هكذا جعل ستالين عدد أيام الأسبوع 5 بالاتحاد السوفيتي
يوم 14 من شهر شباط/فبراير سنة 1918، لم يتردد الزعيم السوفيتي، فلاديمير لينين (Vladimir lenin)في تغيير التقويم المعتمد على الأراضي السوفيتية. ومن خلال هذه الحركة، أعلن الأخير عن تخلي البلاد عن التقويم اليولياني، والذي كان معتمداً منذ قرون خلال فترة القياصرة، ليتم تعويضه بالتقويم الميلادي.
وبالتزامن مع ذلك، مثلت عطلة نهاية الأسبوع مكافأة لكل العمّال في جميع أنحاء العالم، حيث اعتبر يوم الأحد يوم عطلة يستغلها الجميع للاستراحة من أيام العمل السابقة وقضاء مشاغلهم الخاصة وتبادل الزيارات. لكن، خلال عهد جوزيف ستالين (Joseph Stalin) والذي تولى قيادة الاتحاد السوفيتي خلفاً للينين، عقب وفاة الأخير، كانت عطلة نهاية الأسبوع فرصة لتحسين اقتصاد البلاد.
فمن وجهة نظر الحكومة السوفيتية، اعتبرت عطلة نهاية الأسبوع مضيعة للوقت وإهداراً لطاقات البلاد ولهذا السبب اتجه الزعيم السوفيتي الجديد جوزيف ستالين إلى اعتماد فكرة غريبة، اقترحها المسؤول يوري لارين (Yuri Larin)، لتغيير عدد أيام الأسبوع والقضاء بشكل نهائي على الراحة الأسبوعية.
مثّل يوم الأحد الموافق ليوم 29 من شهر أيلول/سبتمبر سنة 1929، آخر عطلة نهاية أسبوع عادية تمتّع بها العمّال السوفييت. فمع بداية شهر تشرين الأول/أكتوبر من نفس السنة، اتجه الاتحاد السوفيتي بشكل تدريجي نحو اعتماد أسبوع جديد احتوى على 5 أيام فقط عرف بأسبوع العمل المتواصل وبموجبه تم تقسيم العمّال إلى 5 فرق مختلفة منحت كل منها لوناً مختلفاً، تراوح بين الأخضر والأصفر والأحمر والوردي والأرجواني، لتمييزها بين بعضها. وعلى إثر ذلك خصصت لكل فرقة يوم استراحة واحد بالأسبوع حسب اللون. وبفضل ذلك، كانت المصانع السوفيتية تعمل بشكل مستمر طيلة أيام الأسبوع معتمدة بشكل يومي على 80% من إجمالي عدد العمال.
وبناء على نظام الأسبوع الجديد المعتمد، اتجه جوزيف ستالين نحو زيادة نسبة الإنتاج بالاتحاد السوفيتي عن طريق استغلال أيام الراحة السابقة حيث آمن القائد السوفيتي بضرورة أن يتواصل عمل الآلات داخل المصانع بشكل مستمر ودون توقف. كما تزامن تغيير عدد أيام الأسبوع واعتماد أسبوع العمل المتواصل مع فترة حسّاسة عاش على وقعها الاتحاد السوفيتي والذي كان قد اعتمد في وقت سابق برنامج الخمس سنوات الإصلاحي، والهادف إلى تحويل البلاد إلى دولة صناعية عظمى.
ومن خلال هذا التغيير، أقدم الاتحاد السوفيتي على تحديد أيام الأسبوع بخمسة أيام، كما تم تقسيم العام إلى 12 شهراً حيث تكونت جميع الأشهر من 30 يوماً وأضيفت الخمسة أيام المتبقية من العام للتقويم بشكل عشوائي على شاكلة أعياد وطنية مثل يوم لينين ويوم العمل ويوم الصناعة ويوم كبيس، والذي احتسب خلال السنوات الكبيسة.
وجه نظام أسبوع العمل المتواصل ضربة موجعة للعلاقات العائلية، حيث اختلفت أيام الراحة بين أفراد العائلة الواحدة، وبسبب ذلك أصبح لمّ شمل العائلة الواحدة أمراً صعباً. وتسبب هذا الأسبوع الجديد في إلغاء جميع الأعياد والأيام المقدسة بالنسبة للمسلمين واليهود والمسيحيين، حيث حرموا تباعاً من أيام الجمعة والسبت والأحد إضافة إلى أعيادهم السنوية. وأصدر جوزيف ستالين أوامر صارمة بقتل أو نفي كل من يخالف النظام الجديد، لإقامة شعائره الدينية، نحو معسكرات العمل القسري بسيبيريا.
وخلال السنوات القليلة التالية، اتجه المسؤولون السوفييت نحو إحداث عدد من التغييرات البسيطة على أسبوع العمل المتواصل. فمع حلول شهر كانون الأول/ديسمبر سنة 1931، أصبح عدد أيام الأسبوع 6 أيام وتضمن يوم راحة جماعيا واحدا.
واصل الاتحاد السوفيتي اعتماد نظام أسبوع العمل المتواصل 11 سنة، فمع حلول شهر حزيران/يونيو سنة 1940 تم رسمياً التخلي عن هذا الأسبوع الفريد من نوعه لتتم العودة نحو التقويم العادي والذي احتوى خلاله الأسبوع الواحد على 7 أيام، كما تم اعتماد يوم الأحد يوم عطلة أسبوعية.
وطيلة فترة اعتماده، فشل نظام أسبوع العمل المتواصل في تحقيق أهدافه. ومع عودة العمل بنظام الأسبوع العادي، اتجه الاتحاد السوفيتي نحو فرض عقوبات قاسية على العمّال المتقاعسين حيث تعرّض كل من تأخر عن عمله لأكثر من 20 دقيقة أو تخلّف عنه دون سبب إلى السجن والنفي لسنوات طويلة نحو مراكز العمل القسري.
العربية نت