عودة الصفوف أمام المخابز الخبز.. أزمة في ظرف (دقيق)
تمخضت الأزمة الحالية التي أقرتها حكومة الولاية وعزتها لإمداد الدقيق، وقطعت بانتهاء الأزمة وزوالها أمس، أن أصحاب المطاحن أرادوا منها زيادة سعر الجوال..
وشهدت المحابز خلال اليومين الماضيين أزمة حادة في الخبز وعودة صفوف المواطنين الطويلة أمام المخابز، زادت من مخاوف المواطنين من رفع دعم الدولة عن الدقيق ضمن سياسات الدولة الأخيرة لمعالجة الاقتصاد، إلا أن تأكيدات وزارة المالية بعدم وجود اتجاه لرفع الدعم عن دقيق الخبز أعاد السكينة إلى قلوب المواطنين باستجابتها لمطالب أصحاب المطاحن بزيادة الدعم لجوال الدقيق عقب الاجتماع الذي ضم وزير الدولة بوزارة المالية، مسلم الأمير، وأصحاب المطاحن لبحث وفرة دقيق الخبز وإنسيابه إلى المخابز بالمركز والولايات، مؤكدة استمرار الحكومة في تحمل عبء فرق السعر بين الأسعار المحلية المدعومة والعالمية للقمح في هذا الإطار.
وسبق أن طالب أصحاب المطاحن في شهر أغسطس الماضي بزيادة سعر جوال الدقيق البالغ 540 جنيهاً بحجة ارتفاع تكلفة إنتاجه، و أفلحوا في الوصول إليه خاصة عقب تأكيدات حكومة الخرطوم أن احتياطي البلاد من القمح مطمئن للغاية، وأن مشكلة كهرباء المطاحن أصبحت تحت السيطرة ليخرج الاجتماع ضم وزارة المالية والأمن الاقتصادي وأصحاب المطاحن بموافقة وزارة المالية على زيادة الدعم الحكومي لجوال الدقيق من 150 جنيهاً إلى 242 جنيهاً كحل وسط للحد من الأزمة، وإلزام المطاحن بتوفير 88 ألف جوال دقيق يومياً لمقابلة حاجة كافة الولايات من الخبز، ذات طريقة (لي اليد) اتبعها أصحاب المطاحن مرة أخرى وعمدوا على إنقاص كمية الدقيق الموزعة على المطاحن مما أدى إلى عودة صفوف الدقيق مرة أخرى نتيجة الأزمة الحادة في الحصول على الخبز.
تجاوز الأزمة
مدير إدارة قطاع التجارة والتعاون وشؤون المستهلك بوزارة التجارة والصناعة ولاية الخرطوم دكتور عادل عبدالعزيز الفكي، أقر لـ(الصيحة) أمس بوجود نقص في الكميات الموزعة من الدقيق للمخابز بالولاية، وعزا ذلك لعدم الاتفاق بين وزارة المالية الاتحادية والمطاحن فيما يلي مبلغ الدعم المطلوب للمطاحن، مؤكداً على تجاوز الأزمة بالوصول إلى اتفاق بين الطرفين أفضى الى زيادة مبلغ دعم دقيق الخبز من 250 إلى 350 جنيهاً بالتالي عادت نسبة التوزيع لمعدلاتها الطبيعية، وقطع بعودة الاستقرار في توزيع الدقيق الى المخابز بواقع 45 ألف جوال يومياً، واختفاء ظاهرة الصفوف واستمرار التوزيع بصورة عادية بعد تأكيدات وزارة المالية بالتزامها بدعم الدقيق، لافتاً إلى عدم وجود تغير في الدعم المقدم للدقيق، جازمًا بثبات استقرار أسعار الخبز كما هي جنيه للقطعة، عقب اكتمال وفرة الدقيق اعتباراً من أمس الأحد.
رئيس اتحاد المخابز بدر الدين الجلال، أكد لـ(الصيحة)، انجلاء الأزمة عبر تأكيدات المسؤولين بالدولة بأن الدقيق صار كله مدعوما وبالتالي عودة الحصص الموزعة للمخابز بنفس كميتها خلال اليومين القادمين والتي سوف تقضي على الصفوف بعودة الدقيق كعادته الأولى، وعزا أزمة الخبز يوم الجمعة إلى تراجع الحصص من الدقيق بسبب عدم وجود توزيع يوم الجمعة والسبت.
ترك الحبل
عضو المجلس الوطني دكتور بابكر محمد توم، وصف لـ(الصيحة)، وضع سلعة مهمة مثل الدقيق تحت رحمة القطاع الخاص بالشيء المؤسف، وأضاف يسمى ذلك بالقطاع الخاص المتوحش الذي دائماً ما يضع الدولة في حيرة من أمرها، وأضاف لو لا وجود “سين” كان من الممكن أن تدخل الدولة جميعها في مشكلة كبيرة، مشدداً على أهمية أن تزيد الدولة من استثماراتها في المطاحن لفرض يد قوية في السوق لضمان قوت المواطنين، وتساءل في حال نزول سعر الصرف هل يعمل القطاع على إنزال سعر الدقيق، مشيراً إلى أن الدولة استثمرت مبالغ كثيرة جداً في إنتاج القمح كان أولى لها أن تستثمرها في المطاحن، لافتاً إلى أن برنامج توطين القمح صرف فيه المليارات، إلا أنه استثمار غير مرشد، كان يجب أن توفرها في المطاحن لجهة توفر موارد استيراد القمح نسبة لأن الحكومة هي من تقوم بالاستيراد، مؤكداً عدم استقرار سعر الصرف، وزاد “دائماً القطاع الخاص لاوي يد الحكومة “، متسائلاً عن التخزين الإستراتيجي، جازماً بأن القمح يحتاج إلى إدارة في ظل غياب دور وزارة التجارة في التنظيم والترتيب على المستوى المركزي والمحلي، وقال إن التحرير الاقتصادي لا يعني ترك الحبل على القارب، فالدولة منظمة ومراقبة ومقننة ومرشدة، وطالب بوجود إدارات ترصد الحاجة، وتابع “ما في زول بدي إشارة حمراء”، فالمخزون قاري ومتنبئ للأزمات لتلافيها، وتساءل لماذا لم يقم والي ولاية الخرطوم بحل الأزمة قبل يومين، وليس بعد يومين، خاصة وأن ولايته من أكثر الولايات استهلاكاً للسلعة، ولماذا لا يخطط لمعرفة احتياجات الولاية من القمح قبل حدوث الفجوة، داعياً إلى العمل على توفر معلومات وآليات قادرة على أن تتدخل في السوق.
معالجة حقيقية
بدوره يؤكد الخبير الاقتصادي دكتور الفاتح عثمان لـ(الصيحة) زيادة سعر الدولار في السوق الموازي بالشيكات حيث ارتفع سعره إلى 53 جنيهاً، وأضاف أن ارتفاع المبالغ الضخمة يتم توريدها والتعامل المصرفي للدولار، يتم عبر الشيكات ويتم توريدها للخارج مما انعكس على أسعار الدقيق مما اضطر شركة “سيقا” لزيادة جميع أسعار منتجاتها وتبعتها بقية الشركات، لافتاً إلى أن المطاحن أحجمت عن طرح نفس الكمية من الدقيق باعتبار أنها تتعرض إلى خسائر حالياً عقب ترك الحكومة مهمة توفير دولار القمح، فكان لا بد من تفاوض للتكلفة الجيدة، مبيناً أن سبب أزمة شهر أغسطس ارتفاع الدولار إلى أعلى بدلاً من 30 جنيهاً هو ما حدث في الأزمة الحالية من ارتفاع سعر الصرف إلى 53 بدلاً من 42 جنيهاً مما يعني زيادة حقيقة تتطلب من الدولة ردم الهوة بشكل آخر، وأوضح أن الحكومة بدأت في وقت سابق تحرير جزئي للقمح المدعوم بدعم 70 ألف جوال وترك 30 جوالاً بدون هي إجمالي استهلاك البلاد من الدقيق مائة جوال، وزاد نسبة لتخوف الحكومة من بعض الإشكالات تراجعت عن قرارها بعد صدوره بيوم واحد فقط للدعم الكامل لدقيق الخبز، وذكر أن تكلفة الدعم الحالية البالغة 350 جنيهاً تمت فيها مراعاة انهيار الجنيه في السوق الموازي، مقابل الدولار بحسابات الشيكات. وقال الفاتح: لحين تمكن الدولة من توفير احتياجاتها كاملة عبر لجنة صناع السوق أو مصادر أخرى عندها يمكن أن يتم استقرار سعر الدولار عند سعره الحقيقي، وأضاف أن الحكومة مضطرة لزيادة مبلغ الدعم كل ثلاثة شهور مما يعمل على تآكل القدرة الشرائية وإفقار المواطن، وبالتالي تدخل الحكومة في دوامة زيادة الدعم والمرتبات، مؤكداً أن القضية تحتاج إلى معالجات حقيقة تضمن استقرار الجنيه وثبات نسبة التضخم.
الخرطوم: مروة كمال
صحيفة الصيحة.