زيادة الأجور..(الأكل من السنام)…!!!
حزمة من القضايا تواجه شريحة العمال ابرزها الاوضاع الاقتصادية المتردية ، كما يصفها البعض بجانب ارتفاع تكاليف المعيشة وخروج الدولة من دعم عدد من السلع الاساسية ، علاوة على قضية متأخرات الاجور وعدم تطبيق زياداتها المقررة والتي القت بظلالها السالبة على مجمل حياة المواطن في ظل ظروف اقتصادية متأزمة. واتى اقرار المجلس الاعلى للاجور بوجود تشوهات ومفارقات في الاجور بسبب ضعف الاجر ووجود الهياكل المستقلة عن الهيكل العام للاجور ، وكشف بذات الوقت ان ما تم بشأن البدلات والعلاوات خفف كثيراً من الفجوة بين الاجر وكلفة المعيشة الا انه لم يلبِ الطموحات المرجوة لبعد الهياكل عن تكاليف المعيشة مع تصاعد الاسعار والتضخم.
وكان المجلس الاعلى للأجور قد قدم مقترحاً حول زيادة الأجور في ميزانية عام 2016م باعتبار أن الحد الأدنى البالغ 425 جنيهاً أصبح لا يتعدى الرقم الأحادي من النسبة المئوية لتكلفة المعيشة التي يقوم المجلس الأعلى للاجور بحسابها.
وفي تعليقه على ما سبق صرح د.قاسم الفكي علي جاد الله ـ خلال مصفوفة علمية ـ ان تكاليف المعيشة تحتاج إلى مستوى أجور يتسق معها لذا تأتي أهمية هذا الجانب الهام اعتماداً على الحقائق الرقمية ، ووجدنا ان المنصرفات اليومية لعامل في الدرجة 17 مبلغ1317 جنيهاً آخذين في الاعتبار مؤشرات أسعار السلع والخدمات في الأسواق حالياً للعام 2018 م والنتيجة الحتمية هي استحالة تقسيم المبلغ على الاحتياجات اليومية للعامل والمتمثلة في المأكل والمسكن والملبس والعلاج ومصاريف التنقل بالإضافة لوضع احتياطي للطوارئ والذي هو في واقع الدخل المشار إليه ضرباً من خيال.
واكد ان الزيادة التي حدثت في الأجور والمرتبات ببدلاتها المتعددة لم تتجاوز 25 ــ 40% ما يعني عدم وجود نسب وتناسب مطلقاً ما بين الزيادة فى الأجور والزيادة التي طرأت وبعشرات الأضعاف في أسعار السلع والخدمات عامة، والتي تراوحت ما بين 160 % إلى 2000 وتراوح الأجر الشامل للعاملين في المؤسسات العامة من1317 جنيهاً للدرجة 17 كحد أدنى إلى 5259 جنيهاً كحد أعلى للقطاع الأول.
ويأتي اعلان اتحاد العمال الاتفاق على زيادة الاجور بنسبة تتراوح ما بين (500 ــ 2500) جنيه حسب الدرجات في ظل ازمة طاحنة تجتاح الاسواق في كافة السلع وانعكاسات قاتلة لعدم توفر السيولة النقدية بايدي المواطنين، بعد مطالبته الاخيرة بزيادة الأجور لعدم كفايتها الحد الأدنى للمعيشة ، وضرورة تحسين الأجور بصورة دورية لمقابلة معدلات التضخم التي تحدث حتى يحافظ الأجر على قيمته وفق السياسات التي تؤدي الى الاستقرار بموارد حقيقية لتخفيف الضغط على العاملين.
عطفاً على ما سبق وصف الموظف سر الختم حمزة الزيادة وان كانت 100% بانها لا تساوي شيئاً ولا نشعر بها لانها تأتي كل ثلاثة او اربعة اعوام ، وقال ان الظروف جعلت المواطن يتجاوزها تماماً لصعوبة الوضع الان ووصف الزيادة بانها “زيادة وجع” ليس الا بعد ان اصبح المواطن مستسلماً للاوضاع التي ارغمته على بيع مقتنياته ليعيش ويأكل من (سنامه) وبالتالي اي زيادة لا قيمة لها.
بينما قال الخبير الاقتصادي د.الفاتح عثمان محجوب في حديثه لـ (الانتباهة) إن الاجور تخضع باشكالها المختلفة الى المساومات والحكومة لا تستطيع ان ترفع الحد الادنى للاجور بدون ان تتأكد من قدرتها على الدفع الان وما يترتب عليه من مكافآت نهاية الخدمة وهذا ينطبق على القطاع الخاص لان القانون يشمل القطاعين.
واوضح الفاتح ان العقبات التي تواجه الاجور الاساسية انها ترتبط بمكافأة نهاية الخدمة نسبة لان كثيراً من المنشآت الاقتصادية تكون قيمة مستحقات نهاية الخدمة اكبر من المصنع نفسه ومنشآته وبالتالي يفكر كثير من اصحاب المصانع الف مرة قبل تعيين موظف جديد والكثير من الموظفين ينظرون لها اكثر من رغبتهم في العمل وبعضهم لديهم اعمال اضافية لتغطية متطلباتهم. واكد ان قانون العمل بشكله الحالي لا يصب في مصلحة العمال لانه لا يشجع الشركات على تعيين الموظفين او زيادة المرتب خوفاً من قيمة التأمين في نهاية الخدمة ، وهذا هو السبب في نقل الكثير منهم لمصانعهم في اثيوبيا وغيرها او اعتماد سياسة الاستيراد بدلاً من الانتاج المحلي، وشدد على ضرورة تعديل القانون بشكل معقول لانهاء السيف المسلط على رؤوس اصحاب المصانع والشركات في حالة انهاء خدمة اي عامل، واضاف: بتعديله يمكن ان تزيد المرتبات عدة مرات.
والقراءات للوضع الاقتصادي تشير الى ان الزيادات التي تمت مؤخراً لم تكن زيادة أجور بل معالجة لتشوهات موجودة على هيكل الأجور ، لا سيما وان وزارة المالية كانت قد رهنت رفع الأجور بزيادة الموارد عبر البرنامج الخماسي الذي تنفذه الدولة لاصلاح اقتصاد البلاد المتهاوي منذ انفصال جنوب السودان في يوليو 2011م.
هذا المنحى قاد الفاتح الى القول ان الحكومة تعاني من عقبتين اولاهما الترهل الكبير في عدد موظفيها الفعلي الذي يصل الى ثلاثة اضعاف العدد المطلوب ولهذا الحكومة نفسها في موقف صعب لانها لا تستطيع زيادة المرتبات لمنسوبيها في ظل وجود عدد من العمال “غير المرغوب فيهم”.
وفي طرحه للحل لفت الفاتح الى ان الاصلاح الحقيقي لمرتبات العاملين يتطلب اصلاح وضع الخدمة المدنية وانهاء الترهل حتى تستطيع الحكومة مضاعفة المرتبات ، ولكن في ظل الظرف الحالي ومع قانون العمل الساري يصبح المتاح رفع بمقدار بسيط يمكن ان تطبقه وزارة المالية واتحاد اصحاب العمل مع الحفاظ على ذات الترهل الكبير من الموظفين والذين مرتباتهم لا تكفي لسد احتياجاتهم ودائماً عدم الوضوح يكلف الحكومة مبالغ طائلة.
تقرير:رباب علي
صحيفة الإنتباهة