تحقيقات وتقارير

في ورشة أقامتها وزارة التربية أمس (عقوبات) الطلاب… مطالبات بإيقاف العنف اللفظي والبدني


أقامت وزارة التربية والتعليم مع جمعية “إعلاميون من أجل الأطفال” ومجلس رعاية الطفولة بولاية الخرطوم ومنظمة “رعاية الطفولة العالمية ” اجتماعاً تشاورياً حول التعزيز الإيجابي للعقوبات البدنية بالمدارس، وثمنت الأمين العام لجمعية “إعلاميون من أجل الأطفال”د. أسماء التوم شراكتهم الفاعلة مع وزارة التربية بالخرطوم، مشيرة إلى حقوق الأطفال في الحصول على حقوقهم في البقاء والنمو والتعليم والترفيه، وأضافت د. أسماء بأن جمعيتها منذ تأسيسها في عام 2002 عملت على تأييد حقوق الأطفال ليكون شعار “رعاية الطفولة العالمية ” ماشياً على أرض الواقع، مشيرة إلى حق الأطفال في الحصول على تعليم بدون خوف وهو ما يقود لإيجاد وسائل بديلة تضمن للأطفال حقهم في التعليم بدون خوف، مضيفة بأنهم رفعوا شعار”تعليم بدون خوف”، ولفتت د. أسماء لتبني حملتها لتعزيز البدائل الإيجابية للعقوبات البدنية.

نتائج

ولفتت د. إخلاص عباس ممثلة وزارة التربية إلى المخاطر التي تصاحب العقوبات البدنية في المدارس السودانية ومنها كثرة التسرب، مضيفة أن هذا الأمر أدى لتوصيتنا للمعلمين بالبعد عن العقوبات البدنية واللفظية وتدريب المعلمين على البدائل الإيجابية للعقوبات وإعلامهم بقانون الطفل للعام 2010.

دراسة

وقدم مدير إدارة التدريب بوزارة التربية الأستاذ الطيب الأمين ورقة بعنوان ” تشريعات حقوق الطفل وتطويرالبدائل التربوية بوزارة التربية والتعليم” والتي أشار فيها إلى الدراسة التي قامت بها الأمم المتحدة بدراسة العنف على الأطفال في عام 2006، حيث وجدت الدراسة استشراء العنف بصورة مذهلة بالمدارس وعزوا ذلك لمعتقدات قديمة حول كيفية التعليم ولعدم الوعي، وقد خرجت الدراسة بتوصيات بضرورة التخلي عن العنف في المدارس وتقديم نماذج لتعليم بدون عنف.

حقوق

وأقرت الدراسة حقوق الطفل على الحصول على التعليم بدون تمييز نتيجة للونه أو معتقده أو نوعه، وأضاف الأمين بأن المعتقد الإسلامي في أصله ينادي بالرفق مستدلاً بالآية “ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك”، وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم “ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه”، ولفت الأمين للمواثيق التي وقع عليها السودان بشأن حماية الطفل من أي شكل من أشكال العقوبات، وذلك في عام 1990 ونصت الاتفاقية على أن يحمى الطفل من كافة أشكال العنف والإهمال والاستغلال وأن يكون التعليم المقدم للأطفال متماشياً مع توعيتهم وتنمية مواهبهم .

قانون الطفل

ولفت الأمين لقانون الطفل لعام 2010 والذي صدق عليه السودان معتبراً القانون يشكل حماية للأطفال، مشيراً إلى أن من سمات قانون الطفل العمل على تغيير المفهوم التجريمي للطفل الجاني، لافتاً إلى أن الطفل ضحية ويجب تأهيله وطمأنته، كما حسم تعريف الطفل بأنه كل شخص لم يتجاوز الثامنة عشرة وبناء على هذا القانون منعت وزارة التربية العقوبات البدنية الممارسة على التلاميذ بالقانون.

جهود توعوية

وأشار الأمين للورش التي أقيمت منذ العام 2006 وقدمتها كل من وزارة الرعاية الاجتماعية واليونسيف ومعهد حقوق الطفل والمنظمات والمعهد الثقافي البريطاني، وهي عبارة عن أوراق عمل مختصرة تتعلق بالعملية التعليمية وخلق بيئة تربوية سليمة وتم تدريب مدربين بوزارة التربية والتعليم لتدريب المعلمين وتبصيرهم بالأساليب التربوية الحديثة، ومن ثم عمل دليل للتعريف بها.

تحديات

ولفت الأمين إلى التحديات التي تواجههم، لافتًا إلى الإرث التربوي القديم الذي يعتمد على (الجلد) بصورة أساسية والتطبيع الاجتماعي الخاطئ الذي ينادي بـ(ليكم اللحم ولينا العضم)، بالإضافة لضعف التمويل لتدريب المعلمين على الوسائل التربوية الحديثة.

تطبيق فعلي

ولفتت المدير التنفيذي لـ (جمعية إعلاميون من أجل الأطفال) الأستاذة أنعام الطيب إلى شمولية الورقة في إيراد الاتفاقيات التي وقع عليها السودان بشأن الطفل مشيرة للائحة 10 والتي تمنع العقوبات البدنية بالمدارس، مشددة على ضرورة تطبيق هذه القرارت فعلياً وتدريب أكبر عدد من المعلمين وتبصيرهم بالوسائل البديلة للعقاب البدني.

اعتراف تشريعي

في السياق، لفتت نائب رئيس المجلس التشريعي بولاية الخرطوم الأستاذة نجاة كرداوي إلى الأذى الجسيم الذي تسببه العقوبة البدنية واللفظية للتلميذ، ووصفت الأخيرة بمهدد نفسي للتلميذ، وأشارت كرداوي إلى أن الضغوط النفسية والاقتصادية التي تمر بالمعلم قد تجعله يضرب التلميذ بتشفٍّ، لافتة لحالات وصلت المحاكم، مشيرة إلى أنها رغم محدوديتها إلا أنها موجودة ونعترف بها، مبينة أن القرار منذ إصداره في عام 2010 إلا أن الضرب لازال موجوداً بمدارسنا، وأوصت كرداوي بضرورة وجود الباحث النفسي في المدرسة ليقوم بعمل دليل إرشادي ووقائي لمعرفة المشاكل التي تواجه المعلمين والتلاميذ معاً، مضيفة أننا (جلدنا) ولكن أطفالنا أصبحوا لا يتحملون (الجلد) ويؤثر فيهم تأثيراً نفسياً وبدنياً. ونادت بضرورة وقف الضرب بالمدارس لأنه يؤثر على التلميذ نفسياً، وأشارت إلى أن المجلس التشريعي يرحب بأن تتحول لائحة منع العقوبات على التلاميذ إلى قانون وتدريب أكبر عدد من المعلمين على الوسائل الحديثة التربوية.

معانٍ تأصيلية

ولفتت مديرة مركز التعزيز الإيجابي، الأستاذة ملاك حامد، في ورقتها “البدائل الإيجابية للعنف التربوي” إلى المعاني التأصيلية في عملية التربية، لافتة إلى أن الأطفال يحتاجون للتأديب بينما العقاب يكون للراشدين، مشيرة إلى أن التربية الإيجابية تعتمد على التذكر والخشية، مؤكدة على أن العنف هو ضد الطبيعة الإنسانية.

تباين

رغم الأوراق الضافية التي قدمت والتي نادت بضرورة التخلي عن العقوبات بالمدارس السودانية، إلا أنه ظهر جليًا من خلال النقاش بأن كثيرين من العاملين بوزارة التربية والتعليم لا زالوا يعتقدون بنجاعة أسلوب العقوبات البدنية في التربية، وهو ما يفسر استمرار ممارسة العقوبات البدنية على المدارس السودانية رغم صدور اللائحة التي تمنعه منذ العام 2010، ولكن معدي الأوراق العلمية أفلحوا في إزالة الفهم الخاطئ للحديث “مروهم بالصلاة لسبع وأضربوهم لعشر” حيث اتضح بأن كلمة” أضربوهم” لها معنى آخر غير الذي فهمه المنادون بمواصلة العقوبات البدنية بالمدارس.

صحيفة الصيحة.