تحقيقات وتقارير

حصدت العشرات من الأرواح البريئة آبار التعدين.. البحث عن مسببات الانهيار


لا زالت انهيارات آبار التنقيب مستمرة في حصد أرواح الكثيرين، بينما تقنن الحكومة التعدين التقليدي وتضع اشتراطات من بينها عدم الوصول إلى أعماق بعيدة لضمان سلامة المنقبين، إلا أن تلك الاشتراطات تظل بلا رقابة في ظل توسع عمل التعدين التقليدي وبعد المسافات ما يجعل أمر الرقابة عصياً على الحكومة.

ففي منتصف نهار أمس الأول- الجمعة- انهارت بئر للذهب بمنطقة “قبقبة” التابعة لمحلية أبو حمد بولاية نهر النيل، ونتج عن الانهيار وفاة ثلاثة معدنين في الحال، فيما ظل “10” آخرون عالقين في البئر قبل أن يتم إنقاذهم بعد نحو يوم، ويرجح مختصون أسباب الانهيارات في آبار الذهب لمخالفة اشتراطات السلامة، علاوة على بعض الاختلالات الفنية في تحديد مواقع التنقيب التقليدي دون دراسات كافية.

فيما يقطع مختصون في قطاع التعدين بعدم وجود علاقة بين الاهتزازات الأرضية التي تحدث باستمرار في تلك المناطق وانهيار آبار الذهب، لكن الثابت أن العوامل الطبيعية والفنية لها أثر في انهيارات آبار الذهب.

إنقاذ العالقين

أمس “السبت”، أعلنت الشركة السودانية للموارد المعدنية، إنقاذ جميع المعدنين العالقين بمنجم الذهب المنهار بمنطقة قبقبة بمحلية (أبو حمد) بولاية نهر النيل. وأكد مدير عام الشركة المهندس مجاهد بلال – في بيان صحفي أمس – أن فرق الإنقاذ المكونة من الشركة السودانية للموارد المعدنية والدفاع المدني والأجهزة النظامية وحكومة ولاية نهر النيل، تمكنت من إنقاذ 10 معدنين كانوا محتجزين داخل المنجم الذي انهار جزء منه حال وجودهم داخله بمنطقة قبقبة بولاية نهر النيل، منوها إلى خروجهم أحياء وإخضاعهم لفحوصات طبية، وتمتعهم بحالة صحية جيدة.

لا تأثيرات

ربما يتبادر للذهن أن ثمة دوراً للهزات الأرضية في انهيار مناجم وآبار الذهب، لكن مختصين قطعوا بعدم وجود علاقة بين الأمرين. وهنا يقول مصدر بالوزارة وخبير في قطاع التعدين، إن الهزات الأرضية لا علاقة لها بالانهيارات التي تحدث في آبار الذهب، وقال لـ “الصيحة” أمس، إن الآبار تنهار بسبب التقديرات الخاطئة من المعدنين التقليديين، إضافة لعدم اتباعهم إرشادات السلامة التي توفرها شركة الموارد المعدنية التي تنشط في مناطق التعدين الأهلي. وفي نوفمبر الماضي تعرضت منطقة مروي بالولاية الشمالية القريبة من تلك الأنحاء لهزة أرضية رصدتها هيئة الأبحاث الجيولوجية، وكشفت الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية حينها عن حدوث هزة أرضية بمنطقة مروي بالولاية الشمالية، وأوضح تقرير للهيئة، أن الهزة كانت بقوة 4.51 على مقياس ريختر والتي سجلتها محطات الشبكة القومية للزلازل المنتشرة في أنحاء السودان، وقد ظهرت هذه الهزة بصورة واضحة في كل من “مروي، جبل أولياء، كسلا وأبو حمد”، على بعد 35 كلم شمال شرق جسم السد وعلى بعد 60 كلم شمال شرق مدينة مروي.

أجهزة ومعدات

وكانت شركة الموارد المعدنية قد دشنت خلال هذا العام أجهزة ومعدات السلامة لمناطق التعدين التقليدي، وبعثت بعدد من الفرق الإرشادية لتوعية المعدنين بأهمية اتباع كافة الإرشادات المتعلقة بالسلامة وضرورة استخدام المعدات اللازمة لذلك، مما كان له أثر إيجابي في تقليل حوادث المعدنين وفقد الأرواح.

رواية من “أبو حمد”

السلطات المحلية بأبوحمد قالت إن أحد المناجم (بئر) انهار صباح أمس الأول وبداخله 6 معدنين وأن جهود الدفاع الدمني أفلحت في إنقاذ ثلاثة في حينه، بينما لقي ثلاثة آخرين مصرعهم، فيما انهار منجم آخر وبداخله (10) معدنين.

وقال معتمد محلية أبوحمد رئيس لجنة الأمن بالمحلية عبد العال خرساني في تصريح نقلته عنه (الصيحة) أمس، إن سلطات الدفاع المدني مسنودة بجهود لجنة الأمن بالمحلية وشرطة تأمين التعدين والوحدة الطبية بشركة مناجم المغربية، بذلت جهوداً جبارة للوصول للمعدنين العشرة وإنقاذهم، وذلك بفتح مسار آخر بديل للبئر، ورجح خراساني أن تكون صخرة قد تعارضت مع الانهيار الكامل، وأرجع المعتمد تكرار حوادث انهيار أبار الذهب في مواقع التعدين لضعف التقديرات الفنية والجيولوجية لدى بعض المعدنين في فتح مسارات الآبار وكيفية تأمينها من المخاطر المحتملة بجانب افتقار الكثيرين منهم للخبرة والدراية الكافية بطرق وأساليب العمل فيها خاصة وأن بعضها يصل لأعماق بعيدة.

إجراءات سلامة

بدورها أعربت الشركة السودانية للموارد المعدنية، عن بالغ الأسى والحزن على وفاة المعدنين الثلاثة، وأكدت اهتمامها بجميع العاملين بقطاع التعدين وتوجه كافة المعدنين بمناطق التعدين بالبلاد باتباع إجراءات السلامة حفاظاً على سلامتهم وأرواحهم التي هي جل اهتمام الشركة، وبينت الشركة أن فرق الإنقاذ وغرفة الطوارئ المكونة من الشركة السودانية للموارد المعدنية والدفاع المدني والأجهزة النظامية وحكومة ولاية نهر النيل، بذلت أقصى الجهد حتى تم إنقاذ المعدنين العالقين داخل البئر.

صحيفة الصيحة.