الوقيع .. وحديث الإفك !!
* فى ندوة أقامتها (هيئة الأعمال الفكرية) أمس، وزع أحد المتأسلمين تهمة الكفر والإلحاد فى كل الاتجاهات، ولم يترك حتى الأموات،
فى حملة تحريضية واضحة للمتطرفين والإرهابيين لهدر دم وقتل من اتهمهم، خاصة مع حديثه بأن حكم المرتد هو القتل، رغم نفيه وجود إلحاد فى السودان، ولا أدرى كيف يؤكد شخص عاقل وجود شئ وينفيه فى نفس الوقت !!
* جاء فى الخبر الذى نشرته صحيفتنا أمس بقلم الزميلة النابهة (سعاد الخضر): ” نفى د. محمد وقيع الله ــ ولا ادرى أى نوع من الدكاترة هذا الشخص ــ وجود إلحاد فى السودان، وقال فى ندوة نظمتها هيئة الأعمال الفكرية بمركز الفيصل الثقافى ” ليس هنالك أسباب جوهرية لوجود الإلحاد، وبعض الإسلاميين انطلت عليهم شائعة الإلحاد”!!
* وشن هجوما عنيفا على الكاتب بصحيفة الجريدة (محمد وداعة) على خلفية كتابته عمودا عن تفشى الإلحاد بين أبناء قيادات الإسلاميين، وكشف عن إجرائه إتصالات بين قياديتين من المؤتمر الوطنى تحدثتا للكاتب عن وجود ملحدين بين أبناء الإسلاميين، فأقرت الاولى بما نُسب إليها عن إلحاد أبناء الإسلاميين، وقولها إن ذلك بسبب تكلس الحركة، وقال رداً على ذلك:” حتى لو تكلسنا وتجمدنا، لا يعنى هذا أن ابناءنا ملحدين”، أما عن القيادية الأخرى التى ذكرت أن الإسلاميين وفروا حماية زائدة لأبنائهم، قال وقيع الله: ” ان القيادية اوضحت انها قصدت بحديثها انهم كاسلاميين إعتقدوا انهم لن ينحرفوا طالما هم أبناؤنا”، ورداً على ذلك قال: ما بنحرفوا طالما هم بينشأوا على طريقتنا”، وتابع: ” سألتُها هل تعرفى واحد من ابناء الاسلاميين ملحد، فأجابت بالنفى، وسألتُ طلابى هل تعرفوا ملحدين، فأجابوا بالنفى”، وقال انه يعرف خمسة ملحدين حاورتُ أحدهم وهو (السر السيِّد ) ــ مخرج تلفزيونى ومسرحى”، وقاطعه مدير الجلسة قائلا انه “تاب”، ولكنه أكد “انه لم يتب”!!
* وانتقد وقيع الله حديث (وداعة) عن انتشار الفساد وسط الإسلاميين ، وسخر من تساؤلاته لماذا قيادات الإسلاميين، ولماذا تمددت بيوتهم وهل يرزقهم الله من غير حساب، وتساءل وقيع الله:” من هم الملحدون .. نحنُ، أم هو ؟”، واتهم الإسلاميَين السابقين (المحبوب عبدالسلام، ود. محمد المجذوب) بأن تأويلهم للقرآن يؤدى الى الإلحاد!!
* ورفض وقيع الله ما أشيع عن أن الإلحاد سببه فشل حكومة الإنقاذ وإستمرارها على سدة الحكم، وقال:” لا علاقة لفشل الإنقاذ، وكل الأنظمة السابقة كانت فاشلة، فلماذا لم ينتشر الإلحاد”، وقال ردا على احد المتداخلين الذى انتقد الحكومة وحملَّها مسؤولية ظهور الملحدين: ” صَفِّى مواقفك مع الانقاذ وامشى ليها فى الشارع”، ودافع عن السلفيين وانهم أفضل من يدافع عن العقيدة، وقال ان شائعة الإلحاد سببها توتر الشيوعيين وحقدهم على إنتشار الثقافة الاسلامية فى السودان، وتمسك بإقامة حد الردة على المرتدين، وأثنى على دور (حسن الترابى، وقال بأنه أكثر شخص أصاب العلمانية فى الغرب وخرج منها “كما خرج سيدنا إبراهيم من النار”، ووصف المفكر السودانى الراحل الخاتم عدلان بالملحد الأشهر فى السودان” إنتهى الخبر !!
* هل يمكن لشخص عاقل ومتزن أن يتحدث بكل هذا التناقض، فهو ينفى وجود الإلحاد، ويؤكده فى نفس الوقت، بل ويذهب الى ابعد من ذلك فى تجاوز واضح للدين والاخلاق والأعراف والقانون ويتهم شخصاً (هو المخرج السر السيِّد الذى تحاور معه) بالإلحاد، محرضا عليه السلفيين الذين هم أفضل من يدافع عن العقيدة، مذكِّرا إياهم بأن حد الردة يجب أن يطبق على المرتد ، وهب أن (السر)ذكر له آراء فسرها المدعو (وقيع الله) بأنها إلحاد، فهل من الأمانة والأخلاق والدين نقل حديث المجالس الخاصة الى العلن، بل والاصرار على اتهام (السر) بالإلحاد عندما تدخل مدير الجلسة قائلا بأن (السر) قد تاب، فأكد (الوقيع) بأنه “لم يتب” !!
* يقول (الوقيع) بأنه سأل القيادية الاسلامية هل تعرف ملحدا بين أبناء الإسلاميين، فأجابت بالنفى، وسأل طلابه هل يعرفون ملحدين فأجابوا بالنفى، وبنى على ذلك قراره بأنه لا يوجد إلحاد بين أبناء الإسلاميين الذين “نشأوا على نفس الطريقة التى نشأ بها آباؤهم” .. ونسأل السيد وقيع الله، هل يتوقع بأن يقول له الناس بأنهم ملحدون أو يعرفون ملحدين، حتى يبنى على ذلك قراره بأنه لا وجود للإلحاد، وإذا لم يكن هنالك وجود للإلحاد، فلماذا يتهم البعض بالإلحاد ويعرض حياتهم للخطر، ام أنه يريد نفى التهمة عن أبناء الإسلاميين، وتثيبتها على غيرهم لتصفية خلافات فكرية وسياسية بينه وبينهم .. الأمر الذى يدل على سوء النية، والمحاولة الدنيئة لتخويف المعارضين وتهديدهم بالقتل!!
* ثم إنه يتطاول حتى على الموتى، ويتهم شخصا فى ذمة الله لا يستطيع الدفاع عن نفسه وهو الراحل (الخاتم عدلان) بالإلحاد .. فهل ذلك من الدين والأخلاق فى شئ، وما ذنب أسرة الخاتم عدلان حتى يلطخ سمعة أحد أعضائها باتهامه بالكفر، وماذا سيكون موقف (وقيع الله) الأخلاقى والدينى، دعك من القانونى، إذا تطاول أحد الأشخاص على فرد من أسرة الراحل، بأن أخاهم أو أباهم كان كافرا وملحدا، فى وطن يعتبر فيه الناس تهمة الإلحاد من أبشع وأفظع التهم؟!
* كما أنه (وفى حوار فكرى) يطلب من أحد المتداخلين الذى انتقد الحكومة وحملَّها مسؤولية ظهور الملحدين، بأن “يخرج الى الشارع ليصفى خلافاته مع الإنقاذ”، فهل هذا هو فهم الحوار الفكرى لدى (المفكِّر) الوقيع، الذى يهدد من يحاوره بالخروج الى الشارع لمواجهة الإنقاذ، بدلا من مقارعته بالحجة والمنطق، ومجادلته بالتى هى أحسن (كما يوصينا الدين الحنيف)، أم انه يعتقد أن الجبروت الذى يستند عليه سيدوم له، ويمكنِّه من تهديد الناس وقطع رقابهم، كلما اختلفوا معه؟!
* وأخيرا فهو ينفى عن قيادات الاسلاميين تهمة الفساد، وهنا أريده ان يجيب على سؤال بسيط أوجهه له .. من أين لهذه القيادات بكل هذه القصور والكنوز والنعم، ولقد جاء معظمهم الى السلطة بشنطة حديد، وبنطلون وحيد، وشراب مقدود، أم أن نهب مال الشعب والتطاول بها فى البنيان لا يُعد فسادا فى نظر الاسلامى الجليل؟!
مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة