تستعمل لحفظ الجثث “الفورمالين”.. إضافة مادة سامة للألبان
منتج ألبان: نستعملها بمقادير محدودة
طبيب: تتسبب في السرطانات والكبد الوبائي
هيئة المواصفات: يمنع منعاً باتاً استعمال الفورمالين
“ديل والله ممكن يعملوا أي حاجة”، هكذا جاء رد مواطن استنطقته عن تواتر أنباء تشير الى أن بعضاً من منتجي وتجار الألبان يعمدون الى استعمال مادة الفورمالين لإطالة عمر الألبان، وقطع بأن كل شيء بات وارداً وذلك لضعف الرقابة من قبل الجهات الحكومية التي عاب عليها عدم إجراء حملات تفتيش مفاجئة تستهدف أخذ عينات من الألبان لإخضاعها للتحاليل المعلمية للتأكد من مدى صلاحيتها للاستعمال ولضمان عدم تسببها في إصابة المواطنين بالأمراض، وانتشار نبأ استعمال مادة الفورمالين في الألبان جعلنا نسعى لتقصي حقيقة هذا الأمر.
من شمال الوادي
في إطار بحثنا عن هذه القضية، فقد وجدنا أنه قد تمت إثارتها بدولة مصر التي اعترف عدد مقدر من أصحاب المحال التجارية فيها باستعمال هذه المادة لإطالة عمر الألبان، وفي إحدى الصحف المصرية دافع تاجر يدعى مصطفى حسان، صاحب محال سوبر ماركت قائلاً: «الفورمالين يضاف إلى اللبن لزيادة مدة صلاحيته، ولكنه ليس مخالفاً لأي شيء، خاصة أننا لا نقوم بوضع كميات كبيرة منه، إذ أن اللبن عمره قصير خاصة في فترة الصيف، وهو ما يضطرنا إلى وضع المادة حتى لا نتعرض للخسارة الكبيرة بعد فساد كميات الألبان ،وأضاف: «البعض يظن أننا نضع هذه المادة بكميات كبيرة، ولكن هذا غير صحيح، كما أنه لا يقوم بوضعها كل البائعين، فالبعض يستخدمها والآخرون يرفضون ذلك، إلا أنني أرى أنه طالما توفر للمواطن كميات اللبن المطلوبة فلماذا يتم منعها؟، وفي حالة ظهور نقاط سوداء أو بنفسجية على سطح الفنطاس نقوم بتقليبه وتختفي وكأن شيئاً لم يكن، ولكن اتخذت الحكومة المصرية جملة من الإجراءات التي عملت على إحكام الرقابة على الأسواق حتى لا يتم استعمال هذه المادة في حفظ الألبان.
خطورة بالغة
وفي ذات الصحيفة المصرية فقد كشفت سارة خليل، صيدلانية، أن هذه المادة تعد من المركبات «السامة» التي تشكل خطراً شديداً على صحة الإنسان، محذرة من إضافتها إلى كل ما يتعلق بمنظومة الغذاء، نظراً لتهديدها الصحة العامة، وطالبت بضرورة حظر استخدام هذه المادة من قبل الجهات الرقابية، وإحكام الرقابة على أسواق الغذاء، التي تستخدم هذه المادة بطريقة عشوائية، وقالت: هذه المادة تستخدم في حفظ الجثث للشرح عليها بعد ذلك للطلبة، وكذلك فى حفظ عينات الأنسجة، والأعضاء البشرية والكائنات الحية في مراكز البحوث، وهى من مشتقات غاز الفورمالدهيد .
الكيمياء تتحدث
وقبل العودة إلى جنوب الوادي، لنتعرف على مادة الفورمالين التي تشير دراسات علمية منشورة على الشبكة العنكبويتة انها من المواد الكيميائية الشهيرة التي تُستخدم في الكثير من الأغراض، ولهذه المادة أسماء عديدة أخرى، إذ أن اسمها النظامي هو الميثانال، ولها أسماء عديدة أخرى مثل فورمول وفورمالدهيد وألدهيد النمل، والصيغة الجزيئية لها هي CH2O، أما كتلتها المولية فهي 30.03 غ/مول، وكثافتها 0,8153 غ/سم3 (−20 °س)، وتكون على شكل غاز عديم اللون، ونقطة الغليان الخاصة بها هي -19 °س، أما نقطة الانصهار فهي -117 °س، وهي مادة منحلة في الماء، كما أنها تنحل في الإيثر والإيثانول، وهي مركب عضوي ينتمي إلى الألدهيدات، كما أنها مادة قابلة للاشتعال ، وتستخدم كمادة حافظة للأنسجة، كما تستخدم لتحنيط الجثث ، وتُستخدم كمطهر في الطب البيطري، كما تستخدم لتعقيم الأحواض، صنعت هذه المادة للمرة الأولى على يد ألكسندر بوتليروف، وذلك في عام 1855م، أما انتشارها رسمياً فكان على يد العالم الألماني أوغست فيلهلم فون هوفمان، وذلك في عام 1867م، حيث أجرى أول تفاعل تحضير باستخدام تفاعل نزع الهيدروجين للميثانول، تم تصنيفها بأنها من المواد التي من الممكن أن تسبب السرطان، كما أنها تسبب تهيج الأغشية المخاطية وتهيج العينين، والتهاب ملتحمة العين، كما تسبب الإصابة بصعوبة التنفس والصداع بالإضافة إلى آلام في الحلق.
إلى جنوب الوادي
بالعودة الى الأنباء التي انتشرت، وهي تؤكد استعمال مادة الفورمالين لحفظ الألبان من قبل بعض من المنتجين والتجار، فإن عدد من المواطنين الذين تحدثوا لـ(الصيحة) كشفوا عن شكوكهم حول هذا الأمر، ولفتوا إلى أن الألبان لم تعد مثل الماضي.
وفي هذا الصدد يشير المواطن إبراهيم عبد الغفار الذي يقول إن الألبان باتت تضاف لها الكثير من المواد مثل الثلج، مبيض الغسيل، بدرة السراميك، البنسلين، الجلاتين ، وأخيراً قال إنهم سمعوا بإضافة مادة الفورمالين التي يؤكد تشكيلها خطورة بالغة على المواطنين لسميتها العالية ،أما المواطنة سامية عمر، فتؤكد أن الحديث عن استعمال مواد حافظة مع الألبان منها الفورمالين دفعها إلى شراء ماعز لتوفير اللبن لطفلتها الصغيرة، مؤكدة عدم وجود مقارنة بين الألبان التي تدرها الماعز وتلك التي كانت تشتريها من بائعي الألبان.
أما المواطنة زينب محمد صالح، فقد أكدت حدوث تغيير في شكل وطعم الألبان عند وضعها على النار، وقالت إنها لجأت الى استعمال الحليب المجفف خوفاً من الألبان الجاهزة.
اعتراف خطير
ولإكمال الصورة، فقد ذهبت إلى عدد من مزارع الألبان وسألت منتجين عن الأنباء التي تتحدث عن إضافتهم لمادة الفورمالين للألبان من أجل حفظها لأطول فترة، رغم أن معظمهم رفض التحدث إلينا، إلا أن أحدهم وافق على الحديث، إلا أنه شدد على عدم ذكر اسمه واعترف بإضافة هذه المادة إلى الألبان، غير أنه وحتي يبرر فعلته الخاطئة هذه أكد أنه يضيف كمية قليلة من المادة للألبان، وذلك حتى لا يتضرر منها المستهلكون، لافتاً إلى أنهم بوصفهم مستثمرين في هذا المجال ليس أمامهم غير إضافة مواد حافظة مثل الفورمالين للحفاظ على الألبان حتى لا تتعرض رؤوس أموالهم الى الخسارة لجهة أن الألبان كما يشير تعد من المواد الغذائية سريعة التلف، قاطعاً بأن هذه المادة لا تتسبب في تغيير طعم ولون ورائحة الألبان، لذا فإنها لا تتسب في حدوث مخاطر.
نفي قاطع
من ناحيته فإن صاحب سوبر ماركت بالخرطوم نفى نفياً قاطعاً استعماله لهذه المادة في الألبان، وقال إنه يحرص على شراء حاجته التي تكفي زبائنه من الباعة الذين يحضرون الألبان عقب وقت محدود من حلبها ،ويقول عثمان محمد إنه يرفض حتى إضافة الماء والثلج للألبان، وذلك لأن هذا محرم شرعًا ولا يستقيم عقلاً، نافياً وجود سبب منطقي يدفعه لإضافة مواد حافظة لأنه يشتري حسب حاجة زبائنه، وتوقع أن تتم إضافة مادة الفورمالين في مزارع إنتاج اللبن.
خطر السرطان
من ناحيته يشير الدكتور الصيدلي أحمد مختار إلى أن مادة الفورمالين تعد من المركبات الكيميائية السامة التي تشكل خطورة بالغة على حياة الإنسان إذا ما تمت إضافتها إلى المواد الغذائية، كاشفاً أن هذه المادة وفي حالة إضافتها للمواد الغذائية فإنها تتسبب في الإصابة بالأورام السرطانية وذلك لخطورتها البالغة.
المواصفات تترافع
توجهنا بعد ذلك ناحية هيئة المواصفات والمقاييس لاستفسارها عن هذه القضية، وقد أشارت إلى إنشاء مختبر معتمد عالمياً لتحليل الألبان، بالإضافة إلى تسجيل حملات تفتيشية دورية للألبان عبر فرع ولاية الخرطوم وفروع الهيئة على مستوى ولايات السودان، وأنه وفي حالة ضبط مخالفة يطبق عليه قانون الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس الذي ينص على السجن والغرامة، وأضافت الهيئة في ردها: خاطبنا المنتجين من خلال نشراتنا الثقافية الخاصة بالمواصفات التي تحث على ضرورة مراعاة الوضع الصحي للحظائر ونظافة الضرع ، والاستخدام المرشد للمبيدات بالإضافة لضرورة تطوير طرق الحلب ومراقبة العمال واستخدام أواني الإستيل والألمونيوم، والامتناع التام عن استخدام الأواني البلاستيكية إو إضافة الماء والثلج، وشددت الهيئة أنه على الباعة استخدام الكيل باللتر بدلاً عن الرطل، وعدم إضافة الأرز أو الصمغ العربى أو الغراء أو الجلاتين أو مبيض الغسيل أو بدرة السراميك أو الفورملين أو البنسلين باعتبارها مواد تفقد اللبن قيمته الغذائية، ورأت أن على المستهلك الكريم حماية نفسه باختبار جودة الألبان عن طريق اختبار المذاق والرائحة والحرص على شراء الألبان من الأواني المصنوعة من الإستيل او الألمونيوم وتجنب البلاستيك وتجنب حمل الألبان في أواني البلاستيك وخصوصاً الأكياس، كما يجب أن يكون اللبن طازجاً ومتجانسًا ومحتفظاً بجميع خواصه الطبيعية، من حيث اللون والرائحة والطعم والقوام، ويجب ألا يحتوي على أي مضافات أو مواد حافظة وألا يتخثر باختبار الغليان والكحول ، ويجب أن تكون الأوعية مصنوعة من مواد غير قابلة للصداء ولا تؤدي لتغيير خواص اللبن الطبيعية، كما يجب تخزين اللبن عند درجة حرارة 4 درجة مئوية أو أقل .
آثار صحية
من ناحيته أكد أخصائي الباطنية الدكتور خالد أحمد أن مادة الفورمالين التي ظهر استخدامها مؤخراً في الألبان من أجل إطالة عمر المنتج من قبل بعض ضعاف النفوس بغرض مضاعفة الأرباح، تعد من أخطر المواد التي يمكنها أن تتسبب في إصابة المواطنين بالتهاب الكبد الوبائي والسرطانات والفشل الكلوي، وقال إن الفورمالين مادة كيميائية تستخدم لحفظ الجثث والعينات داخل المعامل وأن استنشاقها بصفة مستمرة يسبب تليف الرئة، ويلفت الى أن مصدر الضرر يعود إلى أن المادة محظورة عالمياً وهي مخالفة لمعايير السلامة إذا استخدمت في جسم الإنسان، وتظهر أخطارها على المدى القصير في حال استخدامها بتركيز عال، بجانب تأثيرها على العين، مردفاً أن الكثير من العاملين بالمشارح لا يلتزمون بارتداء الكمامات والنظارات الواقية من التعرض للرائحة داخل المشرحة، وذلك لأن السوداني معروف بعدم المبالاة، داعياً منتجي الألبان لمخافة الله، لأنهم بذلك يبيعون سموماً للمستهلك .
الخرطوم: خنساء محمد
صحيفة الصيحة.