تحقيقات وتقارير

كونفدرالية القرن الأفريقي.. مقترح “الترابي” “لأفورقي” هل يجد أذناً صاغية


“عثمان السيد” يقدم خلاصة تجربته في ندوة مركز السودان للبحوث والدراسات الإستراتيجية

ضباط مخابرات سابقون وخبراء وسفراء وأكاديميون تداعوا إلى قاعة مركز السودان للبحوث والدراسات الإستراتيجية ليلة (الأحد) الماضي يستمعون إلى سفير السودان الأسبق بدولة إثيوبيا “عثمان السيد”، أحد خبراء المدرسة الأمنية والدبلوماسية السودانية بإثيوبيا منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، وإلى منتصف العشرية الأولى من القرن الحالي.
شغل “عثمان السيد” منصب مدير الأمن الخارجي في السنوات السبع الأخيرة في حكومة الرئيس الراحل “جعفر النميري”، أتاحت له معرفة خبايا وكواليس مسار الأحداث بدول الجوار، وتأثير تقاطع المصالح الإقليمية والدولية في منطقة القرن الأفريقي، على وجه خاص علاقة إريتريا وإثيوبيا بالجار السوداني في الماضي والحاضر والمستقبل.
السفير “عثمان السيد” وجد نفسه في مصيدة الأسئلة الكثيرة حول ماذا يحدث في القرن الأفريقي؟ بعد أن وقعت إثيوبيا وإريتريا في التاسع من يوليو الماضي اتفاقية الإعلان المشترك للسلام والصداقة، لانهاء الحرب بين البلدين، وجاءت الاتفاقية لتتوج القمة التي جمعت الرئيس الإريتري “أسياس أفورقي” ورئيس الوزراء الإثيوبي “أبي أحمد” في العاصمة الإريترية أسمرا. وتتضمن الاتفاقية الموقعة خمس نقاط شملت عودة العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات، وفتح الاتصالات بين البلدين، وفتح الأجواء الإريترية الإثيوبية، واستخدام إثيوبيا الموانئ الإريترية، بالإضافة إلى وقف كافة أشكال التحركات العدائية.

وكبادرة حُسن نية أعلنت إثيوبيا انسحابها من بلدة بادمي والمناطق الحدودية المتنازع عليها مع إريتريا تنفيذا لقرار أصدرته عام 2002 لجنة تدعمها الأمم المتحدة بشأن ترسيم الحدود بين البلدين.

السفير “عثمان السيد” قدم إفادات عن تداعيات الأحداث في المنطقة بعد المصالحة الإثيوبية الاريترية خلال الندوة التي رصدتها (المجهر) وتقاطعات المصالح الدولية في منطقة القرن الأفريقي من خلال الصراع الخفي بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين ودول أخرى ذات مصالح خفية ومرئية في المنطقة، وقال “عثمان السيد” هنالك تضارب في المصالح وصراع تاريخي في منطقة البحر الأحمر مثلا مصر تعتقد أن الأمن القومي المصري البحري يمتد من قناة السويس إلى باب المندب ويشمل ذلك الحدود البحرية لكل من دول إثيوبيا وإريتريا والصومال.”

وأسهب السفير “عثمان السيد” في شرح الأوضاع التنظيمية المكونة للائتلاف الإثيوبي كحزب حاكم في البلاد، وقدم تحليلا سياسيا للمستقبل، مشيرا إلى تهميش قومية التقراي، وأضاف بالقول: التنظيم الفيدرالي الإثيوبي كون ارضاء للقوميات في بداية الثورة الإثيوبية، وإن التغييرات التي حصلت في جهات عديدة تشير إلى أن هنالك تنظيمات ضد التقراي، نظمت نفسها في الداخل قبل الخارج للتخلص من قبضة التقراي، ثمة تعقيدات في المشهد السياسي تظهر كل يوم، فهنالك قائمة تغيير جديدة تظهر في إثيوبيا.”
وأوضح السفير “عثمان السيد” أن رئيس الوزراء الإثيوبي “أبي أحمد” يستمد قوته في الحكم بإجراء التعديلات التي اعتمدها منذ مجيئه، وقال إن “أبي أحمد” يجد الدعم من فصائل ثلاثة، الأرومو وتكتل أحزاب الجنوب والأمهرا، ولأول مرة يشعر التقراي بالتهميش.”

وفيما يتعلق باستمرار الوضع في إثيوبيا، قال أشك أن يستمر الوضع الحالي، وعبر عن خشيته من أن لا يكون هنالك توافق، وأشار إلى أن المتابعين للملف الإثيوبي من ضباط المخابرات الموجودين هنا يعرفون طبيعة الأرومو وحتى المتعلمين منهم الذين تعلموا من الكنائس لديهم وجهة نظر مختلفة.”

وأشار “عثمان السيد” إلى أن الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي “الأمين عبد الرازق” واحد من بين العالمين ببواطن الأمور، (المجهر) سألت “الأمين” عقب الندوة، فرد “الأمين عبد الرازق” بالقول على تأثير المصالحة الإثيوبية الإريترية على السودان بضرورة فتح السودان الحدود مع إريتريا، ورفع حالة الطوارئ في ولاية كسلا، لجهة أن الوضع الجديد بين إثيوبيا وإريتريا سيؤدي إلى تطور هاتين الدولتين اقتصاديا ونتوقع أن يوقع عقد بين أسمرا وأديس أبابا لفتح ميناء عصب أمام الواردات والصادرات الإثيوبية وهذا سيضيف دخلاً أكبر للتنمية الموجودة في إثيوبيا وتصبح السلع رخيصة جدا مقارنة بدخولها عبر جيبوتي، وأفاد أن السلع الإثيوبية مخطط لها أن تأتي عبر ميناء بورتسودان بدأ أم أن ذلك لم يتم.
وأضاف:” اتوقع أن تنهض اريتريا اقتصاديا لأن عدد سكانها لا يتجاوزون (4) ملايين نسمة، مثل عدد مواطني محلية أمبدة بولاية الخرطوم، وعندما يستقبل ميناء عصب التجارة الإثيوبية سيأتي دخل كبير جدا من العُملات الأجنبية للخزينة الإريترية وسينعكس ذلك على الاقتصاد الإريتري.”

ويستبشر “الأمين عبد الرازق” المتخصص في القرن الأفريقي بازدهار في حال عودة علاقة السودان واريتريا ويزيد بالقول:”
إذا انفتحت علاقة السودان مع إثيوبيا واريتريا سيكون السودان أكبر المستفيدين خاصة مع دولة اريتريا لأنها تستهلك كميات كبيرة من الإنتاج السوداني في مجال الثروة الحيوانية وكثير من السلع في الشرق تذهب إلى اريتريا، وإذا تأخر السودان في إصلاح العلاقة مع دول الجوار سيحل آخرون مكانه في الدولتين.”

ويرى أن التدخل السعودي أو الإماراتي في المنطقة لا يقف بوجه تقوية السودان علاقته مع اريتريا وإثيوبيا، وأشار إلى أنه من أنصار كونفدرالية القرن الأفريقي، ففي جامعة أسمرا عام 2005 طرح الشيخ “حسن الترابي” كونفدرالية القرن الأفريقي، أن تتكامل دول المنطقة تحت مُسمى اتحاد دول القرن الأفريقي، وقال على السودان أن يدفع بطرح الفكرة، لجهة أن عدم التحرك في منطقة القرن الأفريقي سيكون له أثر سالب على السودان، خاصة إذا كانت علاقتنا سيئة مع اريتريا، فالمنطقة تشهد صراع محاور من خلال التحركات الأمريكية والروسية والتقاطعات الخليجية والتركية ولابد أن من إستراتيجية واضحة لهذه القضية ويمكن أن تنتقل صراعات القرن الأفريقي إلى داخل السودان..”

صحيفة المجهر السياسي.