تحقيقات وتقارير

الحزب الشيوعي .. إدمان الهروب من القضايا الوطنية


رفض الدعوة لبناء الدستور وقانون الإنتخابات

حظيت الدعوة التي أطلقتها الحكومة لتكوين اللجنة العليا للدستور بإستجابة قوية من الأحزاب والكيانات السياسية والحركات المسلحة الموقعة علي السلام، لإنجاز دستور دائم للبلاد يمهد لمرحلة الإستقرار السياسي والتوافق وتجاوز الصراعات السياسية والنزاعات المسلحة والإنطلاق بالتنمية في كافة المجالات.
ورغم التوافق علي أن المرحلة الجديدة تحتاج للمشاركة السياسية الفاعلة لجميع مكونات الأحزاب السودانية، والتأكيد المستمر أيضاً من الحكومة علي أن الدعوة لبناء الدستور وقانون الإنتخابات لن تستثني أحداً، وأن الباب مازال مفتوحاً أمام رافضي السلام والحوار الوطني للحاق بالركب، ورغم التطمينات الحكومية بالإلتزام بإعتماد قانون الإنتخابات عبر التوافق السياسي والوطني، وليس عبر الآلية المكانيكية للكتلة البرلمانية المؤتمر الوطنى وشركائه بالبرلمان، إلا أن مواقف بعض الأطراف من الدعوةاعتبرها البعض تلكؤاً عن الإستجابة للمشاركة في الهم الوطني الكبير الذي لايقبل التأخير.

ووصف العديد من المراقبين مواقف هذه القوي الممانعة في الإستجابة لنداء بناء الدستور وقانون الإنتخابات بأنه موقف غريب وشاذ، لأن الدستور للجميع وليس للأحزاب المشاركة في الحكومة فقط، حيث أصبح الرفض هو الأساس في كل شئ دون النظر للقضايا أو المشكلات المطروحة للنقاش والحوار، ويمثل الحزب الشيوعي السوداني عراب هذه الفئة التي تؤمن بالرفض كعقيدة ومبدأ.

بينما يدافع الحزب الشيوعي عن رفضه للحوار مع الحكومة بأنه موقف سياسي، وأنه لا جدوي لأي حوار مع السلطة لا يؤدي لتفكيكها، ويري الشيوعي بأن الحكومة تعمل علي الترويج بأن لها إتصالات وحوارات مع قياداته كالسكرتير العام محمد الخطيب وصدقي كبلو ومختار عبدالله والمحامي كمال الجزولي، فضلا عن الدعوات للمشاركة في مناشط الحزب الحاكم أو مؤسسات الدولة، مثل المشاركة في مؤتمر(التعليم الذي نريد)، والدعوة للمشاركة في تعديل الدستور وقانون الإنتخابات.
رغم الحجج التى يسوقها الحزب الشيوعي، إلا أن المراقبين يرون أن هذه القضايا المطروحة هي قضايا عامة تتطلب توضيح رأي الحزب فيها وإعلانه بصورة واضحة للرأي العام، لذلك ليس للحزب مبرر للهروب من المشاركة أو حتي إبداء رأيه للجمهور للحكم علي صحته أوعدمه .

ولم يتستغرب العديد من المهتمين بالشأن السياسي السوداني، إنتهاج الحزب الشيوعي لإستراتيجية الهروب من مواجهة الرأي العام، والعمل علي إلقاء اللوم علي الآخرين، والتكسب السياسي في مشاكل البلاد وأزماتها، وهي صفة أصبح حلفاء الحزب أنفسهم يضيقون ذرعاً منها، حيث أصبحت الثقة مفقودة في الحزب بكافة الكيانات والتحالفات التي إنضم إليها خاصة نداء السودان وكيان الجبهة الثورية الذي ينتهج العمل المسلح وسيلة لتغيير الأوضاع السياسية بالبلاد، فضلاً عن نهج التخوين الذي يتبعه الحزب مع حلفائه خاصة حزب الأمة القومي بزعامة الإمام الصادق المهدي فيما يخص موقفه تجاهـ التسوية السياسية، حيث يري الشيوعي بأن خلاف الصادق المهدي مع الحكومة يتمثل حول كسب نصيب أكبر في السلطة، كما أن إعتماد المهدي علي العامل الخارجي غير مأمون العواقب لأن الدول الخارجية تحدد أولويات دعمها للمعارضة وفقاً لمصالحها.
إستراتيجية التخوين ليست قاصرة علي المهدي فقط وإنما سعي الشيوعي للتوسع في التشكيك من مواقف حلفائه بالمعارضة خاصة الحركات المسلحة والحركة الشعبية قطاع الشمال، والتي وصفها الشيوعي بالضعف في بنيتها، وأنها أصبحت أمام خيارين إما القبول بالهبوط الناعم والسلام القسري أو التمسك بمواقفهم ومواجهة العقوبات من المجتمع الدولي، وتري قيادات بارزة بالحزب الشيوعي أن حلفائهم بالمجموعات المسلحة تعمل جاهدة للتحضير لجعل الهبوط الناعم والسلام القسري واقعاً ملموساً.

وعزا المراقبون إنتهاج الحزب الشيوعي لمبدأ الرفض المستمر في التفاعل الإيجابي مع أي مبادرة وطنية لخشية الرفاق لمواجهة الواقع الذي ينكرونه بإستمرار بشأن تآكل عضوية الحزب وعجزه عن إستقطاب الأجيال الجديدة لصفوفه، فضلاً عن أن أية مشاركة في الإنتخابات ستمثل نهاية حتمية وعزلة سياسية إجبارية للحزب من الساحة السياسية السودانية.

الخرطوم: محمد عمر(SMC)