تحقيقات وتقارير

استبعَدوا فكرة تعويم العملة خبراء ومختصون: تحرير سعر الصرف محاولة لاستعادة عافية الجنيه

يُنتَظَر أن تعلن الحكومة سياسات جديدة بشأن سعر الصرف، وبغض النظر عن ماهية السياسات الجديدة وما تحمله من تغييرات فالراجح أن الحكومة أدركت مدى اختلال السياسات الحالية لجهة عدم تحقيقها نتائج مرضية..

وهو ما يفسر الترحيب الشديد الذي قابل به خبراء الاقتصاد خطوة إجراء تعديلات على سياسات سعر الصرف لتلافي سلبيات الفترة الماضية ومعالجة اختلالات السعر بين السوق الرسمي والسوق الموازي الذي يشهد تبايناً حاداً، وقالوا إن الخطوة ما هي إلا “محاولة لاستعادة العافية للعملة الوطنية”.

ويرى رئيس اللجنة الاقتصادية الأسبق بالبرلمان، بابكر محمد توم، أن هدف الحكومة من سياسات سعر صرف جديدة أنها تحمل إجراءات وسياسات جديدة تخلق ميزات تشجيعية للتحكم والسيطرة على سوق الصرف، وقال لـ “الصيحة” أمس، إن الخطوة تعتبر نوعًا من التحرير المتدرج وليس تحريراً كاملاً من البداية، موضحاً أن سياسة التحرير المتدرج نفسها عملية يتم بموجبها جلب الموارد والنقد الأجنبي عبر زيادة الصادر الناتج عن زيادة الإنتاج المحلي، ورهن التوم نجاح تطبيق سياسات التحرير بأن تكون الحكومة لديها احتياطي كافٍ من النقد والموارد وضمان استمرار الإنتاج في معدلات متصاعدة، وأكد أن تطبيق سياسات مرنة ومتدرجة سيقلل من الفروقات بين السعرين الرسمي والموازي، وشدد التوم على وجوب أن تشمل سياسات سعر الصرف الاستفادة من موارد المغتربين، منوهاً لأهمية وضع البنك المركزي لسعر صرف مجزٍ، وأكد أن وجود سياسات صرف مشجعة وفاعلة سيساهم في جلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية على أن تكون استثمارات حقيقية تسهم بدورها في زيادة الإنتاج وبالتالي زيادة الصادر الذي يؤدي لتحقيق عوائد تستخدم في اتزان الميزان التجاري.

الخبير الاقتصادي، ورئيس لجنة الحوكمة بـ”النيباد”، بروفيسر ميرغني أبنعوف، قال لـ”الصيحة” من المستبعد أن تشمل السياسات الحكومية الجديدة تعويم الجنيه، فالتعويم عالمياً معروف له آليات وضوابط متعارف عليها، وقال إن هنالك فرقاً بين التعويم والتحرير، ويمكن أن نقول إن الجنيه حُرِّر ولم يُعوّم، موضحاً أن السياسات الحالية أثرت في المعاملات الجارية بعدم تسديد المال وتعطيل الاستيراد ولن يقف المتضررون مكتوفي الأيدي ولهم أساليبهم في التحايل عليه، والمحصلة المزيد من الاختلالات الاقتصادية.

وانتقد ابنعوف تسبب السياسات في خروج رؤوس أموال سودانية تستثمر في دول أخرى، ولديهم أعمال تجارية ناجحة بفضل ما وجدوه بالخارج من سياسات اقتصادية ثابتة ومحفزات على الإنتاج، وقال إن السياسات الجبائية هزمت الاستثمار في السودان، لأنها تهتم أكثر بالأخذ من المستثمر لحد إفقاره، وهذا بالطبع يؤدي لهروب رأس المال سواء المحلي أو الأجنبي للخارج ومن يتبقى منهم لن يقدم شيئاً ذا بال للبلاد لضعف البيئة وعدم تهيئتها.

وقال المحلل الاقتصادي، هيثم فتحي، إنه كان يتوقع خطوات وحلولاً فورية، لأن الوضع يحتاج إلى حلول لإيقاف الزحف المستمر للدولار والعملات الأجنبية أمام العملة المحلية، معتبراً أن الموقف الراهن للاقتصاد يتطلب تحفيز المغتربين وتعديل سياسة صادر الذهب وفتح باب الاستيراد بدون تحويل قيمة لأن معظم أموال الموردين ورجال الأعمال والمغتربين متركزة بالخارج بسبب فقدها الثقة في الجهاز المصرفي، كما أن لديهم شركات تصدير واستيراد وأعمال أخرى في دول الخليج والدول الأوروبية، ودعا لفتح حوار مباشر بين البنك المركزي والمصدرين لمزيد من التنسيق.

وأوضح أن الأثر السريع يتمثل في توفير النقد الأجنبي، ودعم السيولة بالعملات الأجنبية داخل الجهاز المصرفى وإتاحة العملة الصعبة للعملاء والمستوردين وتوفير معروض نقدي من الدولار يسهم في انخفاض السعر، مشيراً لإسهام القرار في دعم الصادرات وزيادة تنافسيتها في الأسواق الخارجية، ورفع أرصدة العملة الصعبة داخل البنوك، واقترح العمل بتحديد ثلاثة طرق لبيع حصيلة الصادر عبر خيارات البيع للبنك أو المورد أو الاستيراد، فتوفير النقد الأجنبي وزيادة عرضه مما يؤثر إيجاباً في سعر الصرف.

الخبيرة الاقتصادية، د. إيناس إبراهيم، قالت: يجب أن تكون هناك متابعة دقيقة من المصارف لمسألة الترميز المصرفي وقيام البنك المركزي بمحاسبة المصارف التي لا تلتزم بهذه الإجراءات.

وأوضحت لـ”الصيحة” أمس أن الوصول لاستقرار أسعار الصرف مرهون بتطبيق اشتراطات على شاكلة تحفيز الصادر وتقليل الوارد بهدف خلق موارد إضافية من النقد الأجنبي تساهم في استقرار سعر الصرف ولابد من توفير احتياطي كافٍ من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي حتى يتمكن من مواجهة الأغراض المختلفة للنقد مما يساعد في استقرار سعر الصرف، ونوهت إلى أن هذه الخطوة ضرورية في ظل الظرف الاقتصادي الحالي، والتعامل بسعر صرف ثابت، لذا لابد من استقلالية السياسة النقدية وانفتاح اقتصادي للنظام يمكن النظام المصرفي من مواجهة وامتصاص الصدمات مثل تغيير معدلات التبادل التجاري وتناقص الطلب على صادرات السلع والتغييرات في معدل النمو ونتائج المواسم الزراعية وتأثير تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية على الاقتصاد الكلي وتداعيات تحويلات العاملين بالخارج ستستفيد الشركات المصدرة، حيث تصبح أكثر تنافسية مقارنة بالأسواق الخارجية، وقالت إن وضع سياسات صرف تشجيعية يؤدي لارتفاع تدفقات الاستثمارات الخارجية سواء على شكل شراء أسهم أو استثمارات صناعية وخدمية.

صحيفة الصيحة.