تحقيقات وتقارير

أربعة غادروا للخارج خلال أسبوع سفر الوزراء.. هرولة تقفز فوق حاجز التقشف

في اليوم الأخير من شهر مارس الماضي، أصدر رئيس مجلس الوزراء القومي السابق النائب الأول لرئيس الجمهورية الحالي، الفريق أول ركن بكري حسن صالح قرارًا قضى بترشيد سفر الوفود الرسمية للخارج..

ورهن سفر أي وزير أو دستوري للخارج بموافقته الشخصية على ذلك بعد الاطلاع على دواعي السفر، وبين حينها أن كثيرا من الفعاليات التي يسافر الوزراء لحضورها يمكن التمثيل فيها على مستوى سفير البلاد في الدولة المعنية.. غير أن القرار ربما مضى بمضي الرجل عن المنصب، وقدوم خليفة له، إذ أن الفترة القصيرة التي أعقبت أداء وزراء حكومة معتز موسى القسم شهدت سفر ثلاثة وزراء ومسؤول دستوري، اتجه ثلاثة منهم إلى العاصمة السويسرية جنيف رغم وجود مندوب دائم للبلاد فيها، بينما اتجه الرابع صوب الهند لحضور مؤتمر حول إصحاح البيئة.

تفاصيل الأسفار

بُعيد أدائه القسم قاد وزير العدل مولانا محمد أحمد سالم وفد السودان للمشاركة في الدورة (39) لمجلس حقوق الإنسان التي استمرت حتى نهاية الشهر، وتم استقباله بواسطة مندوب السودان الدائم بجنيف السفير، مصطفى عثمان إسماعيل، الذي قال حينها إن سالم جاء ليلقي بيان السودان في الجلسة.

وغير بعيد عن ذلك التاريخ، غادر النائب العام عمر أحمد محمد إلى العاصمة النمساوية فيينا لحضور فعاليات الدورة السابعة لمجلس الدول المشاركة في الأكاديمية الدولية لمكافحة الفساد.

فيما أعقبت ذلك زيارة للعاصمة السويسرية جنيف قام بها وزير الداخلية د. أحمد بلال عثمان لحضور الدورة (69) لاجتماع اللجنة التنفيذية لمفوضية شؤون اللاجئين في زيارة من المقرر أن يعود منها اليوم السبت إلى الخرطوم.

فيما عاد إلى البلاد أمس الأول وزير الصحة د. محمد أبو زيد مصطفى من مدينة نيودلهي بدولة الهند، التى غادر إليها الأسبوع الماضي، للمشاركة في مؤتمر (المهاتما غاندي الدولي للإصحاح البيئي)، الذي استمر لنحو أسبوع ناقش خلاله كيفية محاربة ظاهرة التبرز في العراء بصورة مستمرة والمحافظة على المناطق التي أعلنت خلوها من هذه الظاهرة على نطاق العالم، ودور الجندر في الإصحاح وتفعيل المجتمعات والمبادرات.

إنقاص النثريات

وإن كان سفر الوزراء للخارج، قد أثار كثيرا من اللغط، إلا أن عضو البرلمان ورئيس حزب الحقيقة الفيدرالي يرى أن سفر الدستوريين للخارج واحدة من مطلوبات الدولة كون البلاد تعيش في محيط إقليمي ودولي تؤثر فيه وتتأثر به، بيد أنه يشدد على أهمية ترشيد السفر ما أمكن ذلك، ويقول شعيب في حديث لـ(الصيحة): “لا يمكن للسودان أن يقلص دور الجهاز التنفيذي في سبيل التقشف لدرجة غير معقولة، لأن للوزراء دوراً يؤدونه بالخارج لكن يجب أن يكون تسفارهم بالقدر المطلوب”، مبيناً أن التقشف لا يكون في منع السفر، ولكن يكون في تقليل الوفود المختصة ما أمكن ذلك، فضلاً عن إنقاص نثريات السفر إلى النصف أو أقل، خاصة وأن الوزير المعني ينال مرتبه بالكامل ونثرياته الداخلية.

ضرورة الأسفار

ويشير شعيب إلى أن السفر يكون ضرورياً أحياناً ولا يمكن الاستعاضة عن الوزير بالسفير المقيم في الدولة التي تقام بها الفعالية، باعتبار أن المؤتمرات التي تتطلب سفر الوزير عادة ما تكون مؤتمرات تخصصية ذات صبغة تتعلق مباشرة بالوزارة، ضارباً المثل بأن الوزير نفسه دائماً ما يستصحب معه موظفين من الوزارة يكونون أكثر دراية بالأمر المطروح فنياً، مبيناً أن السفراء لا يستطيعون التمثيل في كل القضايا التي ربما تتعلق بالتجارة والزراعة والثروة الحيوانية والاقتصاد.

روشته علاج

شعيب يرى أن الدولة لا يمكن أن تحجِّم السفر الخارجي بدعوى التقشف، بيد أنه قدم روشتة للعلاج ربما تكون الأفضل، مبيناً أن الحكومة أن شرعت بكلياتها لمحاربة الفساد فإنها لن تحتاج إلى التقشف، مشدداً على أهمية أن يشارك الجميع من مختلف فئات المجتمع على محاربة الفساد الذي من شأنه أن يوفر للبلاد مداخيل متعددة تخرجها من نفق الأزمة الاقتصادية الحالية، وحينها يمكن المشاركة في كل الفعليات دون أن يؤثر ذلك في إدارة البلاد.

ملف الأسفار

وإن كان شعيب يرى أن للسفر فوائد عدة تنعكس على البلاد، فإن رئيس حزب المؤتمر السوداني المعارض عمر الدقير يتأسف في حديث لـ(الصيحة) على سفر وزراء الحكومة بمجرد الفراغ من أداء القسم، مبيناً أن سفر ثلاثة وزراء خلال أقل من أسبوع يشير بجلاء إلى أنهم وما إن جلسوا في مكاتبهم كان أول ما نظروا إليه ملف الأسفار الخارجية، بدلاً من أن يعكفوا على ملفات الأزمات الواقعة في نطاق اختصاصاتهم لدراستها واجتراح الحلول المناسبة لها، مبيناً أن ذلك مؤشر لا يتسق مع خطوة تقليص عدد وزراء الحكومة الذي تم بهدف ترشيد الإنفاق العام، ويؤكد استمرار الحكومة في نهج استنزاف الموارد العامة عبر الصرف غير المرشد.

من تكليف إلى تشريف

الدقير يرى أن الوزراء الذين سافروا للخارج تركوا أزمات تعصف بالناس وعبروا البحار والصحارى على مقاعد الدرجة الأولى في جوف الطائرات بعد أن استلموا قيمة النثريات وإيجار غرف الفنادق بالعملة الصعبة “الشحيحة” من أجل قضايا هامشية لا تشكل أولوية أمام مسؤولياتهم الجسام التي تتطلب الوجود الميداني وسط الأزمات ومواجهتها بإعمال الفكر والتخطيط والمتابعة، مبيناً أن ما حدث نتيجة طبيعية لنهج الترضيات ومحاصصة كراسي السلطة الذي درجت عليه الحكومة حتى تحوَّر معنى الوظيفة العامة خصوصاً الوظيفة الدستورية التي انتقلت من تكليفٍ لخدمة الناس وإيفاءٍ لحقوقهم إلى تشريفٍ وبابٍ من أبواب المنفعة الشخصية.

صحيفة الصيحة.