مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمرها التاسع طه ونافع وعبد الرحيم… ثلاثي على حواف زعامة الحركة الإسلامية

علي عثمان… (العرّاب) ماذا لديه بـ(الجراب)
مع اقتراب موعد انعقاد المؤتمر العام التاسع للحركة الإسلامية منتصف نوفمبر المقبل، بعد انتهاء أعمال المؤتمرات القاعدية بالولايات والقطاعات المختلفة، برزت ثلاث شخصيات على سطح توقعات المراقبين لخلافة الأمين العام الحالي الزبير أحمد الحسن، الذي أمضى دورة كاملة بعد انتخابه عبر المؤتمر الثامن قبل خمسة أعوام، خلفاً للأمين السابق علي عثمان محمد طه.
الأسماء الثلاثة التي ضجت بها صفحات التوقعات بينها اثنان توليا منصب الأمين العام في فترة سابقة، هما بروفيسور عبد الرحيم علي والأستاذ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية الأسبق، بجانب مساعد الرئيس السابق د. نافع علي نافع.
فما هي حظوظ تلك القيادات وفرص نجاحها لتحصل على الأغلبية المطلوبة للصعود لمنصب الأمين العام للحركة الإسلامية وتقودها في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها الحركة…
=====================
علي عثمان… (العرّاب) ماذا لديه بـ(الجراب)؟
علي عثمان محمد طه، يعرف بأنه أحد تلامذة زعيم الإسلاميين الراحل د. حسن الترابي النجباء.. وُلد في الأول من نوفمبر 1944م بحي السجانة العريق بالخرطوم، تحديداً منطقة الديم، تربى في أحضان أسرة كادحة، بدأ دراسته بمدرسة الخرطوم غرب الإبتدائية، ومدرسة الخرطوم الأميرية الوسطى، ومدرسة الخرطوم الثانوية القديمة، ومنها إلى جامعة الخرطوم كلية القانون الجامعة التي تشكلت فيها أولى ملامح حياته السياسية، حيث كان انضمامه باكراً للحركة الإسلامية، رغم انحداره من منطقة عرفت بولائها التام لطائفة الختمية، وتدرج في العمل السياسي داخل الجامعة حتى أصبح رئيساً لاتحاد الطلاب.
حصل علي عثمان محمد طه، على بكلاريوس الشرف في القانون المرتبة الأولى في العام 1971، بعد تخرجه تدرج في سلك المحاماة، كاشفاً عن قدرات جعلت د. الترابي يقدمه ليقود نواب الجبهة الإسلامية داخل برلمان الديمقراطية الثالثة، وزعيما للمعارضة نيابة عنه.
كسب سابق
عرف عن طه الهدوء الشديد، ولغته الباردة، وقلة كلامه، ولايتعامل بردود الأفعال، ولم يُنسب له حديث فيه إساءة لأي شخص، ويرى مراقبون أنه يتمتع بشخصية دبلوماسية جعلته مرغوباً عالمياً خاصة بعد إنجازه لاتفاق نيفاشا للسلام مع الجنوب، وأصبح منفتحاً على المجتمع الدولي، بجانب تقديمه تنازلات كبيرة بتخليه عن منصب النائب الأول لجون قرنق في العام 2005م، وترجّله عن ذات المنصب طواعية عام 2013م، لإفساح المجال للشباب لتولي المسؤولية، رغم الشائعات التي راجت وقتها حول تخليه عن منصب النائب الأول بضغوط مورست عليه.
مقدرات وقدرات
الرائج في الأوساط السياسية، داخل الحركة الإسلامية ومعارضيها أن علي عثمان، يعد أحد الرؤوس المدبرة للإنقاذ تخطيطاً وتنفيذاً، رغم أن ظهوره في بداياتها كان محدوداً، حيث شغل منصب وزير التخطيط الاجتماعي في العام 1993م، ووزير الخارجية في العام 1995م، وبرز نجمه في قيادة الإنقاذ عقب وفاة النائب الأول للرئيس الزبير محمد صالح في حادث سقوط طائرة، إذ تم تعيينه نائباً أول للرئيس عام 1998 – 2005م، وترأس مفاوضات السلام بين الحكومة ومتمردي الجنوب، حيث أفضت إلى توقيع اتفاقية السلام الشامل، وتزعم رئاسة الحركة الإسلامية بعد المفاصلة الشهيرة التي وقعت بين الإسلاميين عام 1999، حيث تولى منصب الأمين العام للحركة الإسلامية، وأسندت إليه رئاسة اللجنة المكلفة بالطواف لتحديد مستقبل الحركة الإسلامية، وهو من أبرز المناهضين لحل الحركة الإسلامية، وظل يؤكد أنها تجاوزت كل العقبات والتحديات بفضل الفطرة السليمة لأهل السودان، ويرى أن تفكيكها يعني تفكيك القيم الاجتماعية الإسلامية السودانية لدورها الذي لعبته في تحصين المجتمع عبر مشروع اجتماعي فعّال لمواجهة الحملات المنظمة التي يتعرض لها.
سيناريو الاختيار الأول
في حديثه لـ”الصيحة” يرجح القيادي الإسلامي بالمؤتمر الشعبي أبو بكر عبد الرازق أن بروز اسم علي عثمان ضمن المرشحين لتولي منصب الأمين العام للحركة الإسلامية في مؤتمرها العام لا يخرج من أمرين، إما المجيء به من قِبل بعض الموالين له من النافذين في حزب المؤتمر الوطني، وأرادوا بذلك أن يكتمل تبادل الأدوار في الحركة والحزب.
ويضيف أبوبكر: (أو تكون عودته أملتها الحاجة لقدراته في العمل الانتخابي، وبهذا تكون وظيفة الحركة الإسلامية تحولت لخدمة الرئيس في الانتخابات.
ويرى أبوبكر أن علي عثمان شخصية ذات صوت سياسي عالٍ يملأ الساحة بالتنظير، ويشير إلى أنه إذا كان الهدف القادم للحكومة أن تظل الحركة الإسلامية بلا فاعلية في الساحة وتظل موجودة دون أن تموت، فإن الخيار في هذه الحالة هو علي عثمان لتسنّم قيادتها.
==============
نافع علي نافع… الأوفر حظاً يتقدم التوقّعات
د. نافع علي نافع، الذي يعدّه خصومه من الشخصيات المثيرة للجدل، بسبب مواقفه التي يصفها البعض بالعدائية والمتشددة تجاه المعارضة، في حين يراه آخرون يعبر عن رؤيته دون مواربة. من مواليد مدينة شندي في عام1948م، تلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط في مدينة شندي، ثم انتقل إلى مدرسة وادي سيدنا الثانوية، وتخرج في كلية الزراعة بجامعة الخرطوم، نال درجة الدكتوراه في علم الوراثة من جامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة عام 1980، عمل أستاذاً في جامعة الخرطوم.
كسب سابق
يقول العارفون بسيرة د. نافع، أنه كان عضواً في تيار الحركة الإسلامية بجامعة الخرطوم، لكنه لم يكن فعّالاً بالقدر الذي يجعله قائداً طلابياً حينها. وعند مجيء ثورة الإنقاذ عين نافع مديراً لجهاز الأمن العام بسبب خلفيته الدقيقة في المعلومات ورصدها وظل فيه حتى عام 1995. وبعدها تولى منصب وزير الزراعة، قبل أن يتم تعيينه مساعداً لرئيس الجمهورية، ونائباً لرئيس المؤتمر الوطني الحاكم للشؤون السياسية، قبل تنحيته عام 2013.
مقدرات وقدرات
لم يتولّ د.نافع أي منصب قيادي في الحركة الإسلامية، ومن أبرز تصريحاته إبان الجدل الذي دار حول مستقبل الحركة الإسلامية قوله بأنها أمام خيارين، إما أن تقوم بتغيير اسمها لتواكب التطورات الحالية، وإما أن تستعد لقرار وشيك بحلها نهائياً ودمجها في المؤتمر الوطني. غير أنه شوهد لدكتور نافع في الآونة حراكًا مكثفًا على صعيد الحركة الإسلامية، حيث شارك في مؤتمر ولاية النيل الأبيض ممثلاً للأمين العام للحركة الإسلامية، وصدرت منه صريحات أكد من خلالها استهداف الحركة الإسلامية بتعرضها لهجمة شرسة من المجتمعات الغربية. مشيدًا بتماسك الحركة الإسلامية وقوتها.
سيناريو الاختيار الثاني
يرى البعض أن نافع غير مناسب لتولي منصب الأمين العام الذي كانت غالبية الشخصيات التي جلست عليه من أصحاب الخلفيات الفكرية والدينية، وهذا ليس متوفراً في نافع صاحب الأبعاد الأمنية والسياسية في وقت واحد.
ويرى أبوبكر عبد الرازق خلافاً لذلك، ويذهب بالقول إلى أن د. نافع أكثر حظاً وقبولاً لتولي منصب الأمين العام للحركة الإسلامية، فهو يتمتع بمقدرات أكثر فاعلية إدارياً وتنفيذياً ولديه مصداقية تجعله مقبولاً لعضوية الحركة الإسلامية .
وأضاف أبوبكر، نافع هو الخيار الأنسب إذا أرادوا للحركة الإسلامية أن تكون فاعلة في إعادة بنائها، ورفع كفاءتها للعمل في الساحة السياسية، خاصة في الانتخابات بما يجعله الخيار الأول للرئيس .
عبد الرحيم علي.. بقايا ذكريات الكيان الخاص
الأمين العام للكيان الخاص للحركة الإسلامية الأسبق، البروفيسور عبد الرحيم علي، وهو مفكر وكاتب إسلامي، من مواليد منطقة الخندق بالمديرية الشمالية منتصف الأربعينات، نشأ وترعرع وسط أسرة متوسطة الحال، كان والده يعمل بالتجارة، تحول للعمل بالزراعي، تلقى تعليمه بمدرسة (الخندق النصفية)، كما كان يطلق عليها آنذاك، ثم القولد الأولية، ثم القولد الوسطى، ثم مدرسة وادي سيدنا الثانوية، ثم جامعة الخرطوم كلية الآداب، نال شهادة الدكتوراه من جامعة أدنبرة بأستكلندة عام 1977م.
كسب سابق
التحق بالحركة الإسلامية، وهو طالب بمدرسة وادي سيدنا الثانوية، جنده عابدين سلامة، بعدها تطور اهتمامه بالحركة الإسلامية، وأصبح مواظباً على حضور المحاضرات والندوات الإسلامية، ومن زملائه في الحركة الإسلامية في الثانوي الصحفي عبد الرحمن الزومة، والقيادي الإسلامي حاج نور، ويرى أن السلطة كانت جزءاً كبيراً من هذا الانقسام الذي ضرب الحركة الإسلامية في السودان، ويقول مؤكداً ذلك في إحدى مقابلاته الصحفية أن منهجها كان أكثر توجهاً نحو السلطة وأنها عملت بوسائل سياسية وأخذت بالأسباب السريعة للسيطرة على الحكم، وهذا هو المحك الأساسي، ولم تكترث للوسائل الاجتماعية.
سيناريو الاختيار الثالث
عن بروفسير عبد الرحيم علي كواحد من الشخصيات التي برزت ضمن الترشيحات لتولي منص الأمين العام للحركة الإسلامية في المرحلة المقبلة، قال أبوبكر عبد الرازق لـ”الصيحة” إنه أقل حظاً في قيادة الحركة الإسلامية من علي عثمان ونافع، لجهة أنه يتمتع بشخصية أكاديمية وفكرية، ومثقف، لكنه غير سياسي، وفوق هذا هو شخصية غامضة ولا يصلح لقيادة الحركة الإسلامية في هذه المرحلة.
عبد الرازق يرى أن الدفع ببروفسور عبد الرحيم علي لمنصب الأمين العام دليل قوي على أن حكم الموت النهائي قد صدر بحق الحركة الإسلامية.
بينما اكتفى المحلل السياسي د.عبد اللطيف البوني في تعليقه لـ”الصيحة” قائلاً إن القضية التي تواجه الحركة الإسلامية في المرحلة الحالية ليست من يصعد لقيادتها وإنما الإجابة على السؤال الذي ظل دائراً حول مستقبلها الذي أصبح في كف عفريت ـ على حد تعبيره.
وأضاف د. البوني: الآن الجميع يسأل أين موقع الحركة الإسلامية؟ وينتظرون الإجابة عليه في المؤتمر العام، وهل ستقود الحزب والدولة أم أنها ستنتهي كما يريد لها من البعض؟
الخرطوم: الطيب محمد خير
صحيفة الصيحة.