زهير السراج

نحن الذين نغتصب ونقتل أطفالنا !!


لا يكفى اطلاقا التعويل على تغليظ عقوبة جريمة اغتصاب الأطفال فى مكافحة هذه الجريمة (وكافة أنواع الجرائم والمخاطر الأخرى) بدون رفع الوعى المجتمعى والأسر خاصة الأم والاب لحماية أطفالهم، وعدم تعريضهم للظروف التى يمكن أن تقود الى وقوعهم تحت رحمة المجرمين، خاصة أن الأحصائيات توضح أن مرتكب الجريمة عادة ما يكون من الأقرباء والمعارف وأهل الثقة، مثل الجار، عامل الكنتين المجاور للمنزل، فكى الخلوة أو سائق حافلة المدرسة ..إلخ، (على سبيل المثال لا الحصر)، وليس الشخص الغريب أو البعيد .. مما يجعل المكافحة صعبة وسهلة فى آن واحد .. صعبة بحكم الثقة التى يضعها أهل الطفل فى الشخص واستبعاد إرتكابه للجريمة بحكم المعرفة والتعامل اليومى، وسهلة بحكم أن حماية الطفل فى المحيط المحدود (الذى يتواجد فيه مع المجنى عليه) أكثر سهولة من مكان بعيد عن رقابة الابوين مثل الاسواق والملاعب والمدارس إلخ !!

* نحن فى حاجة ماسة الى حملة تنويرية واسعة يشارك فيها الجميع، خاصة الاعلام والوسائط الإلكترونية التى اصبحت متاحة للجميع، والمؤسسات الحكومية والشعبية بكل انواعها .. واستخدام الملصقات التحذيرية بشكل مكثف لتنبيه الابوين (بشكل خاص) بعدم ترك الأطفال لوحدهم حتى داخل المنزل، لما يمكن أن يترتب عن ذلك من وجود مخاطر عليهم، ليس بالضرورة أن تكون جرائم إغتصاب أو غيرهم، فالطفل يمكن أن يتعرض للأذى داخل المنزل من أى شئ، كالغاز، الكهرباء، يقع من مكان مرتفع، يتناول أدوية للكبار تركت على مقربة منه ..إلخ، الأمر الذى يحتم ليس فقط التواجد معه فى نفس المكان، بل التأكد من أنه فى مأمن من أى نوع من المخاطر فى المكان الذى يوجد فيه، ووضع العين عليه بشكل مستمر خاصة فى سن الطفولة المبكرة التى يكون فيها الطفل كثير الحركة والفضول بغرض التعرف على ما ما حوله !!

* ويجب علينا كذلك ان نتخلى عن العادات السيئة المتوارثة لدينا منذ وقت طويل مثل إرسال الأطفال لجلب حاجات المنزل من الشارع .. كنتين الحى، المخبز، الغسال ..إلخ، أو ترك الأطفال يلعبون وحدهم أمام المنازل باعتباره مكانا أمانا، أو الذهاب الى الجيران .. مما يمكن أن يجر على الطفل أى نوع من الأضرار والمخاطر، وليس بالضرورة الإغتصاب أو التحرش الجنسى .. الكثير من الاطفال يصابون بحوادث مختلفة خلال وجودهم بعيدا عن رقابة الأبوين أو عدم وجود شخص مأمون الجانب يعتنى بهم مثل الأخ أو الأخت كبار السن، أو الخالة أو العمة ..إلخ !!

* مثال آخر، حافلات ترحيل الأطفال وتلاميذ المدارس .. فى كل الدول المتقدمة يتم إختيار السائقين من النساء متوسطى العمر (40 سنة فما فوق) لتفادى مشكلة التحرش والاعتداء الجنسى، ولكن بما أن بلادنا لم تصل الى المستوى الذى يجعل لكل مدرسة حافلة أو حافلات خاصة بها لترحيل التلاميذ، وعدم توفر النساء اللائى تنطبق عليهن شروط وظيفة السائق المطلوب، وبما أننا لم نصل لمرحلة الوعى المطلوب فى قضايا الطفولة، فإننا لا نعطى هذا الموضوع القدر الكافى من الاهتمام، أو فى الحقيقة نهمله بشكل كبير رغم وقوع عدد لا يستهان به من الجرائم الجنسية بانواعها المختلفة من سائقى الحافلات، وهى نسبة لا تقارن بالجرائم غير المكتشفة لسكوت الأطفال عن التبليغ عنها إما بسبب الخوف من الجانى أو من الأبوين!!

* إذا لم يكن لدينا إمكانية تعيين (سائقة) لكل حافلة فى الوقت الحاضر، مع إنتشار الحافلات الخاصة بشكل مكثف فى الآونة الأخيرة، فمن الممكن اللجوء لحلول بديلة مثل تعيين إمرأة مأمونة لمرافقة الحافلة الخاصة بترحيل الاطفال (ذكور وإناث)، كما تفعل رياض الأطفال وبعض المدارس، وعدم ترك الأطفال لوحدهم مع السائق !!

* بالإضافة الى حملة التوعية المكثفة وتغيير عاداتنا السيئة، لا بد من وجود قانون يمنع ترك الأطفال (تحت سن 12 مثلا) لوحدهم فى المنزل أو خارج المنزل، حتى يتحمل الآباء مسؤولية حماية أطفالهم، والأضرار التى تحدث لهم (جرائم أو غيرها) فى حالة مخالفة القانون ووقوع ضرر على الطفل، وهنا أجد نفسى أضرب مثلا بالقانون الكندى الذى لا يعاقب الأبوين على الأضرار التى تقع على أطفالهم بسبب تركهم لوحدهم وحسب، ولكنه ينص على أن الأبوين يمكن أن يواجها اتهامات جنائية إذا تركا طفلا دون العاشرة لوحده وكان من المرجح أن يعرضه ذلك للخطر أو المرض أو الضرر البالغ (يعنى مجرد انك تخليهو براهو وهنالك احتمال أن يتعرض للخطر او المرض او الضرر البالغ دى جريمة، موش بعد ما يموت او يمرض او يصاب أو يغتصب )!!

* يجب علينا أن نعرف أن مسؤولية وقوع ضرر على الطفل، تقع على عاتق والديه فى المقام الأول، ثم على الدولة (بمؤسساتها المختلفة، مدارس أو غيرها)، بينما يأتى فى المقام الأخير الجانى، وليس العكس كما يظن الكثيرون، فنحن الذين وفرنا له الظروف الملائمة لإرتكاب جريمته !!

صحيفة الجريدة