بعد تخلي الحلو عن تقرير المصير الحكومة وقطاع الشمال…. سيناريوهات الجولة القادمة
جرت مياه كثيرة في الأيام الماضية تحت جسر العلاقة بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية شمال في أعقاب اللقاءات السرية التي تمت في جوهانسبيرج العاصمة الجنوب إفريقية ..
فالثابت أن تلك اللقاءات أسهمت في رسم معالم واضحة لمستقبل التفاوض بين الطرفين أبرزها تخلي رئيس الشعبية شمال عن شعاراته الانفصالية والتمسك بوحدة السودان ، عطفًا على اتفاقهما على بدء التفاوض بالمسار السياسي وليس الإنساني .
تحول كبير
حينما تفرقت صفوف الشعبية شمال وخرج عنها مالك عقار وياسر عرمان، خرج عبدالعزيز الحلو ببيان للناس كان عبارة عن استقالة دفع بها لقيادة مجلس جبال النوبة. أبرز النقاط التي توقف عندها الكثيرون أن الحلو كان متطرفًا في دعوته لتقرير مصير جبال النوبة وهو طرح كان يتناقض مع طرح عقار وعرمان، فكلاهما كان ضد تقرير المصير، بيد أن صعود الحلو لديسك القيادة في الشعبية شمال ربما جعلته يعيد قراءة المشهد مرة أخرى؛ إذ أكد نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني، د. فيصل حسن إبراهيم، عن تخلي الحلو عن فكرة تقرير مصير جبال النوبة والتمسك بوحدة السودان وهي خطوة تفتح المشهد على عدة تساؤلات أهمها ؛لماذا تغير موقف الحلو أم كان تقرير المصير عبارة عن مزايدة منه؟
مزايدة سياسية
هنالك من قال إن عبدالعزيز الحلو كان يرفع شعار تقرير المصير مزايدة سياسية للضغط على الحكومة وهذا ما ذهب إليه المحلل السياسي ،د. عبدالله آدم خاطر، إذ قال إن فكرة تقرير المصير التي كان ينادي بها الحلو، كانت من أجل الضغط السياسي لتحقيق كثير من المطالب الدستورية لشعب جبال النوبة. وأضاف خاطر لـ(الصيحة) “الأمر برمته يعتبر مزايدة سياسية وعبدالعزيز الحلو نفسه عرف بأنه رجل وحدوي وضد الانفصال”.
وحول طرح الحلو في استقالته الشهير لمبدأ تقرير المصير قال خاطر” تقرير المصير أصبح شعارًا يستخدمه حاملو السلاح في المنطقتين(جنوب كردفان والنيل الأزرق) ودارفور وطبيعي أن يلجأ إليه الحلو لتحقيق أهدافه السياسية.
مخاوف وهواجس
يجزم مراقبون بأن شعب النوبة بدأ تفكيره يتجه إلى تقرير مصيره خاصة الصقور المتطرفة داخل الشعبية شمال أمثال عمار أمون وجقود مكوار بيد أن لعبدالله آدم خاطر رأيًا مغايرًا إذ يقول إن شعب الجبال هو أساس السودان وجزء أصيل من المكون الديمغرافي السوداني ولا يمكن أن يفكروا في الانفصال، وأضاف :(يمكن لأي إقليم سوداني أن يفكر في الانفصال إلا جبال النوبة لأنها أساس السودان وركيزته الأساسية التي قام عليها). في السياق يقول عضو وفد التفاوض عن الحركة الشعبية شمال، د. محمد يوسف أحمد المصطفى، إن الانفصال وتكوين دولة مستقلة ليس حلًا بل الحل هو إعطاء الحقوق لأهلها ومعالجة القضايا الكلية دون اللجوء للانفصال.
المسار السياسي
ظل المسار السياسي في جولة التفاوض بين الحكومة وقطاع الشمال عبارة عن عقبة كؤود يعسر تجاوزها رغم الجولات المتتالية التي بلغت 18 جولة خاصة وأن كل طرف متمسك بطرحه؛ إذ ترى الحكومة أن المسار السياسي يجب أن يناقش قضايا المنطقتين فقط (جنوب كردفان والنيل الأزرق)، بينما يرى قطاع الشمال أن المسار السياسي ينبغي أن يناقش كل قضايا السودان مثل الحريات العامة وقضايا مشروع الجزيرة وكجبار وغيرها من القضايا الأخرى، بينما تصر الحكومة على أن هذه الملفات مكانها الحوار الوطني ، المهم في الأمر أن الحكومة والشعبية شمال قررا البدء في الجولة القادمة بالمسار السياسي وليس الإنساني كما كان يحدث في الجولات الماضية، وهنا يقول محمد يوسف أحمد المصطفي لـ(الصيحة) أن المسار السياسي هو الأهم من أجل حلحلة كل القضايا السياسية، مضيفًا بالقول مشكلة السودان أصلها سياسي وحلها سياسي وبالتالي البداية بالمسار السياسي هي مدخل للحل وستحرز تقدمًا كبيرًا. وأضاف في وقت سابق رفضت الحكومة البداية بالمسار السياسي، وقالت إن المسار الإنساني هو الأهم من أجل إغاثة المتضررين من الحرب وفتح المدارس عسى أن يساعد ذلك على دفع التفاوض إلى الأمام، ومضى قائلًا المسار السياسي يجب أن يناقش القضايا الكلية خاصه المتعلقة بالحقوق الكاملة للجميع ويجب أن يتراجع المؤتمر الوطني عن طرحه فيما يخص المسار السياسي. بالمقابل قال نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني، د. فيصل حسن إبراهيم، إن الوساطة أشارت إلى تحولات قد حدثت ومن ثم ينبغي تعديل خارطة الطريق من أجل أن تشمل مناقشة قانون الانتخابات والدستور القومي لافتًا، في تصريحات صحفية، أنهم ردوا بروح إيجابية على مطالب الوساطة ، مما يعني أن الوطني ربما يغير من طرحه فيما يخص المسار السياسي.
الخرطوم … عبدالرؤوف طه
صحيفة الصيحة.