تحقيقات وتقارير

بعد لقاء سلفاكير بحَملة السلاح قادة قطاع الشمال.. العودة إلى المعترك السياسي


يبدو أن جوبا ترغب في رد الجميل للخرطوم، بعد نجاحها في توقيع اتفاق السلام بالجنوب..
بعد جولات ماراثونية احتضنتها الخرطوم وتوجت بتوقيع مفصلي في أديس أبابا، الأمر الذي ساهم بقدر وافر في إيقاف زخات الرصاص بالجنوب، وربما أثلج الأمر صدر القيادة الجنوبية، وفكرت في رد الجميل الأخير، حيث كشفت مصادر مقربة من سلفاكير عن لقاء جمعه مع قادة المعارضة المسلحة الشمالية بقيادة مالك عقار وعرمان، وحثهم على الاتجاه صوب السلام والمشاركة في الانتخابات.

رد جميل

قبل فترة، حينما سألت “الصيحة” وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم حكومة الجنوب مايكل مكواي عن الجميل الذي يمكن أن تقدمه جوبا للخرطوم، قال مكواي: الخرطوم ليست في حاجة لرد جميل من جوبا، ما قدمته هو واجبها تجاه شعب كان جزءاً منها. بيد أن مكواي شدد على أنهم لن يسمحوا للحركات المسلحة الدارفورية بالبقاء داخل الأراضي الجنوبية وطردها وقطع الدعم اللوجستي عنها. وهو ذات السياق الذي مضى فيه دينق ألور الذي قال لـ”الصيحة” إن الخرطوم ليست في حاجة لرد جميل من جوبا، لأنها فعلت واجبها؛ الشاهد في الأمر أن معظم لسان حال المعارضة الجنوبية يردد صوت شكر للخرطوم، ويشدد على عدم السماح بأي عدوان من أراضي الجنوب صوب الخرطوم.

علاقة أزلية

الشاهد في الأمر، أن العلاقة بين الحركات المسلحة المتمردة الشمالية مع حكومة جوبا تتميز بالمتانة والروابط الأزلية، ولم ينس رئيس دولة الجنوب سلفاكير أن يقول في خطاب جماهيري مشهود إنه لن ينسى قطاع الشمال الذي كان أبرز أذرع الحركة الشعبية قبل الانفصال، وبُعيد انفصال الجنوب، اتهمت الخرطوم جوبا أكثر من مرة بدعم الحركات الدارفورية أخرها في العام 2017م بعد العدوان على ولاية شرق دارفور من قبل حركة مني أركو مناوي، وثبوت تحركه من الأراضي الجنوبية، غير أن حكومة جوبا ظلت تكرر أنها فكت الارتباط مع قطاع الشمال، ولا توجد أي وشيجة مشتركة بينها وقطاع الشمال.

المهم في الأمر أن البعض ينظر للروابط الأزلية السابقة بين متمردي شمال السودان وجوبا بأنها نافذة وورقة يمكن أن يستخدمها سلفاكير من أجل دعم مسيرة السلام بالجنوب ورد الجميل للخرطوم.

هل ينجح سلفاكير؟

ثمة من يقول إن سلفاكير يملك عدداً من كروت الضغط يمكن أن يستخدمها من أجل الضغط على الحركات الشمالية، من أجل التحرك صوب السلام. وهنا يقول القيادي بالحركة الشعبية شمال عمر الطيب أبوروف إن العلاقة التاريخية بين حكومة جوبا وقطاع الشمال تضع على عاتق سلفاكير مسؤولية تاريخية من أجل رد التحية للخرطوم التي ساهمت في تحقيق السلام بالجنوب، وأضاف: على سلفاكير التحرك لتسوية السلام بالشمال. وعن كروت الضغط التي يمكن أن يستخدمها سلفاكير قال أبوروف (للصيحة): العلاقات التاريخية بين قطاع الشمال وحكومة جوبا تخلق فرصة إيجابية من أجل التحاور ودعم مسيرة السلام بالشمال، وقال: الحركة الشعبية الأم وقطاع الشمال بينهما علاقات تاريخية راسخة لم تنقطع بسبب الانفصال، ويمكن تسخيرها لمصلحة السلام بالشمال.

إيقاف الدعم

هنالك من يصر على أن جوبا لم تفك ارتباطها بقطاع الشمال بعد، وهذا ما ذهب إليه أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية د. حسن الساعوري، حيث قال: السلاح الذي يمتلكه قطاع الشمال يأتي من جوبا، التشوين والإغاثات تأتي من جوبا، وفي حال إيقافها سترضخ معارضة الشمال للسلام. وأضاف للصيحة: الفرقتان التاسعة والعاشرة بالجيش الشعبي ما زالتا موجودتين بالنيل الأزرق وجنوب كردفان، وتأتي مرتباتهم من جوبا، بالتالي يمكن لسلفاكير قطع الدعم مقابل إجبار قطاع الشمال على السلام ورد الجميل للخرطوم، وأضاف: أيضاً العلاقات الأيديولوجية بين قطاع الشمال وجوبا يمكن تسخيرها لمصلحة الخرطوم.

المعارضة تكسب

في حال نجاح جوبا في دفع قادة قطاع الشمال صوب السلام، فإن ثمة نجاحات كبيرة ستقطف ثمارها المعارضة الداخلية، إذ يقول حسن الساعوري إن قطاع الشمال إذا تحول للسلام وعاد للخرطوم سيدخل في تحالف سياسي مع المعارضة بالداخل بغرض إسقاط المؤتمر الوطني في الانتخابات القادمة. وقال الساعوري: يبدو أن المعارضة بالداخل يئست من إسقاط النظام بالقوة، والمجتمع الدولي كذلك يئس من إزاحة النظام بقوة السلاح، بالتالي سيكون صندوق الانتخابات هو البديل لصناديق الذخيرة في الفترة القادمة حال توجّه قطاع الشمال صوب السلام.

الخرطوم :عبد الرؤوف طه
صحيفة الصيحة.