للحركة الشعبية لتحرير السودان قبل انفصال الجنوب.

مد جسور التواصل

ولهذا، سعت الحكومة السودانية، لخلق علاقات جيدة مع جنوب السودان، لتمارس الأخيرة ضغطًا على الحركات المسلحة للدخول في العملية السلمية في السودان، حسب عدد من المراقبين باعتبار أن حركات التمرد في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق لديها ارتباطات وثيقة بحكومة الجنوب.

طرد الحركات أولًا

أكد السفير الرشيد أبوشامة أن وساطة رئيس دولة جنوب السودان مع السودان والحركات المسلحة لن تحل المشكلة مطلقا، وقال في حديثه لـ”الصيحة” أمس سبق وأن قدمت حكومة جوبا كي تكون وسيطًا لأجل حل مشكلة الحكومة السودانية مع الحركات المسلحة ولم تلتزم بها. وأضاف” إذا كان الرئيس سلفاكير جادًا في إيجاد حل لمشكلة السودان مع الحركات المسلحة عليه طردها فورًا من الأراضى الجنوبيه وعدم تقديم الدعم لها “. وقال” لن تقبل الحكومة بفتح مسار تفاوضي جديد مع الحركات المسلحة فهي ملتزمة باتفاقية الدوحة بخصوص حركات دارفور المسلحة”. واعتبر أبوشامة حديث سلفاكير عن الوساطة هو نتاج ردة فعل لجهود الخرطوم في وساطتها بينه والمعارضة الجنوبية. وأضاف” إذا كان سلفاكير جادًا لأجل السلام والاستقرار في السودان عليه سحب الفرقتين التاسعة والعاشرة من ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق فورًا “.

أس المشكلة

وتعتبر واحدة من الأسباب في استمرار الحرب في ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق هي في وجود الفرقتين التاسعة والعاشرة اللتين أصبحتا بمثابة شوكة حوت، كما أن فك الارتباط بين هاتين الفرقتين والجيش الشعبي كان يفترض أن يكون ضمن الترتيبات الأمنية التي انسحبت بموجبها القوات المسلحة من الجنوب.

ترحيب

وفي ذات الاتجاه رحب منبرالسلام العادل بمبادرة رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت بشأن التوسط بين الحكومة والحركات المسلحة، وقال نائب رئيس منبر السلام العادل، العميد م.حسن التوم الخضر، نرحب بهذه الخطوة الهامة والتي تسهم في الأمن والاستقرار لكلا البلدين، وأضاف قائلًا” ماقدمه السودان لأجل لم شمل الفرقاء الجنوبيين متجاوزًا لكل آلامه يسهم في إيقاف نزيف الدم في دولة الجنوب”، وتلى الآية “وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ”، وقال ” نأمل أن تنجح هذه الوساطة لأن الحركة الشعبية قطاع الشمال هي جزء لايتجزأ من الحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب وهي التي تقدم لهم المأوى والسلاح” ، مؤكداً بأن سلفاكير يملك كل كروت الضغط على الحركات المسلحة وإخضاعها للجنوح للسلام مع الخرطوم، وقال إن حرب العصابات التي تمارسها هذه الحركات لايمكن حسمها الا بالتفاوض والحوار.

الخرطوم : عبدالهادى عيسى
صحيفة الصيحة