فك حظر استيراد السلع .. ضبابية القرارات
تعددت سياسات بنك السودان المركزي للعام 2018 وفقاً للمستجدات الاقتصادية، والتي يؤكد من خلال منشوراته انها تستهدف تحقيق الاستقرار النقدي والمالي للمساهمة في تحقيق النمو المستدام من خلال استقرار المستوى العام للأسعار وسعر الصرف وتحقيق الاستقرار المالي والسلامة المالية للمصارف والمؤسسات المالية، اضافة الى المساهمة في تحفيز تحويلات السودانيين العاملين بالخارج والاستثمار الأجنبي لجذب موارد النقد الأجنبي للسوق المنظمة وتوسيع قاعدة الشمول المالي مع تطوير التقنية المصرفية ونظم الدفع الإلكترونية وتوجيه التمويل للقطاعات الإنتاجية وتعزيز دور القطاع الخاص ، وتعزيز ونشر برامج التمويل الأصغر والصغير والمتوسط.
الجدير بالذكر انه تم تخفيض فاتورة الاستيراد بمقدار 600 مليون دولار بعد مضي 6 أشهر من السياسات التي اتخذها البنك المركزي بداية العام الحالي للسيطرة على تعاملات النقد الأجنبي خارج الجهاز المصرفي وإجراءات السيطرة على عمليات الاستيراد والتصدير.
والهدف منها التوجيه لاستيراد السلع الأساسية ومستلزمات القطاعات الإنتاجية والتي ساهمت في تخفيض فاتورة الاستيراد والعجز التجاري بمقدار 660 مليون دولار، وذلك خلال 6 شهور منذ تطبيق موازنة عام 2018م رغم انها نصت على رفع الدولار الجمركي الى 18 جنيهاً من 6.9 جنيهات.
وكشف محافظ البنك المركزي السوداني محمد خير الزبير أن السودان سيلغي قيود الاستيراد التي فرضها العام الماضي على 19 سلعة غذائية ومواد أخرى في إطار حزمة إجراءات اقتصادية جديدة ، وإعادة النظر في الرسوم الجمركية وتسريع عملية الاستيراد مع مراعاة أولويات الاستيراد المتعلقة بالوقود والقمح والسكر والأدوية ومدخلات الإنتاج الزراعي والصناعي.
إرباك المستوردين
هذا القرار تحدث عنه الخبير الاقتصادي د.الفاتح عثمان محجوب بقوله ان فك الحظر عن الـ19 سلعة مهم للاقتصاد السوداني لان معظم هذه السلع يمثل سلعاً تبدو للمواطن العادي غير مهمة كطيور الزينة وغيرها ، ولكن بشكل عام تحتاجها طبقة تتراوح ما بين 1ـ5% من السكان ولكنها قادرة على السفر وجلب هذه السلع من الخارج وباموال مضاعفة، وقال الفاتح انه من الافضل للاقتصاد السوداني ان يفك حظر هذه السلع مع وضع رسوم جمركية اضافية وبذلك تصبح الفائدة عامة بالحصول على السلع ومضاعفة الرسوم ليستفيد الاقتصاد.
الا انه استدرك بقوله ان هذه السلع لا تمثل جزءاً من اقتصاد الاستيراد فهي ليست اساسية وتستورد بمبالغ قُدرت ما بين 40 مليون دولار او اقل والواردات الكلية تتراوح ما بين 9ـ11 مليون في ظروف الاستيراد المكثف.
واوضح في ذات السياق ان اجراءات بنك السودان بشكل عام وفقاً لقراراته الاخيرة سمح بالاستيراد ولكنه كان غامضاً فيما يختص بكيفية الاستيراد واتضح ذلك من المنشورات، فالاستيراد يتم من الموارد الذاتية ما خلق حالة من الربكة بين المستوردين واصبحوا يتساءلون : هل القرارات تسمح لهم بالاستيراد ام لا ؟ واصبحوا متوجسين لعدم وضوح رؤية بنك السودان فيما يختص بالاستيراد فمعظمهم لديهم حسابات خارجية، واصبح تفسيره كأنه يصب في جانب السماح بالاستيراد اوالمنع خاصة الربكة التي حدثت في سوق الدولار ، وقال ان هذه الضبابية تجعل الرؤية غير متكاملة لان الصورة جعلت الرؤية غير متكاملة للمستوردين ولا يعرفون ماذا يريد بنك السودان فيما تجلت تماماً للمصدرين.
اختلالات وانعدام ثقافات
من جهته اكد المحلل الاقتصادي د.هيثم فتحي لـ”الانتباهة” ان القرار فيه بعض الاختلالات فهو لا يخدم المصلحة العامة وفق الأزمة التي تعيشها البلاد وبحاجة لمزيد من الدراسة والتحليل والتشاور مع أصحاب الشأن الجمارك والمستوردين واصحاب العمل والغرف الصناعية .
واشار الى ان الحل لا يكمن في رفع الحظر بل يكمن في ثقافة المستهلك والتقيد بالعقلانية والترشيد الاستهلاكي والامتناع عن بعض المنتجات الكمالية والتخلي عنها حتى نثبت قدرة ووعي المستهلك السوداني حول هذا التحدي الاقتصادي.
واوضح فتحي ان الضغط الكبير على العملة الصعبة سيؤدي إلى زيادة الطلب ونقص العرض وهو ما أدى إلى رفع قيمة هذه العملات مقابل الجنيه السوداني حيث يعيش الاقتصاد السوداني حالة عدم استقرار خاصة في سوق العملات الاجنبية الموازية. قرار رفع حظر المواد المستوردة يجب أن يكون متبوعاً بزيادة الرسوم الجمركية كما هو معمول به دولياً من أجل حماية السوق الداخلية من خلال فرض رسوم إضافية مؤقتة بغرض القضاء على المضاربة والاحتكار.
وكانت وزارة التجارة قد أصدرت في سبتمبر من العام الماضي قراراً بحظر 19 سلعة استهلاكية مؤقتاً وفقاً للمرسوم الجمهوري السابق وتبعاً لتوجيهات رئاسة الجمهورية التي دعت إلى اتخاذ حزمة من السياسات والإجراءات لترشيد الاستيراد وفقاً لبرنامج الإصلاح الاقتصادي.
وشملت السلع المحظورة منتجات اللحوم والحيوانات الحية ومنتجات الألبان عدا (لبن البدرة ولبن الاطفال) وحظر القرار استيراد العصائر بجميع انواعها والأسماك والفواكه والثمار والخضروات ومحضرات الكاكاو ولعب الأطفال وأصناف التسلية وطيور الزينة وأزهار وأغصان المظلات والمنظفات وسلع أخرى.
الخرطوم: رباب علي
صحيفة الإنتباهة