أسعار السلع.. محاولات ضبط الانفلات
انفلات وارتفاع أسعار السلع بالأسواق دفع ولاية الخرطوم ووزارة الصناعة والتجارة، للتعاون مع قطاع التجارة والتعاون وشؤون المستهلك..
إلى تنظيم ورشة عمل عاجلة بفندق السلام روتانا أمس حول ضبط أسعار السلع الاستهلاكية الرئيسية.. وطرحت الولاية مقترحا لاستقرار أسعار 9 سلع رئيسية تشمل القمح، الدقيق، السكر، الزيوت، ألبان البدرة، الأرز، العدس، الفول المصري، الشاي، اللحوم، البصل.
وزير الصناعة والتجارة بولاية الخرطوم، د.جعفر أحمد عبد الله، طالب بضرورة وضع تشريعات وقوانين وأوامر محلية تحسم المخالفات الخاصة بانفلات أسعار السلع الاستهلاكية لحماية المستهلكيين والمنتجين، وأضاف أن الوضع الاقتصادي في غاية الحساسية لجهة أن هناك انفلات كبير في الأسعار ولا بد من وضع المعالجات اللازمة، مشيرا إلى أن الجشع والطمع سببه الوسطاء والسماسرة، وأضاف: هناك مشكلة كبيرة ومخالفات لا بد من مراجعة شرطية ومحاكم لرصدها من أجل حماية المستهلك، كاشفا عن أن الدقيق خلال أزمة الخبز في الفترة السابقة كان يُباع في السوق السوداء، مطالبا بمحاسبة هؤلاء التجار، منتقدا غياب الأمن الاقتصادي والشرطة في بعض المواقع لرصد ما حدث في أزمة الدقيق عند التسليم من المطحن إلى المخبز الأمر الذي يتطلب وجود جهات رسمية، داعيا إلى ضرورة تنظيم أسواق للمنتجين في كل محلية لضمان تسويق منتجاتهم بأسعار مناسبة في متناول يد جميع المواطنين إلى جانب تفعيل عمل الجمعيات التعاونية، وتكوين جهاز لحماية المستهلكين بواسطة القوانين وتفعيل قانون منع الاحتكار والغش التجاري، وضم الأمن الاقتصادي للجنة السلع الأساسية.
مقترح الخرطوم
ولاية الخرطوم قدمت مقترحا لضبط أسعار (7) سلع رئيسية استهلاكية تعتبر سلع أمن غذائي متمثلة في (السكر، قمح، دقيق، زيوت طعام، لبن بودرة، أرز، عدس، الفول المصري والشاي). واقترح المدير العام لقطاع التجارة والتعاون وشؤون المستهلك بوزارة الصناعة والتجارة ولاية الخرطوم د.عادل عبد العزيز الفكي خلال ورقته “ديباجة السعر لتحديد الأسعار التأشيرية للسلع”، وجود آلية تعمل على تحديد السعر النهائي للسلعة من خلال تحديد التكاليف الرئيسية عبر معلومات مباشرة من ديوان الضرائب والجمارك، على أن يصدر وزير التجارة والصناعة قرارا بالسعر الذي يكتب على العبوة للمستهلك، وأن يسري هذا السعر لستة أشهر على الأقل ولا يجوز للمصنع أو المستهلك التغيير فيها. وأضاف: هذا الأمر ليس ضد سياسة التحرير الاقتصادي بل التدخل لإزالة التشوهات لوضع سعر تأشيري للسلع بشرط أن يتم جلوس الشركاء للوصول لسعر عادل ومعقول. واقترح الفكي، تشكيل آلية مشتركة تضم وزارة الصناعة والتجارة، واتحاد أصحاب العمل، ديوان الحكم الاتحادي وولاية الخرطوم، ومهمتها رقابة استيراد وإنتاج وتخزين وتوزيع السلع وإلزام المستوردين والمصنعين والمنتجين بوضع السعر على العبوة، على أن تتم الرقابة الأمنية المُحكَمة للتنفيذ. مطالباً بتكليف مؤسسات وشركات التمويل الأصغر بالعمل في الأسواق المركزية للخضر واللحوم كبديل اقتصادي للسماسرة والوسطاء.
وحذر الفكي من تزايد نسبة الفقر حال لم تسع الحكومة لإجراءات فعالة لمعالجة قضية ارتفاع الأسعار، منوها إلى أن ارتفاع نسبة الفقر يصحبها تزايد ظواهر اجتماعية سلبية مثل السرقة والدعارة والرشوة والنهب والاتجار بالبشر، ومن المحتم أن تتطور اضطرابات اجتماعية وسياسية تؤثر على الأمن القومي خاصة في حالة وجود من يشعلها من جماعات سياسية غير مسؤولة أو دول أو خلايا مخابرات أجنبية تستهدف إحداث الفوضى في البلاد.
ضبط إلكتروني
وشهدت الورشة تقديم ورقة ثانية حول الفاتورة الإلكترونية ودورها في ضبط الأسعار، واستعرض مقدمها المهندس العطا محمد العطا، مفهوم الفوترة وأثرها على الضرائب وتحقيقها العدالة الضريبية، وقال إن نظام الفوترة يمكّن الديوان من التحصل على كل المبيعات والمشتريات للممولين، وعبرها يستطيع إصدار كل أنواع الضرائب والتقديرات الضريبية، بجانب دوره في تعزيز الشفافية في الأسعار ويتيح معرفة الأسعار الحقيقية للسلع والمنتجات كافة، وأضاف: الفاتورة الإلكترونية تضبط الأسعار لأنها نظام يوفر معلومات سريعة وآنية عن الأسعار، في مرحلة الإنتاج مرورا بالوسطاء حتى المستهلك النهائي، ثم إتاحة مفصلة وسريعة عن مبيعات ومشتريات السلع، بجانب مراقبة كميات وانسياب السلع الاستراتيجية في شتى أنحاء البلاد، إضافة إلى دورها في محاربة التشوهات في الأسعار ومكافحة الاحتكار مع المراقبة والتخطيط السليم.
أسواق المنتجين
المشاركون في الورشة قدموا توضيحات ومقترحات، لإيجاد معالجات جذرية لانفلات الأسعار بالأسواق. الأمين العام لاتحاد أصحاب العمل، د.عباس علي السيد، أكد على أهمية ضبط الأسعار بالأسواق، وأن الوضع الراهن للأسعار يحتاج إلى التضامن، بسبب أضرارها البالغة على المنتجين والمستهلكين، وقال إن المعالجة يجب أن ألا تكون جزئية أو وقتية، وزاد أن المنتجين والزراعيين والصناعيين أكثر الفئات تضررا من أمر تفاوت الأسعار وارتفاعها، وأضاف: الوسطاء والسماسرة مسيطرون على الوضع ويكسبون على حساب المنتجين، وأرجع سبب الغلاء لعدم تنظيم التجارة والتوزيع، وأن الإجراءات الجزئية لم تُؤدِّ الغرض، داعياً إلى الدخول في نظام جديد، هو أسواق المنتجين التي تكون دائمة للمزارعين والمصنعين، بغرض البيع بسعر المستهلك، مبينا أن أسواق المنتجين تُحقِّقُ مكاسب ضبط الأسعار وتنافسية الأسواق وزيادة المبيعات، إضافة إلى توفر الكاش مباشر، ومشدداً على وجود تشوهات اقتصادية يحتاج إلى الاعتراف بها ومن ثم معالجتها، منوهاً إلى أن الوصول إلى وضع نموذجي للأسعار، لضرورة التركيز على الضرائب المباشرة وتحصيل إيرادات من قبل المستفدين من الأرباح مباشرة، بما يسهم في استقرار الاقتصاد وأسعار السلع، لأن الضرائب غير المباشرة تساعد على ارتفاع الأسعار بالأسواق.
وقال محمد عبد الماجد، إن الندرة خلقت هذا الانفلات، مقرا بوجود مشكلات اقتصادية عميقة عزاها إلى تراجع أسعار العملة المحلية وارتفاع معدلات التضخم بمعدلات متزايدة الأمر الذي ساهم في ارتفاع الأسعار، وانتقد سياسات البنك المركزي بشأن إيقاف الاستيراد بدون قيمة لجذب مدخرات المغتريين والتي كانت تقدر بـ 4 مليارات دولار، قائلاً إن هذه المدخرات لن تأتي في ظل شح السيولة التي تجعل المواطن يتجول ما بين صراف إلى آخر، مستنكرا ارتفاع أسعار الدولار إلى أكثر من 50 جنيها، وأضاف: لا بد من استدعاء القطاع الخاص بكل قطاعاته المختلفة، من المستوردين والمصدرين، وعمل حلقة نقاش لتحديد جذور المشكلة، واستدرك بالقول إن رغم اللقاءات في الهوامش وعمل معالجات آنية إلا أن المشكلات ستظل موجودة، منوها إلى توقف 80% من المصانع العاملة بالبلاد و20% تعمل بكفاءة متدنية لا تتجاوز 30%، وأرجع ذلك لعمل العنصر النسائي، وكال انتقادات إلى أمر فرض الرسوم على المنتجين، قائلاً: لا يعقل دفع 32 رسم اتحادي، متسائلا: لماذا لا تخفّض الدولة الضرائب؟
الخبير الاقتصادي د.حسين القوني، أرجع ارتفاع الأسعار لغياب الجهات الرقابية عن الأسواق والرسوم الحكومية المتعددة والسياسات النقدية والمالية الأخيرة، وغياب المهنية والضمائر لدى التجار – على حد قوله.
واقترح القوني، ضم جمعية حماية المستهلك والأمن الاقتصادي إلى لجنة ضبط الأسعار لتحديد الأرباح التجارية.
خارطة جديدة
التوصيات وجهت بضرورة الانتقال لفكرة أسواق المنتجين الزراعيين والصناعيين وبورصات السلع، ويتم إضافة جهات الأمن الاقتصادي وجمعية حماية المستهلك إلى آلية السلع الاستراتيجية، ثم إضافة سلعتي اللحوم والبصل إلى قائمة السلع الرئيسية، كما دعت إلى إعادة النظر في مسألة الاستيراد دون قيمة، وإعادة شركتَي الصمغ العربي والحبوب الزيتية كشركات مساهمة عامة، والإعلان عن أسعار السلع والخدمات بشكل عام من خلال دليل المستهلك، ثم تفعيل قانون منع الاحتكار ومحاربة الغش التجاري، وتفعيل الجمعيات التعاونية لتكون جهازا لحماية المستهلك، إصدار أوامر محلية من الوالي لتنفيذ ما توصلت إليه الآلية، إضافة إلى أهمية التواصل مع القطاع الخاص والانتقال للشراكة بين القطاع العام والخاص، بجانب تنشيط الجهات الرقابية لضبط الأسعار وفق القوانين.
الخرطوم: ابتهاج متوكل
صحيفة السوداني.