وباء (آدم جَمَّاع) !!
* يجتاح ولاية كسلا منذ أكثر من شهر وباء (آدم جماع) الذى تنقله فى السودان البعوضة المصرية، وهى غير النوع الذى ينقل مرض الملاريا .. ولقد أصاب حتى الآن حوالى (خمسة الآف) مواطن مات منهم كثيرون نتيجة الإهمال، رغم أن الموت لا يحدث فى العادة إلا لكبار السن أو الأطفال الصغار الذين يعانون من أمراض سوء التغذية ونقص المناعة .. وهو مرض فيروسى يسبب آلاما حادة تعيق الحركة لفترة قد تمتد لشهور طويلة جدا، ويعرف علميا باسم (شيكونغونيا)، ولكن أطلق عليه مواطنو الولاية إسم (آدم جماع)، تيمناً بالوالى الذى لم تشهد كسلا فى عهده شيئا غير الخراب والدمار والفساد والأمراض والموت !!
* إسم المرض مأخوذ من كلمة (شيكونغونيا) التى تعنى فى لغة إحدى القبائل الأفريقية (الإصابة بالإنحناء) ــ حسب منظمة الصحة العالمية ــ وذلك لما يسببه من التهاب فى المفاصل والآم حادة تجعل المريض عاجزا عن الحركة إلا بصعوبة كبيرة، وهو الحال الذى يشاهده الإنسان الآن فى مستشفى كسلا الغارقة بالمرضى، وفى مناطق الولاية التى لو رآها الشخص يظن أنه يتفرج على مشهد فى أحد افلام (الزومبى) التى يمشى فيها الناس وهم أموات .. الفارق الوحيد بين الواقع الكسلاوى والأليم وتلك الافلام أن الضحايا لا يهاجمون ولا يأكلون .. وإنما يرفعون الأكف متضرعين لله أن ينقذهم من (الشيكونغونيا) والذين ابتلاهم به الله من حكام لا يفعلون شيئا سوى التمسك بالسلطة والثراء على حساب المواطنين، واطلاق الأكاذيب والرقيص !!
* بعد أن يتعرض الشخص للدغات البعوض ــ وغالبا ما يحدث هذا بالنهار ــ تظهر عليه أعراض المرض فى فترة تترواح بين 2 – 12 يوما، وتتمثل فى ارتفاع مفاجئ فى درجة حرارة الجسم (حمى)، مع صداع وآلام فى المفاصل والعضلات، وارهاق شديد، بالاضافة الى القئ الذى قد يتسبب فى فقدان سوائل حاد وتعقيدات اخرى تؤدى الى الموت .. !!
* الخطير فى هذا المرض، إن آلام المفاصل غالبا ما تؤدى الى عجز كبير قد يستمر عدة أسابيع، ولكن آلام المفاصل قد تستمر لأشهر طويلة أو سنوات مما يمنع المصاب من ممارسة حياته بشكل طبيعى، بالاضافة الى إمكانية حدوث مضاعفات فى القلب والجهاز العصبى والعين والمعدة والأمعاء، قد يكون لبعضها عواقب وخيمة، ولا يوجد لقاح أو علاج للمرض الذى يتركز فى تخفيف حدة الاعراض وتعويض فقد السوائل لمنمع المضاعفات!!
* كما تتمثل الوقاية بشكل أساسى فى مكافحة البعوضة المصرية (وغيرها)، التى تنقل أيضا بعض الأمراض الخطيرة مثل (حمى الدينج) الذى انتشر قبل عدة سنوات فى شرق السودان، وأدى لإصابة الآلاف ووفاة الكثيرين منهم النجم الكوميدى (الفاضل سعيد) الذى كان يقدم مع فرقته احدى مسرحياته فى مدينة بورتسودان، وكعادة الحكومة فإنها تكتمت على المرض (كغيره من الأمراض الأخرى)، ولم تبلغ منظمة الصحة الدولية والمنظمات الأخرى لتقديم المساعدة، مؤثرةً موت مواطنيها على فضح اهمالها وانشغالها عن حمايتهم بالولوغ فى الثراء الحرام وتجنيد المليشيات لحمايتها!!
* كسلا تستغيث .. والمرض آخذ فى الاتساع ، والحكومة صامتة، بينما ينشغل حزبها فى البحث عن وسيلة لتعديل الدستور ليدمر البشير ما بقى من السودان .. !!
صحيفة الجريدة