تحقيقات وتقارير

البشير: لن أُفرِّط في أحمد هارون وحميدتي


*مرَّة أخرى، وفي أقل من أسبوع، جمع رئيس الجمهورية بين أحمد هارون وحميدتي، واحتشد جمع غفير من الولاة والنظاميين ورجالات الطرق الصوفية والإدارات الأهلية .

وذلك مساء أمس ببيت الضيافة ليشهدوا على طي الخلاف بين الرجلين. البشير قطع بأنه لن يُفرّط في أيٍّ منهما؛ فهما بالنسبة له من أقوى رجاله ويجدهما في اللحظات الصعبة. وأكد أن من كسر شوكة التمرد الأخير في دارفور هو حميدتي، وأن من حمى كادقلي من الاحتلال وأن تكون عاصمة للتمرد هو أحمد هارون، وزاد الرئيس مازحاً بقوله: (هذا غير المواقف الكثيرة الأخرى التي جعلتنا “زملاء” سوياً في محكمة الجنايات الدولية).

شدَّدَ رئيس الجمهورية المشير عمر البشير على أنه لن يُفرِّط أبداً في والي شمال كردفان مولانا أحمد هارون؛ وقائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان حميدتي. وقال البشير: (الاثنين ناسي، والاثنين رجالي، والاثنين ما بقبل أفرط في أي واحد فيهم). وأكد البشير مساء أمس؛ في لقاء ببيت الضيافة حضره بعض الولاة وقادة القوات النظامية ومشائخ الطرق الصوفية وقادة أحزاب والإدارات الأهلية ونظار القبائل بمختلف ولايات السودان بولايات كردفان ودارفور؛ أكد أنه لم ينزعج كثيراً بأحاديث الواتساب عندما حدث الإشكال الأخير بين هارون وحميدتي، لأن الخلاف لم يكن شخصيا؛ إنما في وجهات نظر وفي مواقف مختلفة في الشأن العام، ولأنه قادر على طي الخلاف في لحظة. وقال البشير: (بكل أسف عندما حدثت هذه القصة قام بعض الناس بالاحتفاء بها، لأنهم أي حاجة تضر الشعب السوداني بتعجبهم، وأي حاجة تفرح الشعب السوداني بتوجعهم، وإن شاء الله نحن كل مرحلة نزيدهم وجع ومغص).

وقال البشير إن معرفته بهارون وحميدتي ليست معرفة عابرة وإنما منذ سنوات طويلة (وخبر معدنهم في اللحظات الحارة). وضرب البشير نموذجاً لأحمد هارون بقوله: (عندما حصلت “الكتمة” في كادوقلي؛ واليوم داك كان أحمد موجود فيها، ووجوده كان أكبر دافع وحافز لقواتنا لأن تقاتل، وقاتلت القوات 12 يوماً داخل المدينة، وكانت مفاجأة غير سارة للمتآمرين على السودان؛ وعلى رأسهم المبعوث الأمريكي ليمان؛ الذي صرح بأن معلوماتهم تقول إن عبد العزيز الحلو سيستلم كادوقلي خلال ساعتين فقط؛ فلديه 60 موقعاً داخل كادوقلي وعلى جميع الجبال حول المدينة، وسيتم إعلان كادقلي عاصمة السودان المؤقتة، ويشكل مجلس الحكم الانتقالي، وينضم له ناس النيل الأزرق ومتمردو دارفور، ومن ثم يتجمعون ليذهبوا سوياً إلى الخرطوم، وبذات السيناريو الذي حصل في ليبيا، لكن بفضل أحمد هارون ووجوده في جميع المواقع والجبهات أنقذ المدينة مرتين من الاحتلال بصبره وجلده)، وأضاف مازحاً: (هذا غير المواقف الكثيرة الأخرى التي جعلتنا زملاء سوياً في محكمة الجنايات الدولية).

وأكد البشير أن حميدتي هو الذي كسر شوكة التمرد الأخير في دارفور عندما تجمع المتمردون في الجبال الشرقية، وكان هدفهم دخول الخرطوم، وقال: (طلبت تلفون بأن يحضروا لي حميدتي، لأني بعرف رجالي، وقلت له خلال أسبوعين داير 5 آلاف مقاتل، وخلال أسبوعين وصل الخرطوم 6 آلاف مقاتل، وعندما وصلت القوات كوستي تحرك المتمردون إلى الجبال الغربية، ومن أبو زبد طاردهم حميدتي حتى دخلوا جنوب السودان. وأكرر لكم مرة ثانية لن أُفرط في هارون وحميدتي؛ ولن أسمح بأي شرخ بينهما، وكلنا خطاءون، وخير الخطائين التوابون، فهو ليس خلافا حول أرض أو امرأة أو منفعة شخصية، إنما حرص على الحق والصالح العام)، وأضاف: (الموضوع ده ما أخد مني دقايق، ناديت حميدتي وقلت له حصل كذا وكذا، وأريد منكما “واحد اثنين ثلاثة”، وقال لي: الأمر تم خلاص، والناس مشوا الأبيض، ونجي نكمل الاتفاق معك هنا).

وقال البشير إنهم يديرون السودان في ظروف صعبة؛ وإن استهداف السودان يزيد في كل نجاح تحققه البلاد، وأكد أن الاستهداف على السودان ليس جديداً ولم يبدأ مع الإنقاذ؛ إنما بدأ من انتصار الثورة المهدية على الإمبراطورية البريطانية التي كان يقال عنها “الإمبراطورية التي لا تغيب الشمس عنها”، وغابت شمسها هنا عبر الدراويش، وهذا الانتصار لفت النظر لجغرافية وتاريخ وثقافة السودان، وكانت خلاصتهم أن هذا الشعب طموح وتاريخهم يقول ذلك وهم خطر علينا، ويجب تدمير هذه الدولة؛ وضرورة “حبس العفريت في قمقمه”، وأقول العفريت لن ينحبس وسنكسر القمقم؛ وسنسود العالم إن شاء الله، لذلك يجب أن نحافظ على وحدتنا).

والي شمال كردفان أحمد هارون قال إن أصل البشرية واحد من سيدنا آدم، والسودان يجسد بقبائله الترابط والتراحم في أبهى صوره، وإن هذا التجمع الفريد في بيت الضيافة خير دليل على ذلك، ونحن نمثل أسرة واحدة وهدفا واحدا هو رفعة السودان وتقدمه، وفي المسير نحو هذا الهدف الكبير قد تتباين الرؤى وتتقاطع أحياناً بشكل غير محسوب، لكن ستظل صيانة أمن السودان وتنميته ورفاه إنسانه هدفا كليا يجمعنا مرة أخرى، بواسطة وحدة القيادة هنا في دار السودان؛ التي تمثل “المايسترو” الجامع والرابط لكل هذه المسارات. وشبه هارون احتكاكه مع حميدتي باحتكاك الأسنان مع اللسان؛ وقال: (في بعض الأحيان “تقرض” الأسنان اللسان؛ لكن مافي واحد فيهم بيطلع من الخشم، ولا يحتاج العلاج؛ حتى لمجرد مضاد حيوي ليستعيد اللسان عافيته.. وهذه سحابة الصيف التي حدثت بيني وأخي العزيز حميدتي، ونحن ما اتعارفنا الليلة ولا أمس إنما في بداية الألفينات، ولكن وقع القدر المقدور، والآن نحن أقرب لبعض من أي وقت مضى، وبيربطنا حبل وما بيقطعنا سيف). وأرسل هارون شكره لحميدتي وإخوانه وأهله الذين بادروا فوراً لرأب الصدع؛ ووصلوا إلى الأبيض بقيادة “الإخوان صافي النور، والشريف بدر، واللواء عبد الرحيم حميدتي، والباشمهندس جعفر حسن، وأسامة”، وأضاف: (كملنا الكلام في الخرطوم، وتمت الخياطة بالحرير بواسطة الرئيس).
من جانبه أكد قائد قوات الدعم السريع الفريق حميدتي، أن ما حدث سحابة صيف، ورب ضارة نافعة، وقال: (أنا سعيد بهذا التجمع الذي يجمع مختلف ألوان الطيف السوداني، ولولا الذي حدث لم نسعد بتجمعكم الذي يحرضنا بقوة على ضرورة العمل لصيانة البلاد وحفظ أمنها، والآن نحن أكثر ترابطا من الأول؛ وما حدث زلة لسان). ووعد حميدتي بأن لا يكون لهم هدف إلا وحدة السودان، ولا هم لهم إلا المواطن. وأضاف حميدتي: (قوات الدعم السريع تجابه حملة منظمة لتشويه سمعتها، بهدف إضعافها ونبذها من قبل المواطنين بالأخبار الكاذبة، ولكن من هنا لقدام سنُولي الإعلام اهتمامنا ونُشركه في ما نقوم به، وسيكون حاضرا في جميع محاورنا، وهذا توجيه من السيد الرئيس). ونفى حميدتي أن تكون قواته تعمل لوحدها كما يشاع الآن، وقال إنهم يعملون ويتحركون فقط بتوجيهات من الرئيس وتوجيهات من وزير الدفاع وتوجيهات من رئيس هيئة أركان القوات المسلحة، ولا يتحركون أي خطوة دون توجيهات واضحة وصريحة منهم. وقال إن خطواتهم محسوبة لأن أي مشكلة صغيرة من أحد أفراد الدعم السريع (الدنيا كلها تقوم) وتكبر المشكلة، لذلك هم حريصون على الانضباط رغم الاستهداف. واعتبر حميدتي أنه لا يُوجد مخرج للبلاد إلا بوحدة الجميع والعمل الجاد سوياً للعبور بالبلاد من هذه المرحلة الصعبة.

صحيفة السوداني.