انتشرت وسط الشباب والطلاب .. حبوب الخرشة .. أحدث أساليب الإدمان ..!!
* مدمن: سلوك أبي وعنفه مع أمي دفعني للبحث عن أصدقاء السوء وبدأت معهم رحلة الأدمان..
* خبير: الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية سبب وراء الاضطراب الذي يعيشه الشاب السوداني
* قانون: لا يجوز استيراد أي من أنواع المخدرات والمؤثرات العقلية ما لم يكن ذلك للأغراض الطبية أو العلمية
تعتبر حبوب (الخرشة) أحد أنواع المخدرات التي تستخدم لعلاج مرضى الهلوسة أو الصرع، وذلك من أجل تهدئة المريض إذ إنها تدخل المريض في حالة من اللاوعي أو قل غيبوبة، لكن يستخدمها بعض الأطباء بجرع متفاوتة ومتعارف عليها من قبل وزارة الصحة، حيث يعطي المريض جرعة على حسب الحالة التي يمر بها، لكن انتشرت هذه الحبوب في الآونة الأخيرة أوساط الشباب والفتيات، فهناك عدد من الجامعات قد سجلت في الآونة الأخيرة حالات قبض لعدد من الطلاب بحوزتهم مخدرات، ويقول اختصاصيون إن المشكلات ومنعطفات التي تمر بها الأسر تعتبر هي الأسباب الرئيسية وراء تعاطي الأبناء مثل هذه الحبوب من أجل تغييبهم عن الواقع الذي يجب مواجهته.
مشكلات أسرية
يقول أحد الشباب إنه اعتاد على تناول هذه الحبوب منذ أكثر من ثلاث سنوات بسبب المشكلات الأسرية التي يواجهها، حيث أن والده انفصل عن والده وهو في سن صغير حيث أصبحت الأم هي من تقول بإعالته هو وإخوته الصغار البالغ عددهم ثلاثة، ويقول الشاب إن قبل انفصال والديه عن بعضهما كان كثيراً ما يشهد مشادات كلامية بين والده ووالدته تتخللها ألفاظ نابية ما زالت مترسخة في ذهنه رغم مرور أكثر من خمس سنوات عليها، إلا أن أثرها ما زال عالقاً، ويواصل الشاب حديثه قائلاً: كثيراً ما اشتبكت مع والدي بالأيدي لأنه كان يقوم بضرب أمي ضربا مبرحا وبعدها يفر من المنزل عدة أيام يعود بعدها لإثارة المشكلات مرة أخرى”، وأضاف أنه منذ ذلك الحين قد عثر على عدد من الشباب يحملون معه نفس الهموم والمشكلات العائلية وبعضهم بدون أي أسباب، دخلوا هذا العالم من أوسع أبوابه وكان الغرض في ذلك الوقت الهروب من الهواجس التي تدور بخلدهم، بعدهها أصبح الأمر إدماناً يصعب التخلص منه.
أصدقاء سوء
خالد شاب عشريني يقطن إحدى ضواحي محلية أمدرمان يقول: “كنت أقضي معظم أوقاتي مع عدد من الشباب واعتدنا البقاء معاً معظم اليوم، بعض هؤلاء الشباب يتعاطون مثل هذه الحبوب وليس لي علم بذلك، حيث كانوا يضعون معظمها داخل حافظة المياه التي نشرب منها، أو داخل القهوة التي نتناولها في المساء عند إحدى ستات الشاي بالمنطقة، بدأت أشعر بصداع في حال عدم ملاقاتي لأصدقائي لم أكن أعلم سر هذا الصداع، فكنت أذهب وأتناول القهوة لكن يظل الصداع ملازماً رأسي لساعات طويلة وأحياناً أيام”. وأضاف خالد: “وصلت مرحلة لا أستطيع فيها تحمل ما يحدث وأخيراً علمت أن السبب هو أن القهوة التي كنت أتناولها معهم بها كمية من حبوب الخرشة، ذهبت إلى طبيب وعرضت عليه الحالة أصبح فيما بعد يقوم بعقد جلسات علاج، وأصبحت أتناول جرعات تُخفّض كل يومين إلى أن تعافيت منها“.
قوانين صارمة
في الفصل الثالث من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية للعام 1994 في فقرة المؤثرات العقلية المادة 12 الفقرة الأولى تقول: (لا يجوز استيراد أي من أنواع المخدرات والمؤثرات العقلية أو تصديرها أو إدخالها إلى السودان بأي من الطرق أو إنتاجها أو صنعها أو تملكها أو حيازتها أو إحرازها أو نقلها أو الاتجار فيها أو بيعها أو شراؤها أو تسليمها أو تسلمها أو وصفها طبياً أو تبادلها أو التنازل عنها بأي وجه أو التوسط في أي من تلك العمليات ما لم يكن ذلك للأغراض الطبية أو العلمية على أن يتم ما ذكر آنفاً بموجب ترخيص من الوزير وذلك في الحالات وبالشروط المنصوص عليها في هذا القانون أو أي قانون آخر) كما جاء في ذات القانون (يعد مرتكباً لجريمة الاتجار في المخدرات أو صنعها أو زراعة النباتات التي تستخلص منهـا المخـدرات أو المؤثرات العقلية ويعاقب بالسجن المؤبد والغـرامة التي تحددها المحكمة كل شخص يرتكب بقصد الاتجار أياً من الأفعال الآتية، وهي إنتاج أي من أنواع المخدرات أو المؤثرات العقلية أو صنعها أو استيرادها أو تصديرها أو القيام بنقلها وذلك في غير المجالات المرخص بها بمقتضى أحكام هذا القانون أو أي قانون آخر).
كما أن العقوبة القصوى للمتاجرة بالمخدرات قد تصل إلى عشرين عاماً، وقد تمت محاكمة عدد من التجار بالإعدام، حيث أن كمية المخدرات هي التي تحدد مدة العقوبة، وأكد مسؤول رفض ذكر أسمه أن العقوبة قد تتجاوز العشرين عاما مع دفع غرامة مالية ومصادرة المعروضات واتلافها، وأكد أن عقوبة متاجرة المخدرات كلما كانت أكثر صرامة كان ردع الجريمة فيها بصورة كبيرة، وامتنع الذين يفكرون في المتاجرة فيها، كما أكد أن الحبوب التي يتم القبض عليها عند التجار ليست مطابقة ونتائجها صادمة جداً، والأمراض التي تنتجها هذه الحبوب غير قابلة للعلاج وهي قاتلة، وأكد أنه بعد وقوف الدولة مع الدول السنية ضد الدول الشيعية أصبح دخول حبوب المخدرات والهيروين إلى السودان عن طريق دول مجاورة بأرقام خيالية، حتى انه لم تكن هناك دول تدخل مثل هذه الحبوب إلى السودان بصورة مباشرة، لكن الآن هناك أرقام مخيفة وهي في تصاعد بسبب هذه الخلافات مع الدول الشيعية مثل بلاد الشام، حيث أن السلطات في مطار الخرطوم تقوم بالقبض على كميات كبيرة من الهيروين مهربة من دول شقيقة القصد منها تدمير الشاب السوداني الذي يجد ضالته في مثل هذه المخدرات.
الخبير الاجتماعي فيصل شطة يقول الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية هي السبب الرئيسي في الاضطراب الذي يعيشه الشاب السوداني، وأضاف فيصل أنه في الفترة الأخيرة انتشرت في المجتمع السوداني ظاهرة المشاكل الأسرية والتي ألقت بظلالها على تعايش وتفكيك الأسر، كما أنه وفي السابق كانت الأسر الممتدة والتي تتكون من أكثر من أسرة هي السبب الرئيسي في ترابط الأسر، وأن الأسر الممتدة جميعها تساعد في تربية وتنشئة الابن، لكن مع غياب الأسر الممتدة والتي أصبحت أسرا أحادية غاب دورها فاصبح الأب والأم هم فقط من يقومون بعملية التربية والتنشئة، كما أنه وفي السابق كان التعليم معافى، وكان شعار التعليم هو (التربية والتعليم)، وأكد شطة أن الأسر التي تعاني من الاضطرابات الأسرية هي الأسر التي يعيش رب الأسرة فيها خارج البلاد، وأن أسر المغتربين هي أكثر الأسر الذين يتعاطى أبناؤها المخدرات باعتبار أن ابن المغتربين عادة ما يستطيع الحصول على المال، لكن الأسر الفقيرة غالباً ما لا يستطيع الابن توفير ما يتعاطاه، كما أن الوافدين من الجنسيات الأخرى وانفتاح التكنولوجيا والإنترنت هما السبب الرئيسي في ارتفاع معدلات تعاطي المخدرات، المجتمع السوداني في حاجة إلى نسيج اجتماعي قوي ومترابط، والاعتراف بالآخر، كما أن أحد الأسباب التي تؤدي إلى تعاطي المخدرات عند الشاب السوداني هو الفراغ وعدم التخطيط، والإحساس بالإحباط والفشل، وكيف يستطيع الشاب أن يخطط لنفسه بالإضافة إلى أصدقاء السوء والذين يستغلون فرصة توهان الشباب ومن ثم استقطابه.
أحمد الباباي
صحيفة الجريدة