تحقيقات وتقارير

مـوازنة العام ٢٠١٩.. آمال وطموحات

موازنة عام 2018 كانت كارثية على الاقتصاد وألقت بظلال سالبة على عاتق المواطن والتي ظهرت جلياً في الاسواق بارتفاع مستمر في أسعار السلع الاستهلاكية والضائقة المعيشة.

وبعد السياسات الاقتصادية الاخيرة يتطلع القطاع الخاص السوداني أن تأتي موازنة العام ٢٠١٩ جريئة ومحفزة ومكملة لحزمة السياسات الاقتصادية التي أعلنت في مطلع أكتوبر ٢٠١٨ والتي جاءت طوق نجاة للقطاع الخاص بكل تكويناته واتحاداته القطاعية والولائية، بل جاءت مبشرة باستقرار اقتصادي بدأت ملامحه واضحة يسندها إنتاج وفير بولايات السودان المختلفه وعائد مجزي للمنتجين والمصدرين والمعدنين واستقطاب لحصايل الصادر وتحويلات المغتربين وحد من تهريب الذهب
هذا ما أكده نائب رئيس الغرفة القومية المستوردين د. حسبو محمد
احمد قائلاً إن نجاح السياسات الاخيرة مرهون بحزم أخرى تأتي في طيات موازنة العام ٢٠١٩ والتي يتوقع أن تكون ميزانية برامج تراعي الأولويات وتركز على الانتاج وتعظم من تحفيز المنتجين وتشجيع الصناعات التحويلية والصادرات المصنعة وتوفر التمويل لقطاع الإنتاج والتمويل للمصدرين والشراء وتصدير الذهب وترشد الانفاق وتوقف الشركات الحكومية المنافسة للقطاع الخاص وتعتمد في الإيرادات على التوسع الأفقي وليس التوسع الرأسي الذي يقود للتهرب الضريبي.

إن السياسات المالية والنقدية والتمويلية خلال العام ٢٠١٨ كانت في معظمها كارثية على الاقتصاد القومي وعلى القطاع الخاص بصفة خاصة ولقد حدت من مساهمته في الناتج القومي مما أسهم في تراجع معدلات النمو واضعين في الاعتبار الظروف الداخلية التي مرت بها البلاد منذ انفصال السودان عام ٢٠١١ وخروج أكثر من ٧٥٪ من موارد النقد الأجنبي والظروف الاقليمية والدولية التي يعاني منها السودان لأكثر من عشرين عاماً رغم رفع الحظر اسمياً عن السودان وبقائه جوراً ضمن قائمة الإرهاب وتراكم الديون الخارجية والتي استوفى السودان شروط إسقاطها وإعفائها.

واكد اهمية أن تتم مراجعة وتقييم سياسات عام ٢٠١٨ المالية والنقدية والتمويلية بواقعية وشفافية كمدخل لسياسات العام ٢٠١٩ وان تكون الإصلاحات بنفس الجرأة التي اتسمت بها حزمة أكتوبر التصحيحية. أن انعكاسات سعر الدولار الجمركي الذي تضاعف ثلاث مرات في مطلع ٢٠١٨ جاء جرعة قاتلة ومدمرة ولها العديد من الآثار السالبة على الواقع الاقتصادي وعلى القطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية وقطاع التعدين والقطاعات التجارية والخدمية والحرفية. لقد أسهم ارتفاع سعر دولار الجمركي في مؤشرات الاقتصاد الكليه وزاد من التضخم ومن عدم استقرار سعر الصرف في السوق وأصبح مؤشراً لارتفاع سعر السلع والخدمات رغم أن بعضها معفي من الجمارك. عموماً رغم أن دولار الجمارك ليس هو العامل الوحيد في عدم الاستقرار وعجز الموازنة للعام ٢٠١٨ولكنه واحداً من أهم العوامل والتي تحتاج مراجعة بشجاعة وبشفافية كاملة. السياسة التمويلية الانكماشية والتي قصد منها مكافحة التضخم ومحاربة تجارة العملة أضرت بالقطاع.

أما السياسات المالية خاصة فيما يتعلق بالايرادات ورغم ما أعلن عن عدم الزيادة الرأسية، إلا أن الواقع كان غير ذلك حتى يتحقق الربط والذي نتمني أن يتحقق، ولكن بالتوسع الأفقي وليس الرأسي. لقد خرج العديد من أصحاب العمل من الأسواق وفضل البعض أن يكتفي بأن يستأجر سجله ومحله التجاري لآخرين وربما لأجانب ويكون بعيد عن مطاردة المتخصصين على مستوى المحليات أو الولايات أو حتى على مستوى المركز.

إن أصحاب الأعمال الذين لديهم ملفات ضريبية وسجلات تجارية ورخص عمل ويعملون في الضوء يستحقون أن يعاملوا معاملة خاصة، لأنهم الممول الرئيس والداعين فعلياً للرواتب لكل العاملين بالدولة. إن تضييق الخناق عليهم يقودهم لأحد أمرين أحلاها مرٌ، إما الخروج من السوق للسجون أو البيت او الانخراط ضمن المهربين وهم كُثر. إن الجبايات المتعددة والمتزايدة عاماً بعد عام والضرائب غير المباشرة بصفة خاصة أثقلت كاهل القطاع الخاص. نأمل مراعاة ذلك ونحن تستشرف موازنة برامج نعمل جميعاً على أن تكون واقعية ومبشره ومحفزة.

أن عجز الموازنة والذي عادة يغطى بإصدار سندات نتمنى أن تذهب للمشروعات التنموية وللإنتاج بدلاً عن صرفها في أوجه أخرى كما نأمل أن تعطى الموازنة أولوية قصوى لمديونية القطاع الخاص على الحكومة خاصة مديونية المقاولين.

وفي ذات السياق توقع الخبير المصرفي د. عبد الله الرمادي أن يكون حجم موازنة العام 2019 أقل من سابقتها في حجم الانفاق، والتي تتماشى مع سياسات الدولة الاخيرة التي هدفت الى حفض الإنفاق الحكومي المترهل والذي تم تطويقه بخفض عدد الوزراء بجانب هناك اتجاه لخفض المحليات والمعتمديات والخدمة المدنية ايضاً يشملها التخفيض وقال في حديثة لـ “الإنتباهة” أمس، إن هذه المؤشرات نتوقع أن تهتم بمعاش الناس خاصة بعد بشريات الخريف وكمية الانتاج المتوقع من الزراعة وزيادة عائدات الصادر وضبط منافذ تهريب السلع خاصة الذهب حال تمت هذه الاجراءات اتوقع أن تكون الموازنة القادمة افضل بكثير، من سابقتها.

هنادي النور
صحيفة الإنتباهة