تحقيقات وتقارير

الصحة طالبت بسداد الفواتير العالقة الدواء.. وفرة مشروطة بالسداد


فى خطوة غير متوقعة، رهنت وزارة الصحة، وفرة الدواء بسداد فواتير عالقة لدى البنوك التجارية وطالبت وزيرة الدولة بوزارة الصحة سعاد الكارب بالإسراع في سداد فواتير مصانع الأدوية العالقة لدى عدد من البنوك التجارية، لضمان توفر الدواء وتجنب حدوث ندرة في السلعة، وأشارت إلى أن الخطوة تأتي إنفاذاً لتوجيهات البنك المركزي.

وقالت الكارب إن الإجراءات التي تم اتخاذها ستحقق الوفرة الدوائية خلال العام الحالي وفقاً لما تم الاتفاق عليه مع غرفتي التصنيع والاستيراد. ونوهت الكارب إلى أهمية متابعة صرف النقد الأجنبي حسب الأولويات، وأن تكون أدوية الاكتفاء الذاتي المقفولة للصناعة الوطنية أعلى القائمة.

استهجان واسع

خبراء صيدلة وخبراء صحة، استهجنوا ما ذهبت إليه وزارة الصحة، سيما أن الدواء يأتي في مرتبة متقدمة ضمن الاحتياج البشري، وأنه يتقدم على الخبز لجهة أنه لا توجد له بدائل، وأكدوا أن الإنسان لا يختار مرضه ولا توقيت هذا المرض، ولا نوع العلاج، وبالتالي فإن العلاج يأخذ الأولوية القصوى في اجتماعات الدولة، فالدواء لا يمكن أن يعامل معاملة تجارية، ولا يخضع للعرض والطلب لأنه مسؤولية الدولة، وعلى الجسم الذي يمثل الدولة في توفير الدواء، حسب الخبراء أن يتحمل كامل المسؤولية تجاه المرضى، وهذا الجسم ممثلاً في الصندوق القومي للإمدادات الطبية باعتبار أنه الجسم الموكل إليه هذه المسؤولية من قبل الدولة، لذا على الإمدادات أن تتحمل كامل المسؤولية لتوفير كل الأدوية المنقذة للحياة والأدوية الضرورية بسعر التكلفة، وهي مسؤولية لا يمكن أن تتنصل عنها بأي حال من الأحوال على أن توفر الدولة النقد الأجنبي للجسم المسؤول بالسعر الرسمي.

فوضى عارمة

وأكد الخبراء |أن الفوضى التي تتلبس قطاع الدواء ناتجة عن عدم تحديد المهام، سيما أن توفير الدواء مسؤولية الدولة، فعلى الدولة أن توفر العملة الصعبة أولاً للصندوق القومي للإمدادات الطبية، ومن بعدها لشركات الأدوية التي تتعامل كشركات تجارية.

وأكد مصدر طبي ـ رفض الإفصاح عن هويته ـ لـ(الصيحة) أن البنوك التجارية غير ملزمة بتوفير العملات، ويمكن أن تتهرب عن توفيرها حتى إذا كانت فواتير عالقة، وقال إن تلك البنوك تتعامل بالمرابحة، وإذا خيرت في استيراد (مربى) واستيراد دواء ووجدت أن الأول هو المربح، فلن تتوانى في استيراده، لذا على الدولة أن لا تترك الحبل على الغارب على حد قوله، وأي حديث غير ذلك يعتبر إرجاء للأزمة ليس إلا.

تجارب سايقة

وأكد الخبراء أن وزارة الصحة لها تجارب سابقة مع البنوك التجارية، فذات هذه البنوك كانت قد عملت على تمكين شركات دواء وهمية بلغت 32 شركة من الاستيلاء على النقد الأجنبى المخصص للدواء وفتحت بلاغات ضد تلك الشركات، ولم يبت في هذه القضية حتى نشر هذه الأسطر، واعتبر كثيرون أن عدم الرقيب أدى إلى هذه الجريمة في حق المرضى.

وعود مصرفية

وفي السياق، أكد المدير الأسبق للطب العلاجي بوزارة الصحة، د. يوسف السيسي في تصريح لـ(الصيحة)، أن البنوك التجارية، كانت قد وعدت من قبل بتسديد الفواتير، ولم تفِ بوعدها، وقال إنهم أكدوا خلال الأيام الفائتة تسديد 90% من تلك الفواتير في مقبل الأيام، ولم تسدد حتى الآن، لكنه استبشر خيراً بضخ الفئات الجديدة من العملة فئة مئة جنيه التي من المؤمل أن تكون قد رفدت خزانة الدولة أمس بمبلغ 8 مليارات جنيه، فيما ترفد خزانة الدولة بمبلغ 16 مليار جنيه في الأول من فبراير المقبل، كما أن هناك وعوداً بضخ ميزانيات جديدة من فئة الـ200 جنيه في 15 فبراير المقبل، وأكد أن ميزانيات الدولة مرهونة لدى البنوك في وقت ينتظر فيه الدواء الميزانيات لاستيراده أو تصنيعه محلياً، وأزمة الدواء الحالية في أمس الحاجة حسب السيسي إلى توفير مواد خام للتصنيع المحلي، غير أن الدولة لا تمتلك سيولة. إلا أن هناك بشريات تلقتها وزارة الصحة وشعبة مستوردي الأدوية باجتماع مع بنك السودان محدد له الأحد المقبل لإعادة دعم الدواء من الصادرات غير البترولية والمحدد له نسبة 10% من تلك الصادرات. يذكر أن هذا الدعم كان بنك السودان المركزي قد أوقفه بعد قضية شركات الأدوية الوهمية.

مكتوب للوزارة

من جهته، قال رئيس الجمعية السودانية لحماية المستهلك نصر الدين شلقامي لـ(الصيحة)، إن جمعيته كانت قد أوصلت مكتوباً لوزارة الصحة يفيد بضرورة دعم الدولة للدواء، ويقول إن تبعات ذلك يترتب عليها توفير كل الفواتير العالقة عند البنوك وأن تتولى الحكومة مسؤولياتها كاملة بالإشراف على ملف الدواء.

من جهته قطع خبير صيدلي ـ رفض الإفصاح عن هويته ـ أن معضلة الدواء تكمن في وفرة العملة الأجنبية وضرب الاجتماعات من عدد من الجهات والوعود بالوفرة عرض الحائط مشككاً في كل ما يجري في الساحة، كما شكك في وعود بنك السودان في دعم قطاع الدواء وإعادة نسبة الـ10% من الصادرات، مؤكداً أن تلك الوعود كان أطلقها بنك السودان في وقت سابق، ولم يف بها أكد لي دخول البلاد في أزمة وأن الوضع الحالي للدواء يتسم بعدم الوفرة في أصناف كثيرة فضلاً عن زيادة في أسعار عدد من الأصناف بأكثر من 100%. \

صحيفةالصيحة.