سهير عبد الرحيم: الأسوأ قادم

حين مددت يدي إلى الرجل وأنا أصافحه أحسست بقبضته القوية، ولكن ما أن جلست إليه وأخذ يخرج ما في جعبته من أرقام ومعلومات مخيفة حتى شعرت بأن الأمور تكاد تخرج عن سيطرته، وأن تلك القبضة القوية تتنازعها مافيا المخدرات بكل ثقلها فتوهن من عزمها..

اللواء محمد عبد الله النعيم مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات رجل يتحدث بلغة الأرقام التي لا تكذب، قالها بكل بساطة: مافيا المخدرات أقوى منا، أسلحتهم متطورة وعرباتهم حديثة يطورون من عملياتهم كلما تطورنا، يتجسسون علينا ويعرفون الكثير من تحركاتنا.

حديث الرجل وبهذه القتامة يعني أن السوق السوداني (غرقان لي حلقه مخدرات) ضبطيات حاويات المخدرات تظهر قمة جبل الجليد فقط وتؤكد أن غيرها بالعشرات قد وصل الحواري والأزقة، خاصة أن الكبتاجون والترامادول أصبحا يباعان في البوتيكات ومحلات العطارة والصيدليات تحت سمع وبصر وزارة الصحة سيئة الذكر.

مافيا المخدرات اخترقت المدارس والبيوت، فأصبحت تضلل طلاب المدارس بحبوب الترامادول بهدف الاستيقاظ ساعات طوال والقدرة على المذاكرة، وتطرق على نقطة الضعف عند الرجال وتزين لهم القدرة على رفع النشاط الجنسي، وتغازل النساء بزيادة الوزن وانتفاخ الأرجل واستدارة الوجه. والنتيجة اكتئاب وهذيان وأرق للطلاب وعجز جنسي وعقم للرجال وتلف في الكبد وفشل كلوي للنساء. إذا علمتم أن ضبطيات هذا العام وسط طلاب المدارس قد بلغت 23% مقارنة بـ 4% العام الماضي، فهذا يعني أن الأسوأ قادم، وإذا علمتم أن الكمية المضبوطة خلال السنوات الثلاث الأخيرة بلغت خمسة ملايين حبة كبتاجون.. فهذا يعني أننا دولة استهلاك لا دولة عبور.. وشتان ما بين العبور والاستهلاك. علماً بأن الضبطيات المذكورة أعلاه لا تتجاوز 10% من جملة المطروح في السوق، هذا يعني باختصار أننا في مصيبة لا قبل لنا بها. ليس هذا فحسب،

بل إن مطار الخرطوم يشهد أسبوعياً استقبال ثلاث رحلات تحمل أبناء مغتربين مبعدين من السعودية ودول الخليج بسبب الاتجار أو التعاطي…..

وعادة ما يتحول المتعاطي إلى تاجر. حقاً لا يشعر بخطر المخدرات إلا رجل المكافحة أو الأسرة التي بينها متعاطٍ… وهذا في حد ذاته مصيبة. مع الأسف للمرة الثانية يلمح ويصرح مدير مكافحة المخدرات إلى تجسس مافيا المخدرات عليهم، الطناش في مثل هذه الأمور غير مجدٍ، نظفوا صفوفكم جيداً حتى لا تكونوا ضحايا لكمين من بعض منسوبيكم.

خارج السور
من علامات تعاطي المخدرات الهذيان واضطراب القرارات وعدم القدرة على التركيز والفشل في الإنتاج.. وأنا أقول في ناس في الحكومة ديل مالُن؟

بقلم
سهير عبد الرحيم
الانتباهة

Exit mobile version