تحقيقات وتقارير

(البنك المركزي) .. خارطة الطريق المالية لـ2019 فك حظر التمويل العقاري.. وانفراج أزمة السيولة خلال الربع الأول من العام

إيقاف التمويل الحكومي عبر المصارف .. وإغلاق (المواسير) المغذية للسوق الموازي

كشف بنك السودان عن سياساته النقدية للعام الجديد، مؤكداً أنها تتمثل في تحقيق الاستقرار النقدي والمالي للمساهمة في تحقيق النمو المستدام من خلال كبح جماح التضخم والمستوى العام للأسعار فضلاً عن استقرار سعر الصرف وتعزيز ثقة الجمهور في الجهاز المصرفي، مشيراً إلى توجيه التمويل نحو القطاعات الإنتاجية وتعزيز دور القطاع الخاص بالإضافة للتحول نحو استخدام وسائل الدفع الإلكتروني وتغيير ثقافة التعامل بالأوراق النقدية غير أن اللافت فيها كان عودة البنوك والمصارف للتمويل العقاري وتمويل السيارات الإنتاجية.

(1)

(9) أهداف

السياسات الجدية التى تم الإعلان عنها امس من خلال مؤتمر صحفي انعقد في وكالة السودان للأنباء بنيت على (9) أهداف كما قال مدير ادارة السياسات بالبنك المركزي معتصم عبد الله الفكي فهو يجملها في انها تستهدف كبح جماح التضخم وتخفيضه إلى نسبة 27% واستقرار المستوى العام للأسعار واستقرار سعر الصرف وتعزيز الثقة في الجهاز المصرفي من خلال توفير الأوراق النقدية التي تتناسب مع احتياجات الاقتصاد بالإضافة لتعظيم موارد النقد الأجنبي والتوسع في تمويل القطاعات الإنتاجية وتعزيز التمويل الأصغر والصغير والمتوسط وتحقيق الاستقرار المالي والسلامة المالية والايفاء بمبادئ ومتطلبات مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح فضلاً عن التوسع في قاعدة الشمول المالي والتحول لاستخدام وسائل الدفع الالكتروني باعتبار ان تلك الأهداف التسع يمكن ان تقود إلى الاستقرار الاقتصادي والخروج من الأزمة الاقتصادية التى تواجه البلاد وتعبر بالاقتصاد ليقفز فوق تحدياته الماثلة.

(2)

(5) محاور يدور حولها بنك السودان

ولفت معتصم إلى ان سياسات بنك السودان الجديدة تدور حول خمسة محاور تشمل الاستقرار النقدي عن طريق احتواء معدلات التضخم للإسهام في تحقيق نمو حقيقي في الناتج المحلي الاجمالي في حدود 5,1% فضلاً عن نمو عرض النقود بنسبة 36% عبر الزام البنوك بالاحتفاظ باحتياطي نقدي قانوني كأرصدة نقدية لدى بنك السودان المركزي لا تقل عن 20% من جملة الودائع سواء كانت بالعملة المحلية او العملات الأجنبية بالإضافة لتفعيل عمليات السوق المفتوحة عبر بيع وشراء الصكوك الحكومية والصكوك المالية، على أن يفعل بنك السودان دوره كمقرض أخير لتلافي المشكلات التي يمكن أن تنشأ عن شح الأوراق النقدية مستقبلاً، مبيناً أن المحاور أيضاً تشمل استقرار سعر الصرف من خلال استمرار آلية صناع السوق لإعلان السعر اليومي للعملات الأجنبية وإحكام إدارة بنك السودان للاموال الخاصة بالوزارات والجهات الحكومية بالنقد الأجنبي داخلياً وخارجياً والمساهمة في زيادة عرض النقد الأجنبي واستكمال توسيع مظلة التأمين وإعادة التأمين وتطبيق حزم التحفيز لجذب مدخرات المغتربين وترشيد الطلب على النقد الأجنبي.

(3)

إلزام البنوك بموجهات السياسات

بنك السودان ومن خلال سياساته ايضاً وضع على عاتق البنوك جملة من الالتزامات لتحقيقها تتمثل في استقطاب الموارد عبر زيادة وكفاءة الخدمات التي تقدمها للجمهور من خلال زيادة حجم الموارد المصرفية بنسبة لا تقل عن 20% وزيادة عدد المتعاملين مع المصارف من خلال رفع نسبة العائد على الودائع الادخارية والاستثمارية، بالإضافة لتشجيع العملاء على التوسع في استخدام النقود الإلكترونية ووسائل الدفع الالكتروني والاستمرار في خفض تكلفة المعاملات الإلكترونية وتوفير وسيلة دفع سهلة وسريعة وآمنة مثل البطاقات المصرفية وبطاقة المحفظة الإلكترونية والدفع عبر الموبايل والاستمرار في استقطاب موارد المؤسسات المالية غير المصرفية كشركات التأمين وصناديق المعاشات والاستمرار في السماح بفتح فروع جديدة او مكاتب صرف دون الرجوع لبنك السودان واستكمال تبسيط إجراءات فتح الحسابات المصرفية، مع مراعاة متطلبات مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح فضلًا عن الاستمرار في التوسع الرأسي وزيادة ساعات العمل ومزاولة النشاط خلال العطلات، مع إخطار بنك السودان المركزي بذلك.

(4)

تمويل إنتاجي

وبحسب معتصم فإن السياسات ألزمت البنوك بسياسة جديدة في التمويل لتلزم البنوك بالاتجاه لتمويل القطاعات الإنتاجية وتحصيل 10% فقط عن التمويل كقسط أول عند توقيع المرابحة للأمر بالشراء كحد أقصى، فيما يتعلق بالتمويل لقطاع الصادر ولعمليات الإنتاج في قطاعات الزراعة والتعدين والصناعة والنقل، فيما يلي قطع الغيار والاطارات وبطاريات الشاحنات والبصات، وتحصيل 30% كقسط أول، إن كانت المرابحة او المشاركة موجهة لغير القطاعات الإنتاجية.

كما ألزمت السياسات البنوك بتوجيه مواردها من النقد الأجنبي لتمويل استيراد السلع ذات الأولوية التي تشمل القمح والمشتقات البترولية والسكر والأدوية والمستلزمات الطبية والمواد الخام لتصنيع الأدوية ومدخلات إنتاج القطاع الصناعي والزراعي بشقيه النباتي والحيواني والآليات والمعدات وقطع الغيار للقطاع الصناعي، كما ألزمت السياسات البنوك بتوجيه 50% من مواردها بالولايات لتمويل القطاعات الإنتاجية حسب طبيعة كل ولاية وتشجيع قبول الضمانات غير التقليدية كالوثائق الصادرة من شركات التأمين والسماح بالتمويل العقاري والاستمرار في التوسع في صيغ التمويل الأخرى وتوظيف ما لا يقل عن 12% من المحفظة التمويلية للتمويل الأصغر أو التمويل الفردي لعملائها مع التركيز لأن يوجه التمويل الأصغر للقطاعات الإنتاجية، داعياً لزيادة فرص التمويل للمرأة والشباب والجمعيات التعاونية وتنظيمات اصحاب مهن الانتاج الزراعي والحيواني والحرفيين وجمعيات الخريجين، وأعطت السياسات الجديدة كل بنك الحق في وضع وتحديد هامش الربح الذي يريده على التمويل لزيادة التنافس بين البنوك.

(5)

محظورات

فتحت السياسات الجديدة أفقاً جديدة للتمويل، ووضعت أيضاً قائمة محظورات من التمويل أهمها، عدم منح التمويل لأي جهة في الحكومة الاتحادية إلا عن طريق التمويل غير المباشر عبر شراء الشهادات والصكوك التي تطرحها الحكومة، كما منع من نيل التمويل من البنوك أيضا الشركات والهيئات الحكومية والعامة وشركات صرافات النقد الأجنبي وشركات التحاويل المالية وتمويل شراء العملات الأجنبية وشراء الأسهم والأوراق المالية، كما منع استغلال التمويل لسداد عمليات تمويلية قائمة او متعثرة، فضلاً عن منع التمويل الاتجار في الرصيد أو شراء الأراضي او شراء السيارات إلا الإنتاجية منها أو تجارة الذهب بكافة أنواعها او استخدام صيغ المضاربة المطلقة.

(6)

850 صرافاً آلياً و500 ألف نقطة بيع

وحول الدفع الإلكتروني أكد محافظ بنك السودان المركزي د. محمد خير الزبير أن السياسات الجديدة تستهدف وضع عدد من الحلول للدفع، مبيناً ان بنك السودان مع وزارة المالية وضعا مصفوفة للدفع الإلكتروني بدأ تنفيذها من الأمس، معلناً عن عدم قبول أي جهة حكومية لأوراق نقدية وإلزام الجمهور بالدفع الالكتروني مقابل الخدمات، وقال “منذ اليوم مجمعات وزارة الداخلية بدأت في تنفيذ هذه السياسة”، وكشف عن إضافة 1850 ماكينة صراف آلي و500 ألف نقطة بيع الكترونية خلال النصف الأول من العام الحالي، مبيناً أن بنك السودان سيلزم الحكومة بعدم الاستدانة منه لتمويل الموازنة باعتبار أن ذلك سيعمل على زيادة التضخم، مشيراً الى أن عجز الموازنة سيمول من قطاعات غير مصرفية حتى لا يزيد من حدة التضخم، قاطعاً بأن السياسات الجديدة تستهدف إنزال التضخم إلى 27% .

(7)

أسباب التضخم

وأشار الزبير إلى أن تذبذب سعر الصرف وزيادة عرض النقود تسببا في زيادة التضخم، الأمر الذي رتب ضغطاً كبيراً على معاش الناس، مبيناً أن تذبذب سعر الصرف ينتج من زيادة الطلب على العملات الحرة من خلال عجز الميزان التجاري، مشيراً إلى أن سياسات البنك المركزي أيضاً استهدفت ذلك من خلال توجيه التمويل للقطاعات الإنتاجية بغية أن يتم تصدير المنتجات وتسهم في زيادة موارد العملات الحرة، أو تعمل على تقليل الورادات، مبيناً أن السياسة الكلية تستهدف زيادة في إنتاج النفط والسكر والقمح باعتبارها أكثر سلع تستنزف العملات الأجنبية، موضحاً أن سياسة آلية صناع السوق عملت على استقطاب موارد اجنبية وصلت حتى 260 مليون دولار في شهر واحد، إلا أن ظهور السوق الموازي من جديدة أدى أي أن يقل عملها.

(8)

إغلاق مواسير السوق الموازي

أكد محمد خير الزبير أن اسقطاب موارد النقد الأجنبي لا يتم إلا من خلال إغلاق منافذ السوق الموازي، مشيراً إلى أن إغلاق الاستيراد بدون قيمة منذ منتصف ديسمبر حد من الحاجة والطلب للعملات الحرة، الأمر الذي انعكس على سعر السوق، مشدداً على ضرورة إغلاق جميع منافذ السوق الموازي، لافتاً الى منع البنوك من بيع حصائل الصادر للمستوردين داخل البنك، فضلاً عن عدم إجراء عمليات الدفع المقدم للصادر، منوهاً إلى أن المنع تم لكي لا يكون هناك سوق موازٍ داخل البنوك، وقال “نحن ماشين في تقفيل المواسير المؤدية للسوق الموازي” مؤكداً أن العام الجديد سيشهد موارد من النقد الأجنبي تتدفق نحو خزينة البنك المركزي أهمها عائدات مرور نفط جنوب السودان، كاشفاً عن دخول 30 مليون دولار نظير الشحنة الأولى التى تم تصديرها أخيراً من ميناء بشاير، معلناً عن توقيع وزارة النفط لاتفاق مع شركات النفط العاملة في جنوب السودان، يتم بموجبه تحصيل 14 دولارا لقاء كل برميل يمر عبر انبوب النفط السوداني، بالإضافة لموارد تصدير الذهب، مبيناً ان الحكومة ستدخل في تعدين الذهب من خلال مربعات تشرف عليها وزارة النفط والغاز والمعادن.

(9)

لا وديعة

محافظ بنك السودان أكد أن مشكلة السيولة سيتم حلها نهائياً في أبريل المقبل عبر خطوات تبدأ في منتصف يناير الجاري، موضحاً أن الحكومة ستقوم بطباعة أوراق نقدية من فئات كبيرة، لافتاً إلى أن الأمر استغرق ثلاثة اشهر لتحضير الأوراق التي ستطبع عليها العملة ووضع التصاميم المناسبة، مضيفاً أن مبادرة (إيداع) ستعمل ايضاً حال نجاحها على حل مشكلة شح الأوراق النقدية في البنوك، وأكد أن البلاد لم تتسلم أي وديعة من أي دولة خارجية خلال الفترة الماضية، بيد أنه أكد أنهم يتوقعون ضخ أموال من الخارج كودائع خلال الفترة المقبلة.

الخرطوم: محجوب عثمان
صحيفة الصيحة.