تحقيقات وتقارير

مسودة الدفع الإلكتروني.. الخطأ الفني يحرج بنك السودان

تنشط وسائط التواصل الاجتماعي في الكشف عن وثائق ومعلومات مهمة لم تخرج للعلن بسبب تكتم الجهات التنفيذية بالحكومة عنها. المعلومات في حد ذاتها لا يمكن تجاوزها وغض الطرف عنها لا سيما أن لها علاقة بالاقتصاد والواقع الاقتصادي الراهن، ومن هذه الوثائق ما تم تداوله على نطاق واسع حول مصفوفة تفعيل الدفع الإلكتروني التي صدرت باسم البنك المركزي فهي وثيقة صحيحة حتى وإن كانت مسودة غير مُجازة حتى الآن.

ماذا قالت المسودة؟
مسودة مصفوفة الدفع الإلكتروني تتضمن (8) محاور تتضمن محوراً سياسياً، وآخر حول توفير الدفع الإلكتروني لكل الخدمات الأساسية، محور توزيع آليات خدمات الدفع الإلكتروني، محور التوعية والإعلام، ومحور الضوابط وتعزيز وظيفة الإشراف، ومحور إشراك القطاع الخاص في تقديم الخدمة، ومحور التنسيق بين الوحدات الحكومية المختلفة لنشر خدمة الدفع الإلكتروني.

بيد أن (السوداني) التقطت المعلومات الأهم في وثيقة الدفع الإلكتروني باعتباره موضوع الساعة خاصة مع حلول المهلة المحددة من قبل الحكومة للإنفاذ النهائي للدفع الإلكتروني في كل المعاملات بالبلاد، ولعل أبرز وأهم معلومة وردت في المصفوفة، تتمثل في تحديد بنك السودان المركزي للسقف الأعلى لتحويل الرصيد بألا يتجاوز (50) جنيهاً في (اليوم) وقد وردت في المصفوفة (في الشهر) بنهاية ديسمبر المقبل، وأن يتم بعدها إيقاف استخدام رصيد الاتصالات كوسيلة تحاويل مالية واقتصار استخدام الرصيد للمكالمات الهاتفية والإنترنت وأن يقوم بنك السودان المركزي وجهاز تنظيم الاتصالات والبريد بتنفيذ خطة تنظيم الرصيد المجازة مسبقاً، وذلك وفقاً لما ورد بمصفوفة الدفع الإلكتروني، وحددت المصفوفة سقفاً أعلى لقيمة الرصيد المسموح بتخزينه في أي هاتف بألا يتجاوز الـ(100) جنيه في أي لحظة، فضلاً عن وضع سقف عدد الشرائح المرتبطة برقم وطني واحد، بحيث لا يتجاوز (5) شرائح.

حقيقة الوثيقة

بنك السودان المركزي نفى عبر ناطقه الرسمي سامي عبد الحفيظ إصدار منشور أو قرار مكتوب بشأن تحديد سقف تحويل الرصيد الخاص بشركات الاتصالات لا ينفي صحة التوجه الذي تعضده الوثيقة بتحديد السقف المذكور إن عاجلاً أو آجلاً (مسألة وقت) لحين إجازة مسودة المصفوفة بشكل نهائي وصدور منشور للمصارف للبدء في التنفيذ.
ما أشار إليه سامي من أن موضوع تحويل الرصيد جرت مناقشته في اجتماعات القطاعات الوزارية في إطار مناقشة مسودة مصفوفة الدفع الإلكتروني، يؤكد صحة ما أوردته وسائل الإعلام نقلاً عن المصفوفة الرسمية التي تم تسريبها عبر وسائط التواصل الاجتماعي وإن تم نفيها من قبل البنك المركزي أو أي جهة أخرى.

وكان آخر قرار للبنك السودان المركزي بتحديد سقوفات خدمة تحويل الرصيد عبر الموبايل في مايو 2017م ليبدأ إنفاذه ابتداءً من شهر يونيو بمقترح ألا تتجاوز 500 جنيه في اليوم للمشترك الواحد. وكشفت الهيئة القومية للاتصالات في وقت سابق عن تكوين لجنة مشتركة بينها والبنك المركزي، لوضع سقوفات لتحويل الأموال عبر الهواتف.

إجازة المصفوفة

من جانبه كشف مدير شركة الخدمات المصرفية الإلكترونية مهندس عمر عمرابي لـ(السوداني) أمس، عن أن مسودة مصفوفة الدفع الإلكتروني التي تم إعدادها بواسطة إدارة نظم الدفع ببنك السودان المركزي تم نقاشها مع الأطراف المختلفة من بينها اتحاد المصارف، وعرضت في اجتماع وزراء القطاع الاقتصادي وما يزال التشاور حولها جارياً مع الشركاء الآخرين كالهيئة القومية للاتصالات والمركز القومي للمعلومات، لتتم إجازتها من قِبَلِ مجلس الوزراء الأحد المقبل.
وأشار عمرابي إلى أن معظم ما ورد بالمصفوفة حول الدعم السياسي وإلزام المصارف بنقاط البيع وتوفير بطاقات الدفع للمواطنين ودعم المشتريات والاهتمام بالدور الإعلامي في إنجاح الدفع الإلكتروني هي معلومات صحيحة والهدف من المصفوفة نشر الدفع الإلكتروني بالسودان كافة. غير أن عمرابي أكد استمرار التشاور مع الجهات الرسمية لتنظيم الرصيد وعدد الشرائح، لافتاً إلى أن بنك السودان يرى أن خدمة التحويل المالي عبر الموبايل هي من مهام المصارف، وليس شركات الاتصالات، مؤكداً عدم توصل لجنة مناقشة وضع الرصيد لحل نهائي حول حجم الرصيد الذي يتم تحويله، لافتاً إلى أن تحويل الرصيد يقدم خدمة لأكثر من 85% ممن يملكون موبايلات بالسودان سواء من جنسيات سودانية أو جنسيات أخرى بالسودان، مبيناً أن السودان يحتل المرتبة الثانية بعد كينيا في تداول الأموال بتلك الطريقة، حسب دراسة البنك الدولي في العام 2014م، عازياً الأمر لافتقار التحويل للضوابط حيث يتم التحويل دون تسجيل ولا يخضع للرقابة.

وحذر مصرفيون في وقت سابق من استغلال جهات ـ لم يتم تحديدها ـ لخدمة تحويل الأموال عبر الهواتف النقالة، أو ما يعرف محلياً بتحويل (الرصيد)، في تمويل الإرهاب والجماعات المتشددة، في ظل غياب الرقابة على حجم الأموال المتداولة عبر الخدمة وأوجه صرفها.

خطأ في الصياغة

وكشف مصدر مصرفي موثوق لـ(السوداني) أمس، عن حدوث خطأ في صياغة المصفوفة فيما يلي تحديد سقف تحويل الرصيد، لافتاً إلى الاعتماد في صياغتها على تحديد سابق لسقوفات التحويل، وأضاف: وأن ما ورد حول المبالغ التي ستحول من (50ــ 100) جنيه في اليوم غير معتمد، ويجري الآن التباحث حول المبلغ الفعلي المتفق عليه بين الأطراف كافة، وسيصدر بشأنه منشور للمصارف، متوقعاً أن يتم تحديد للرصيد بشكل تدريجي من (500) إلى (50) مراعاة للمستفيدين من الخدمة.

تطبيق متدرج

وأعلنت وزارة الاتصالات مؤخراً عن إيقاف خدمة تحويل الرصيد تدريجياً وذلك بعد تطبيق التحويلات المصرفية عبر الهواتف السيارة في البلاد، ووقتها أكدت وزيرة الإتصالات السابقة، تهاني عبد الله، أن الخطوة ستتم بالتعاون مع كل من وزارة المالية والبنك المركزي وشركات الاتصالات، بشرط أن تكون دون ضرائب، وأكدت ضرورة تطوير الشركات للشبكات من أجل توفير خدمة الدفع الإلكتروني.

صحيفة السوداني.