صورة جمعت سفيرنا بالنرويج مع السفير الإسرائيلي التصوير مع (إسرائيليين).. هذه (اللقطة) غير مرغوب فيها
قبل أن ينجلي غبار ما جهر به وزير الاستثمار السابق مبارك الفاضل المهدي، الذي دعا بصوت جهير إلى تطبيع العلاقة مع الكيان الإسرائيلي..
إلا وثارت ثائرة الرأي العام مجدداً، حينما ظهر سفير السودان بالنرويج عماد الدين ميرغني عبد الحميد في صورة تم تداولها على نطاق واسع بوسائط التواصل الاجتماعي، تجمعه بعدد من السفراء في مناسبة دبلوماسية كان من بينهم السفير الإسرائيلي بأوسلو. ورغم أن المناسبة التي جمعت السفير السوداني بعدد من نظرائه كانت رسمية، وتمثلت في تقديم أوراق اعتماد عدد من السفراء حسبما كشف وزير الخارجية النرويجية في صورة وضعها على صدر حسابه بتويتر، مشيراً إلى أن سفراء السودان، أرمينيا، إسرائيل وغامبيا، قدموا أوراق اعتمادهم للملك الخامس هارالد يوم الخميس الماضي، ولم يكتفِ بذلك بل غرّد قائلا:”ترحيب بالقلب بهم في أوسلو”.
تباين آراء
لطبيعة العلاقة بين السودان وإسرائيل، فإن المدونين بوسائط التواصل الاجتماعي قابلوا الصورة بتباين في الآراء، تيار رأى أن السفير السوداني لم يصافح نظيره الإسرائيلي، ولم يتحدث إليه، وأن البلد المضيف هو الذي يحدد برتكوولياً تفاصيل المناسبة، وأنه ليس من حق السفير السوداني إبداء اعتراضه.
فيما بدا تيار آخر ناقمًا من وقوع السفير في خطأ يعتقدون بأنه فادح، لجهة أنه يعلم تمامًا موقف بلاده من إسرائيل التي ترفض الاعتراف بها وتعتبرها عدواً، ومضى هؤلاء بعيداً في تعبيرهم عن غضبهم، حينما طالبوا باستدعاء السفير السوداني بالنرويج وإخضاعه للتحقيق ومن ثم إعفائه.. كما حمل آخرون الصورة رمزية ودلالات بليغة، قائلين: ليست هناك مصادفة في الدبلوماسية، كل حركاتك وسكناتك محسوبة ولها رسائلها ودلالاتها، وكان بإمكان السفير أن يغير الموقف ويتصدر الأخبار برفضه لصورة تجمعه بممثل الكيان اليهودي، وطالبوا على إثرها وزارة الخارجية باستدعاء السفير ومحاسبته وإقالته، فهو يمثل شعباً ووطناً ودولة في كل ما يصدر منه.
وحتى مساء أمس، فإن ردود الأفعال تواصلت في وسائط التواصل الاجتماعي بين مؤيدة ورافضة.
وفي الأثناء حاولت “الصيحة” الاتصال بالسفير، إلا أنه تعذر عليها ذلك.
سابقة أكسبو
قريباً من ذات الحدث الأول الذي وضع السفير السوداني في النرويج أمام عاصفة الانتقادات، فقد واجهت السفارة السودانية قبل ثلاثة أعوام موقفا عصيباً، حينما تفاجأت بالسفير الإسرائيلي قابي فليدمان لدى أسمرا يسجل زيارة لمعرض المنتجات السودانية بصحبة السفير الأمريكي، وقد أربكت هذه الزيارة غير المتوقعة القائمين على أمر المعرض، ورغم أن البعض اعتبرها إشارة إلى اقتراب التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب، ألا أن مدير شركة (سودا أكسبو) المنظمة، صلاح عمر الشيخ، كشف وقتها أن المعرض الذي وجد قبولاً لافتاً من الإريتريين والبعثات الدبلوماسية والجاليات المقيمة بأسمرا، فوجئ المشرفون عليه بزيارة غير مرتبة للسفير الإسرائيلي بأسمرا الذي جاء بصحبة نظيره الأمريكي للتعرف على المنتجات السودانية، وأضاف: (لم نعلم هوية السفير الإسرائيلي الذي تجول في المعرض السوداني، إلا حين قدّمه لنا نظيره الأمريكي).
لقاء سابق
هناك وثيقة بريطانية سرّية صادرة عن مكتب المُفاوض التجاري للمملكة المتحدة بالخرطوم مؤرخة في 6 أغسطس 1954 تقول الوثيقة: “أنه تمت لقاءات في السفارة الإسرائيلية في لندن بين قطبين من حزب الأمة السوداني وهما السيد محمد أحمد عمر والسيد الصديق المهدي والسكرتير الأول للسفارة الإسرائيلية في لندن مردخاي جازت، وكانت أجندتها تدور حول تمويل حزب الأمة لمواجهة التدخل المصري في السودان وفتح قنوات تجارية مع السودان لِكسر طوق العرب المفروض حول إسرائيل”.
سري للغاية
يحتفظ الإرشيف السوداني أيضاً بتفاصيل لقاء سري للغاية في وقته جمع بين الرئيس الراحل جعفر محمد نميري في النصف الأول من عقد الثمانينات، برئيس الوزراء الإسرائيلي أريل شارون بقصر رجل الأعمال السعودي عدنان خاشقجي، وهو اللقاء الذي أنكرته الحكومة المايوية حينما رشحت أنباؤه، إلا أن كثيرين اكدوا وقتها أنه مهد لترحيل اليهود الفلاشا من السودان.
وكان مقطع فيديو قد تم تداوله علي نطاق واسع، قد أثار ضجة كبرى وظهر فيه مسؤول سوداني رفقة مسؤول إسرائيلي وخلفهما علما الدولتين.
كما أظهر الفيديو المزعوم مذيعة في قناة تتحدث بالعبرية، ونقلت لقاء لأربعة أشخاص بينهم العلمان الإسرائيلي والسوداني، وتحدث في الفيديو الوزير الإسرائيلي باللغة الإنجليزية، فيما تحدث الوزير المزعوم وكان يرتدي الزي القومي الكامل باللغة العربية، ووصف اللقاء بأنه تاريخي، ولوحظ من الفيديو أنه أُنتج بطريقة غير احترافية، ولكن اتضح أنه غير حقيقي، وأن الشخصية السودانية التي ظهرت فيه لمعارض سوداني.
مزاج عام
بصفة عامة، رغم دعاوى البعض بضرورة التطبيع مع إسرائيل، التي أكد إمام الأنصار الصادق المهدي أنها ظلت تتآمر ضد السودان منذ زمن بعيد، إلا أن المزاج العام بأرض النيلين، ورغم المتغيرات التي شهدتها المنطقة العربية التي ظهرت نتائجها في زيارة بنيامين نتيياهو لسلطنة عمان، قبل أيام يبدو غير ميال للتطبيع مع إسرائيل التي ما تزال في مخيلة الكثيرين، أنها كيان غير شرعي اغتصب أرضاً إسلامية.
الخرطوم: صديق رمضان
صحيفة الصيحة.