اعرف رجل من التجار الذين نكبوا في حادث حريق سوق ام درمان.. يتقطر مروءة وشهامة.. ارباب و(كلس)

لا اميل عادة لتتبع معايير جازمة في شان ان فلان صالح وذاك شيطان ؛ ولا املك قدرات في كشف الحجب لادرك ان هذا الله راض عنه او ذاك مطرود من رحمته ؛ قد تتنزل الخيرات على عاص ويعسر امر ملتزم لا يميل ؛ وتبعا لهذا ليس من الفطنة تصاعد التصورات التجريمية لبعض التجار الذين نكبوا في حادث حريق سوق ام درمان ؛

وبقياس الظاهر فاني اعرف رجل من اولئك التجار ؛ جاري في السكن واشهد الله فانه يتقطر مروءة وشهامة ؛ لا يتأخر في مكره او يغيب عن منشط ؛ تسبق عطاياه سلامه ؛ بل فقد اوقف الرجل من امواله (موتورات) لشد المياه ببعض بيوت الحي ؛ ممن يرى ان اهلها ضعاف فاعانهم على السقيا ؛ اشتراها من ماله ويطوف شهريا ينقد السكان قيمة الكهرباء المستهلكة ؛ وكنت كثيرا في ايام العطلات والاعياد ارى منزله يكتظ بالزوار ؛ عمال معهم واسرهم ؛ من قبائل شتى واعراق مختلفة تراه وسطهم يخدمهم حافي القدمين ؛ رجل ارباب و(كلس) ؛ تقيم مع اسرته خادمة من بلد مجاور لم استبين هويتها كعاملة الا يوم ان مازحها ان (ترطن) معي قائلا وهو يضحك (نوار دا قريبك) ؛ الفتاة لا يميزها عن بناته تمييز ؛ وهي ان استفسرتها عنه لا تقدم اسمه إلا بوصف (بابا) ؛ التقيته اليوم صباحا عليه سكينة الرضا ؛ إستجمعت شحيح عبارات مؤاساة ؛ ردها علي بلطف وهو بسام ؛ متماسك الملامح إن رايته تظن انه منح ضعف ما فقد ؛ مضيت عنه اعتلى قول الحاردلو متشفعا لخاله في القصة الشهيرة في عهد الخليفة عبد الله ( ابْرسْوه الْبِكرْ حّجرْ شراب سيتيتْ كاتال في الخلا عقبان كريم في البيت ) ولهذا الرجل اتشفع عند نابشي الضمائر والسرائر.

هؤلاء رجال فيهم صادق ووفي وصالح ؛ وليس بين الناس في الإبتلاء عار والرجال ان كانت في الحرب (شرادة ورادة) فهم في ما هو دونها للخير والكسب والاستدراك سيفعلون ؛ أحسنوا الظن والله حسيب من ظلم غيره او ظلم نفسه.

بقلم
محمد حامد جمعة

Exit mobile version