الخرطوم وبكين.. شراكة إستراتيجية ومصالح متبادلة

بالرغم من التغيُرات الكثيرة التي حدثت في السياسة الدولية إلا أن العلاقة بين السودان والصين ظلّت تسير نحو التطور المضطرد، بل وأصبحت نموذجاً للعلاقات الناجحة في الإطار الدولي، ونتيجة لحرص الحكومة علي تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين تم تكوين لجنة عليا للإشراف علي العلاقات السودانية الصينية .
وظلّ البلدان ينسقان ويتفقان في المحافل الدولية والإقليمية ويتبادلان الدعم في المواقف المختلفة، ومن جانب السودان أخذت قضايا ” الحوار الوطني، الأوضاع في دارفور، المحكمة الدولية، سير تنفيذ إتفاقية السلام الشامل بدولة جنوب السودان”، أخذت حيزاً كبيراً في إطار التعاون السياسي، والموقف الصيني بشأن هذه القضايا ظلّ داعماً للسودان بصورة كبيرة.
وفي العام (2015م) رفعت الصين والسودان علاقاتهما إلي مستوي شراكة إستراتيجية، وبفضل هذه الشراكة تطور التعاون بين الجانبين من النفط إلي البنية التحتية والزراعة والطاقة والموانئ وغيرها.
ويقول السفير أحمد محجوب شاور سفير السودان بالصين أن العلاقات بين البلدين في تطور مستمر إلي الأمام، وأكد أن الصين طيلة الفترة الماضية دعمت السودان في كل المحافل الدولية.
ويُشكِّل التبادل التجاري والإقتصادي بين البلدين أحد ركائز علاقات التعاون المشترك، وإنعكس ذلك من خلال إزدياد حجم الميزان التجاري والإستثماري بينهما وقيام مشروعات ملموسة في قطاع ” البترول، الكهرباء، مياه الشرب، معدات وطلمبات المياه، الطرق والجسور، مراكز البحوث الزراعية”.
ويتوقع أن تشهد الفترة القادمة مزيداً من التطور في المحور الإقتصادي خاصة وأن السودان يُمثّل موقعاً جغرافياً مهماً يُمكن أن يكون مدخلاً للصين لأفريقيا ومنطقة البحر الأحمر.
ومؤخراً قاد رئيس الجمهورية وفد السودان في قمة منتدي التعاون الصيني الأفريقي التي إستضافتها “بكين” يوميّ (3-4) سبتمبر ، وعبّر رئيس الجمهورية عقب لقائه نظيره الصيني عن ثقته في نجاح القمة في تحقيق أهدافها المرجّوة بإعتبارها أحد أهم آليات التعاون بين الصين والقارة الأفريقية من خلال تبادل الأفكار بين القادة الأفارقة والقيادة الصينية حول مختلف القضايا ذات الإهتمام المشترك.
وبدوره أكد الرئيس الصيني إستمرار بلاده في تقديم الدعم للسودان من أجل الحفاظ علي أمنه وإستقراره ووحدة أراضيه، وأشار إلي دعم بلاده لخطة إنسحاب اليوناميد من دارفور ورفضها للإدعاءات الباطلة بشأن الأوضاع بدارفور، وأكد أن المحكمة الجنائية تُمثل أداة غربية تهدف لمعاقبة الدول النامية فقط وحرصه علي التنسيق مع السودان لحل هذه القضية، وأشاد بالدور الفاعل الذي لعبهُ السودان لإحلال السلام بدولة جنوب السودان.
ونظّمت السفارة ببكين إحتفالاً بتوقيع عدد من الإتفاقيات الهامة مع عدد من الشركات الصينية لتنفيذ مشروعات بالسودان أبرزها الإتفاق الإطاري الذي تم توقيعه مع الشركة الوطنية الصينية للبترول ووزارة النفط والغاز لإستئناف التعاون النفطي في السودان.
بالإضافة إلي عدد من الإتفاقيات في مجال التعدين والزراعة كان أهمها إتفاقية فتح السوق الصيني لصادر الفول السوداني وإتفاقية تمويل مشروع مدينة النسيج بمشروع الرهد الزراعي بواسطة الصندوق الصيني للتنمية في أفريقيا وإتفاقية مشروع سكك حديد بورتسودان أنجمينا.
كما تم توقيع إتفاقية التعاون الفني التي تم بموجبها تقديم منحة للسودان بجملة (400) مليون يوان صيني، بجانب قرض من غير فوائد بجملة (200) مليون يوان صيني .
ويري خبراء إقتصاديون أن ترسيخ العلاقات الإقتصادية والإستراتيجية مع الصين يعتبر ضرورة كونها مُرشحة لتسيُّد العالم إقتصادياً وتبني سياساتها علي المصالح المشتركة والمتبادلة، وقال محمد إسماعيل الخبير الإقتصادي أن العلاقات السودانية الصينية إستراتيجية في المقام الأول وتاريخية، ولأجل ذلك يحرص السودان علي دفعها وتعزيزها في المجالات كافة، وكشف عن أهمية تعزيز التعاون الزراعي والإستفادة من التقانة الزراعية الصينية المتقدمة بإعتبار أن البلاد تحتوي علي معينات الزراعة من أراضي خصبة ووفرة المياه .
فيما أكد د. عوض الجاز رئيس اللجنة العليا للعلاقة مع دول البريكس متانة العلاقات السودانية الصينية وقُدمِها، وأشار إلي أن السودان يُمثل معبراً للعلاقات الأفريقية الصينية وأنه من المواقع الرئيسية التي تشرف علي البحر الأحمر، وأضاف أن اللجنة إجتمعت لبحث المشروعات والخطط التي تُسهم في تطوير وتعزيز العلاقات بين البلدين في شتي المجالات بما يعود بالفائدة للطرفين.
وعلي ضوء ذلك يُمكِن أن يستفيد السودان من التكنولوجيا الصينية سواء علي المستوي الصناعي أو الزراعي أو غير ذلك من مختلف المجالات الأخري، كما يُمكِن للصين الإستفادة من الموارد السودانية بما يحقق تكاملية العلاقة بين البلدين.
تقرير: محمد زين العابدين
smc.