تحقيقات وتقارير

بعد إعلانه أمس الأول التشكيل الوزاري الجديد.. قراءة سياسية (مغايرة)


حملت التشكيلة الجديدة للحكومة العديد من المفاجآت ومخالفة الكثير من التوقعات لشكل الحكومة القادمة، ويرى متابعون ومهتمون بالشأن السياسي أن هذا التشكيل الجديد للحكومة لن يحقق تطلعات المواطنين ومعالجة الاختلالات الاقتصادية الموجودة، حيث كان متوقعاً أن يأتي التشكيل متكئاً على الكفاءات والمؤهلات وليس الترضيات، وإعادة تدوير ذات الوجوه مع وجود تغيير طفيف، فيما كان لآخرين رأي مخالف حين توقعوا للحكومة الجديدة تحقيق نتائج جيدة يدعمها في ذلك التقليص الذي تم في هياكل الحكم بسبب الأزمة الاقتصادية التي تواجه البلاد، وأن هذه الإجراءات تستهدف خفض الإنفاق الحكومي بعدما واجهت البلاد صعوبات كبيرة خلال الأشهر الماضية تمثلت في أزمة خانقة في الوقود والخبز .

تبديل مواقع

في حديثه للصيحة، وجّه رئيس حزب الشرق للعدالة والتنمية، رئيس تحالف أحزاب وحركات شرق السودان د. عبد القادر إبراهيم انتقادات عنيفة للتشكيل الجديد للحكومة وعدّه مجرد تبديل للمواقع لذات الوجوه، وأضاف: (كنا نتوقع تشكيل حكومة إدارة أزمة قوامها أصحاب الكفاءات والمؤهلات العالية لمعالجة الاختلالات الاقتصادية التي تعيشها البلاد الآن)، مؤكداً أن الأوضاع ستظل كما هي ولن يكون هناك جديد، مضيفاً بقوله: (أصبنا بخيبة أمل كبيرة حيث كنا نتوقع تشكيل حكومة حقيقية تستطيع مجابهة الأزمات التي يعيشها الوطن والمواطن، وبصورتها الحالية لا يمكن أن تحقق أي نجاح مأمول)، وأشار عبد القادر إلى أن الحكومة الجديدة لم تكن سوى ترضيات ولم تراع اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب للتعامل مع التحديات الراهنة، وشدد على ضرورة وضع برنامج اقتصادي واضح واستراتيجي.

انتقادات حادة

وفي ذات السياق، وجه القيادي بحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر انتقادات حادة للتشكيل الحكومي الجديد، وقال في حديثه للصيحة إن هذه الحكومة جاءت غير ملبية للطموحات، حيث كان من المتوقع الدفع بحكومة كفاءات تملأ الخانات في هذه المرحلة الجديدة، وتعبر عن تصور لعزيمة تغيير، وأضاف قائلاً: (تمخض الجبل فولد فأراً، فالحكومة الجديدة جاءت مخيبة للآمال وبذات الأشخاص وأضاف: (هنالك شخصيات فاشلة ظلت باقية فيها، بينما تم استبعاد ناجحين حققوا نجاحات مشهود بها)، وزاد عمر: (خاب ظني في هذا التشكيل الذي لم يراع ظروف المرحلة والتعقيدات التي تحيط بالبلاد)، ويضيف كمال بأنه كان يتوقع ذهاب كل الوجوه القديمة.

وألقى عمر باللائمة على المؤتمر الوطني الذي قال إن لديه حساباته في مثل هذه التشكيلات، وأن الوطني ظل يكرر ذات الأخطاء بإعادة ذات الوجوه القديمة التي لم تحقق نجاحات في كل الملفات التي أسندت إليها. واستبعد عمر أي فرصة لنجاح هذه الحكومة عازياً ذلك لعدم وجود أي مرتكزات يمكن أن تحقق لها النجاح المطلوب، وختم بقوله: (ليس هنالك برنامج متفق عليه وهذه الخطوة مجرد خداع للشعب السوداني).

عبث سياسي

لم يذهب القيادي بحركة الإصلاح الآن د. أسامة توفيق بعيداً عن ما ذهب إليه الآخرون في تقييمه لخطوة إعلان الحكومة الجديدة حين استبعد تحقيقها لأي طموحات للشعب السوداني، قبل أن يعود ويصف ما تم من تشكيل بـ(العبث السياسي)، وبرر أسامة ما ذهب إليه بقوله بأن الـ(21) وزيراً الذين جيء بهم في هذا التشكيل الوزاري تم تدوير أغلبهم في مواقع أخرى.

ونوه توفيق في حديثه للصيحة إلى التحديات التي ستواجه الحكومة المتمثلة في ذات الأشخاص الذين تم الدفع بهم لتكرار الفشل، مشيراً إلى أن التشكيل لم يراع تحقيق مقولة (الرجل المناسب في المكان المناسب، وأن هذه الحكومة تحمل عوامل فنائها داخلها)، وتساءل توفيق قائلاً: (أين هي البنية التحتية لوزارة السياحة التي تم تعيين وزيري دولة في هذه الوزارة؟)، قبل أن يعود ليجدد تأكيده بأن ما تم لا يعدو كونه ترضيات في ترضيات، مستبعداً وجود أي أمل لتحقيق اختراقات ونجاحات من قبل هذا التشكيل الوزاري.

ارتجال وتسرّع

السخط السياسي على التشكيل الجديد، لم يقتصر على القوى السياسية المناوئة للحزب الحاكم، فقد امتد إلى قيادات المؤتمر الوطني نفسه، القيادى بالمؤتمر الوطني والخبير الإعلامى د. ربيع عبد العاطي يستبعد تحقيق التشكيل الجديد لأي طموحات مأمولة قبل أن يوضح ذلك في حديثه لـ(الصيحة) بقوله (أعتقد أن تحقيق الطموحات صعب المنال، وأن الذي تم لم يبارح الترضيات والموازنات)، ومع ذلك فقد عاد ربيع ووصف ما حدث بالخطوة الجيدة، وأن ما حدث يعد بمثابة (شي أحسن من لا شي)، مضيفاً بأن الأزمات التي عايشها الشعب السوداني والثغرات التي حدثت تحتاج إلى جهد مضاعف من الذي حدث من تغيير من سياسات.

ويرى ربيع أن نجاح الحكومة الجديدة كان يمكن له أن يتحقق قبل أن يؤدي وزراؤها القسم لو أنها جاءت كلها بوجوه جديدة ذات كفاءات ومؤهلات وقدرات حتى تكون حكومة متماهية مع التحدي، مضيفاً بأن المأمول كان تغيير كامل للوجوه، وأن الذي تم جاء دون طموح الشعب السوداني، ولا يماثل التحدي الماثل أمام البلاد، ولا يحقق الأهداف، مما يؤكد بأن الأمر يحتاج إلى أكثر من تغيير وتبديل.

وختم توفيق حديثه للصيحة بأن كل ما ذكره لا يدعوه للتفاؤل كثيرًا بهذا التغيير الذي تم، وأن ما تم لا يعدو كونه ارتجالاً وتسرعاً.

الخرطوم: عبد الهادي عيسى
صحيفة الصيجة.