زهير السراج

أساتذة الجهل والغش والخداع !!


* تحدثت أكثر من مرة عن ظاهرة البروفيسيرات المزيفين الذين إمتلأت بهم بلادنا فى السنوات العشرين الأخيرة،

وصار حتى الذى لم يمسك طباشيرة ولم يدخل محاضرة فى حياته، أو ينشر ورقة علمية واحدة فى مجلة أو دورية علمية محترمة، ولا يعرف أصول وأساسيات النشر العلمى، من أصحاب اللقب الرفيع!!

* هنالك من (يبرفس) نفسه بدون حياء أو خجل أو خوف من أحد، أو (يبرفسه) أصدقاؤه فى جلسة شاى باللقيمات طمعا فى كسب وده وتحقيق منفعة شخصية، أو (تبرفسه) أجهزة الاعلام وتمنحه القب الرفيع وهو صامت صمت القبور بدون أن يصحح هذا الوضع الشاذ والمخجل، ويبرئ نفسه من اللقب ويطلب من اجهزة الاعلام ان تخاطبه باللقب الصحيح!!

* ومن هؤلاء من يحتل موقعا رفيعاً فى أجهزة الدولة، ولقد إعترف أحدهم فى الايام القليلة الماضية بأنه كان ينجح بالبخرات، وكأنه يفتخر بذلك ويحرِّض غيره بأن يحذو حذوه وينجح بالغش والإحتيال، والجميع ساكت على هذه الفضيحة البشعة بدون أن يجرؤ أحد على سؤاله أو مساءلته على ما إعترف به، بسبب المنصب الدستورى الرفيع الذى يشغله، ولو كان هذا الشخص مواطنا فى دولة محترمة، لما بقى فى منصبة ساعة من الزمن، ولفتحت الجامعة التى تخرَّج منها تحقيقا عاجلا فى الموضوع لما فى ذلك من تأثير سلبى كبير على مصداقيتها وسمعتها الأكاديمية، أو حاصرتها الفضائح والإتهامات من كل جانب وعصفت بها، فلا يُقدم عليها أحد، ولا يعترف بشهادتها أحد، إلا أننا فى السودان نعترف ونتفاخر بالغش والخداع، ولا يحاسبنا أحد، ولماذا نُحاسب وقد صار الغش والخداع والكذب شيمةً لحياتنا ؟!

* وكما إنتشرت ظاهرة الألقاب المزيفة، إنتشرت ظاهرة بيع الشهادات المزيفة، وسرقة البحوث والأطروحات العلمية، للحصول على الدرجات الأكاديمية فوق الجامعية بدون أن يراجع أحد أو يلتفت لذلك أحد!!

* وإنتشرت ظاهرة النشر المزيف فى المجلات العلمية المزيفة، وصارت هى الطريق الى الترقى الأكاديمى، بدلا عن البحث والإجتهاد والكد العلمى، وأصبح من يجيد السرقة والخداع هو العالم النحرير، وصاحب الشرف الرفيع الذى يراق على جوانبه الخداع والزيف والكذب باسم العلم المفترى عليه!!

* الكل يعلم بانتشار آلاف المواقع الوهمية والجامعات المزيفة فى العالم والتى تفتح صفحات مجلاتها ودورياتها ومواقعها المزيفة، لنشر الأوراق والأبحاث المزيفة والمسروقة، مقابل المال، ليحصل ناشروها على الترقية الأكاديمية فى بلادهم وجامعاتهم، حيث تُّحِّتم القوانين واللوائح ضرورة النشر العلمى للحصول على الترقية، ومن المؤسف أن تصبح هذه الجامعات والمجلات والمواقع المزيفة قبلة للكثير من السودانيين للنشر العلمى المزيف، حتى صار السودانيون مفضلين لديها، تعطيهم الأولوية وتمنحهم التخفيضات المالية، لنشر أوراقهم وأبحاثهم المزيفة .. بينما وزارة التعليم العالى والجهات المختصة تغط فى نوم عميق أوتغلق عينيها عمدا عن ما يحدث .. !!

* مأساة كبرى تعيشها بلادنا فى جميع المجالات، ولكن أكبرها وأثرها ضررا وإيلاما ما يحدث فى التعليم العالى الذى يفترض أن يرفد بلادنا بالمتخصصين والعلماء المميزين ذوى الكفاءة والمقدرة العلمية والأمانة والاخلاق ليقودوا بلادنا نحو التطور والنهضة، ولكن كيف لمن كان جاهلا وسارقا ومخادعا ومزيفا وعديم خلق أن يعطى ما يفتقد إليه، فالجاهل والسارق والمخادع والمزيف لا بد أن ينجب جاهلا وسارقا ومخادعا ومزيفا مثله .. والساقية لسة مدورة!!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة