تحديد سعر الصرف خارج المركزي خطوة تُغري المصدرين والمغتربين لتحويل أموالهم بسعر مجزٍ
اتفق خبراء اقتصاد على أن المشكلات الرئيسية للصادرات السودانية تكمن في ارتفاع التكلفة المحلية بصورة أساسية والرسوم والمضاربات في السوق المحلي، بجانب ارتفاع سعر صرف الدولار، الذي أصبح العائق الرئيسي للصادرات السودانية، إضافة إلى مشكلات الإنتاج والإنتاجية مما كان له تأثير واضح على معظم سلع الصادر وضعف التمويل الموجه للإنتاج والتصدير والاعتماد على التمويل الذاتي، فضلاً عن حصر المنتجات السودانية على بعض الأسواق التقليدية وتأثير الضرائب والرسوم والجبايات المختلفة التي تفرض في الولايات على زيادة تكلفة الصادر فضلاً عن ضعف المعلومات عن الأسواق الخارجية وحجم المنافسة والأسعار العالمية وضعف وقلة مواعين النقل الجوي والبري والبحري وارتفاع تكلفته، مما يتطلب دراسة وإيجاد حلول لتلك المشكلات بصورة مستمرة، وإصدار سياسات لتشجيع المصدّرين.
وناقش اجتماع مجلس الوزراء الخاص بتعديل سياسات الصادر تلك المعوقات، وأقر تكوين لجنة محايدة لتحديد سعر الصرف من خارج بنك السودان، تضم في عضويتها خبراء اقتصاد ومصرفيين من خارج الجهاز المصرفي، بجانب عضوية من اتحاد الصرافات لخبرته في التعامل مع السوق المركزي، لمتابعة سعر الصرف وإبلاغ بنك السودان لتوجيه البنوك، فيما اعتمد بنك السودان في إطار المعالجات كل وسائل الدفع المؤجل.
رئيس اتحاد عام الصرافات السودانية عبد الحميد عبد الباقي أكد لـ(الصيحة) عدم إشراك الاتحاد في اللجنة، وأضاف أن وجود الصرافات بها مهم جداً لجهة أن الصرافات الجهة الوحيدة التي تتعامل مع المغتربين ولديها مراسلون في الخارج، وتعلم سعر الصرف في المنافسة الخارجية التي تتم خارج الجهات الرسمية، وقال إن الصرافات تمد بنك السودان المركزي يومياً بأسعار العملات بالسوق الموازي، وتساءل هل تمنح السلطة لهذه اللجنة باتخاذ القرار في تحديد سعر الصرف، أم إن عملها هو مد بنك السودان المركزي فقط بالمعلومات، جازماً في حال منحها تفويض اتخاذ القرار سوف تعمل على محاصرة السوق الموازي.
غرفة المصدرين بدورها توقعت أن تسهم هذه القرارات في خدمة الصادر لجهة تضرره من السياسات الأخيرة، حيث أبدى عضو غرفة المصدرين محمد عباس تفاؤلاً كبيراً في المرحلة القادمة، وقال لـ(الصيحة) إن تكوين لجنة لتحديد سعر الصرف خارج المركزي خطوة جيدة نحو صادر حقيقي ونظيف، وقال إن موسم هذا العام من الحبوب الزيتية سوف يعود بمليار ونص المليار دولار لخزينة الدولة في حال تضافرت الجهود، وشدد على أهمية ترتيب البيت وتجويد الأداء في الصادر من ترحيل وكهرباء وطرق، واعتبر ذلك أهم من سعر الصرف، وأكد أن رئيس المجلس منح لجنة تحديد سعر الصرف تفويضاً لتحديد السعر وأن بنك السودان ليس لديه علاقة في تحديد السعر، وكشف عن استجابة رئيس مجلس الوزراء لمطالبتهم بتكوين لجنة عليا للصادرات برئاسته.
وزير الدولة بوزارة المالية الأسبق دكتور عز الدين إبراهيم حذر في حديثه لـ(الصيحة) من تكرار تجربة صناع السوق التي كانت عبارة عن مجموعة من البنوك تخصصوا في تحديد سعر الصرف، وقال إن تكوين لجنة محايدة لتحديد سعر الصرف خارج المركزي بمثابة خروج من النظام المرن المدار إلى المرن فقط، واعتبر تكوين لجنة من شخصيات مستقلة خطوة جيدة، وهي خطوة بين خطوتين، وأضاف أن السوق الموازي عبارة عن عرض وطلب، بينما اللجنة عبارة عن خبراء يدرسون السوق قبل تحديد السعر، مشيراً إلى أن الأيام القادمة سوف تكشف عن مقدرتهم على التماشي مع السوق الموازي أم لا، وقال إن اللجنة أفضل من الوضع الذي عليه حال البلاد حالياً، وزاد “بدل مؤسسة واحدة “بنك السودان” تحدد السعر، الأفضل أن تكون هنالك مشاركات متعددة لتحديد سعر الصرف”، مبيناً أن تكوين اللجنة يعتبر أقل درجة من السوق الحر، إلا أن حركتهم سوف تكون ثقيلة، وأضاف “لا أعتقد أن السوق الموازي سوف يختفي”.
يقول الأستاذ المشارك بجامعة المغتربين دكتور محمد الناير لـ(الصيحة) إن تكوين لجنة لتحديد سعر الصرف فيما يختص الصادر وليس جميع التعاملات بالدولة بأنه خيار مناسب، وقال إن سعر الصرف بالموازنة العامة للعام الحالي ما زال موجوداً ولم يعدل إلا في موازنة العام 2019م، وأضاف: لا بد من إلغاء الدولار الجمركي إذا أريد تعديله، لافتاً إلى أن تكوين لجنة لتحديد سعر الصرف للصادرات الهدف منه تحفيز المصدرين لزيادة حجم الصادرات السودانية المختلفة والاستفادة من عائد الصادر من العملات الأجنبية، وربط الوصول لسعر صرف موحد ببناء احتياطي مقدر من النقد الأجنبي لدى بنك السودان المركزي.
ويرى الخبير الاقتصادي دكتور عادل عبد المنعم أن تكوين اللجنة خطوة جيدة تمضي في الطريق السليم وتغري المصدرين والمغتربين ومن لديهم أموال في الخارج لتحويلها للسودان بسعر مجزٍ، وقال إن 29 جنيهاً لدولار الصادر غير مجزية، للفارق الكبير بينها وبين السوق الموازي، مشيراً إلى أن السعر الحقيقي للدولار في السوق الموازي للأسف 60 جنيهاً، إلا أنه مورست عليه ضغوط جعلت سعره 45 جنيهاً، وأضاف: يحسب ذلك ببعض السلع المرتبطة بالدولار، موضحاً أن سعر الدولار الحالي بالسوق الموازي لا يمثل القوة الشرائية الحقيقية للدولار لجهة أن قيمته أكبر من ذلك، داعياً إلى تحديد سعر موحد بين السعر التشجيعي وسعر الصرف بواقع 30 جنيهاً، وطالب بإعطاء المصدرين نسبة الفرق بين السعر التشجيعي والسعر الموازي في حال بيع حصائله لتفادي عدم تعدد الأسعار ويسدد الفرق في حال الشراء، ونادى بتطبيق نفس السياسة في صادر الذهب وتحديد سعر مشجع أعلى من سعر دبي، وأقر بضرورة تعويم جزئي للجنيه بسعر موحد وزيادة الدولار في الموازنة من 18 إلى 30 جنيهاً لزيادة إيراداتها الجمركية وانسياب الحصائل من الخارج.
الخرطوم: مروة كمال
صحيفة الصيحة.