الفاتح جبرا

ما عندنا حظ !

نشأ حسن وترعرع في أحد الأحياء الشعبية وكانوا ينادونه بحسن (التخة) إذ أنه كان (مبهدل) ويمتاز بكمية من (الغباء الفطري) وعدم إجادة أي نوع من أنواع (اللعب) التي كان يمارسها الأطفال، دخل (حسن) إلى المدرسة الأولية لكنه سرعان ما تركها بعد أن أبدى (نبوغاً) هائلاً في الدك و(الزوغان) من (الحصص) وضرب (التلاميذ) إذ أنه كان يمتلك بسطة في الجسم أهلته ليكون (رباط) المدرسة دون منازع..
كان حسن يمتاز بنزعة عدوانية عجيبة يساعدها في ذلك أنه كان (طول في عرض) فكان كثيراً ما يفتعل الشجار مع أولاد الحي والأحياء المجاورة من أجل إظهار قوته ومهاراته (الفظيعة) في الإيقاع بخصومه وضربهم ضرباً مبرحاً دون رحمة أو شفقة وهو يردد في زهو:
• والله الليلة أخليكم طحنية!
ولم يكن أحد يعلم حينها لماذا اختار (حسن) الطحنية بالذات ولم يختار مثلاً (الفول) أو (الجبنة) مثلاً غير أنه ولكثرة ما كان يردد هذه العبارة فقد سار عليه اللقب (حسن طحنية) !!
مرت سنوات الطفولة سريعة وعندما شب (حسن) عن الطوق رأى والده أن يأخذه معه (ليتعلم الصنعة) حيث كان والده يعمل (ترزي بلدي) حيث استقر به المقام فى إحدى برندات (السوق العربي) مع والده الذي ما لبث أن فارق الحياة بعد أن أصيب بداء القلب فقام حسن بالجلوس على ماكينة الخياطة وأصبح يمارس مهنة (الخياطة) والتي أبدع فيها أيما إبداع فمن إبداعاته أنه لا يستخدم المتر لأخذ المقاسات، بل يكتف بالنظر إليك نظرة فاحصة بعد أن يطلب منك أن (تلف) يمنة ويسرى فإذا حضرت لاستلام (جلابيتك) وجدت أنها (عراجية) أي (بين الجلابية والعراقي) وفي هذه الحالة فهو لم يكن يعترض أبداً في حال عدم دفعك ثمن الحياكة اعتقاداً منك أنه قد أفسد القماش، بل كان يكتفي – أي حسن – في مثل هذه المواقف بأن يحملك ويحمل قماشك قاذفاً بكما معاً على بعد أمتار من دكانه، بعد أن يأخذ منك ثمن ما صنعه لك مضاعفاً، مؤكداً لك ولنفسه أنه يستحق أتعابه!
وجاءت النقلة الدراماتيكية في نهاية الثمانينات حينما أمسك القوم بالسلطة إذ لاحظ (حسن) أن (الجماعة) كل يوم والتانى طالعين (مسيرة) وكل يوم والتاني عاملين ليهم (مؤتمر) واليافطات بتاعة (القماش) ما تديك الدرب.. شيء (ملصق) في (الباصات) وشيء (معلق) في (الكباري) ففكر (حسن) على غير عادته في (استغلال الموقف) وشرع في عمل محل (لافتات قماش) وتأجير محل بقرب (دكانه) وجاب ليهو (خطاط)!
لم يكن من الصعوبة على (حسن) أن يتوصل للمسؤول عن الإعلام والمسيرات بالولاية فعقد معه اتفاقاً على أن يكون (طحنية للمناسبات) – هكذا سماها – هي (المورد) لجميع لافتات المسيرات والمؤتمرات وذلك لقاء عمولة محترمة.
لم يكتف طحنية بعمل وتوريد اللافتات (للجماعة)، بل صار يشارك فيها ومعه بعض الصبية الذين يقوم بجلبهم (بالقروش) وكان له أسلوب مميز في الهتاف وحنجرة قوية مما جعله عضواً أساسياً، بل (قائداً) لكل المسيرات التي يتم تمظيمها ولم يكن أحداً يعلم بأن وجوده لم يكن إلا لجمع (اللافتات) بعد انتهاء المسيرة وإرجاعهم للمحل واستخدامهم (للمسيرة الجاية) !!!
في لحظة تأريخية فاصلة في حياة (حسن طحنية) قرر أن يقوم بدعم حكاية المسيرات دي بي كم (متحرك) نحو أراضي العمليات حيث زامله وقتها في أحد المتحركات أحد كبار المسؤولين فعمل (طجنية) على توطيد علاقته به وعندما علم الأخير أن (طحنية) يعمل في مجال (الدعاية والإعلان) ما لبث بعد عودة المتحرك أن قام بتعيينه مسؤولاً عن (الإعلام بالولاية)!
قام (حسن) بإجراء تحسينات هيكلية على مظهره تتناسب والمنزل والعربة الفخيمة التي خصصت له وذلك بشراء كمية من البدل (السفاري) والجلاليب (الزبدة) والعمم (التوتال) والشالات والملافح (المزركشة) ومراكيب (النمر) .
وفي أول لقاء أجرته معه إحدى الصحف أفاد (طحنية) عندما سئل عن مؤهلاته الأكاديمية بأنه حائزعلى درجة الماجستير في (الإعلان) من إحدى الجامعات المرموقة وهو بلا شك كان يقصد (الإعلام)!
أصبح حسن عضواً كامل الدسم في الحزب الحاكم ورئيساً لدائرة التعبئة فيه (ما ترزي وكده)، ثم أميناً للحركة الإسلامية بالمحلية وأميناً للحزب الحاكم وفي (ضربة استباقية) تفشل أي مخططات لعزله (شمشم) حسن هنا وهناك وعلم أن للوالي أختاً غيرمتزوجة فقام بطلبها منه وتم الزواج الذي كان حديث الولاية والذي حضره كثير من الوزراء وكبار المسؤولين بالمركزوالولايات ومن هنا انطلق (طحنية) من الولائية للاتحادية!
في أول دورة انتخابية دخل (حسن طحنية) إلى قاعة المجلس التشريعي للولاية (بالتعيين) وما لبث أن أوكلت إليه رئاسة اللجنة الإعلامية للمجلس، ولمعرفته من أين تؤكل الكتف قام (طحنية) بإنشاء علاقة أسرية حميمة مع (رئيس المجلس) الذي عينه نائباً له بعد أن أصبح الكرسي شاغراً بوفاة شاغله!!
• طحنية الوالي.. لا نبالي!!
• ولاية هنية يا طحنية!!
كان هو شعار المواطنين (الذي أغدق عليهم طحنية) وهو ينظم حملته الانتخابية لمنصب الوالي والتي انتهت بفوزه على منافسية بفارق كبير من الأصوات، خلال سنوات رحلته الطويلة كدستوري تقلد (طحنية) الكثير من المناصب، وأمسك بعدد من الملفات المهمة التي نجح في تحويلها إلى أزمات، العبد لله كان يرشحه أن يحتل موقعاً في التشكيل الحكومي الذي تم الإعلان عنه أول أمس وذلك من أجل القضاء على كل المشكلات التي تواجهها البلاد ولكن (الظاهر ما عندنا حظ)!!
كسرة:
عدد كبير من المواطنين يؤكدون بأن التشكيل (ناقصو طحنية)!!
• كسرة ثابتة (قديمة):
أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 101 واو – (ليها ثماني سنين وخمسة شهور)؟
• كسرة ثابتة (جديدة):
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 60 واو (ليها خمس سنين).

صحيفة الجريدة