تحقيقات وتقارير

بعد فتوى عبد الحي يوسف المسؤولون والتجارة .. هذه المهنة لا تجوز !!


أفتى إمام وخطيب مسجد خاتم المرسلين الداعية الشيخ عبد الحي يوسف بأن عمل المسؤولين وأقربائهم في التجارة لا يجوز في شرع الله، ولا الدول التي تحترم قوانينها لأنه ينمي مصالح المسؤول وثرواته على حساب مصالح المسلمين. وتبقى قضية الجمع بين العمل العام والخاص قضية جدلية أفتى فيها فقهاء المسلمين كل بفهمه.

نص دستوري

الدستور السوداني الانتقالي لعام (2005) المعمول به الآن نص صراحة في الفقرة الثانية من المادة (75) بأنه لا يجوز لرئيس الجمهورية أو لأي من نائبيه أو مساعديه أو مستشاريه أو الوزراء القوميين أو أي من شاغلي المناصب الدستورية والتنفيذية الأخرى مزاولة أية مهنة خاصة أو ممارسة أي عمل تجاري أو صناعي أو مالي أثناء توليهم لمناصبهم، بل ذات المادة في الفقرة الأولى منها تلزم شاغلي المناصب الدستورية التنفيذية والتشريعية وقيادات الخدمة المدنية، تقديم إقرار سري بالذمة المالية عند توليهم مناصبهم يتضمن ممتلكاتهم والتزاماتهم بما في ذلك ما يتعلق بأزواجهم وأبنائهم وفقاً للقانون.

مشاريع مشوهة

واضح جداً أن شيخ عبد الحي بنى حديثه هذا من واقع استشراء داء المصالح الخاصة في بيئة العمل العام بين المسؤولين والنتيجة الحتمية أو الطبيعية لتداخل المسؤولية التجارية مع المسؤولية الرسمية مشاريع مشوهة أو معطلة أو سريعة الانهيار في قطاعات الدولة، والمشكلة الأهم في هذه الظاهرة هي تصادم أهداف ومصالح الأعمال التجارية مع المهام الرسمية والمصلحة العامة بإدخال شركات أو مؤسسات في مشاريع الجهاز الرسمي باستغلال المنصب هي ظاهرة بدأت تبرز بدرجة متنامية وإن اختلفت الأساليب والصور والدرجات حتى إن رئيس الجمهورية في إحدى لقاءاته الجماهير سماها (بالنهب المصلح)، وكذا في معرض حديثه عن الفساد أطلق على ممارسيها مصطلح القطط السمان، وتعهد بملاحقتهم، وقد تم القبض على عدد منهم وجرى التحقيق مع أسماء نافذة ولا يزال جارياً مع البعض .

المتعافي (تفتيحة)

يعتبر وزير الزراعة الأسبق د. عبد الحليم المتعافي من أكثر المسؤولين الذين لاحقتهم تهمة الجمع بين المنصب التنفيذي والعمل التجاري عقب حديثه في جلسة مجلس الوزراء التي عقدها في الدمازين، مفاخراً بتجربته الخاصة في الزراعة أنه يمتلك في ولاية النيل الأزرق (وحدها) عشرة آلاف فدان يربي فيها قطعاناً من الضأن والأبقار كسب من إنتاجها في موسم واحد أربعمائة مليون، غير أنه عاد للنفي في برنامج حتى تكتمل الصورة الذي كان يقدمه الأستاذ الطاهر حسن التوم في قناة النيل الأزرق بعد أن طالته العديد من الانتقادات، وقال: ليست هناك رخص تجارية باسمي، ولكني مساهم مع إخوتي في مجموعة استثمارات وأراقب من بعيد، وزاد (أنا ما كيشة وزول مفتح كويس ومسجل حاجاتي باسم اخواني وبعرف الحلال والحرام كويس)، وهنا يحضر حديث البرلمانية د. الغبشاوي في البرلمان ومطالبتها بإعادة الأموال التي يستثمرها بعض المسؤولين في دولة ماليزيا دون أن تسميهم.

ظاهرة واضحة

ويرى مراقبون أن ظاهرة الجمع بين العمل التجاري والوظيفة العامة أصبحت غير خافية وتتم بمجاهرة داخل بيئة العمل الحكومي وحتى في الأحاديث الجانبية في منازل المناسبات ما يثير المخاوف لدى هؤلاء المراقبين من انتشار هذه الظاهرة في الأجهزة الحكومية، ويعتبر المراقبون هذه المجاهرة من المسؤولين وبعض موظفي الدولة في كافة الاختصاصات بأنه خرق واضح للدستور الذي يلزمهم بالتجرد كلياً من كل العلاقات التجارية سواء شركات أو مؤسسات أثناء تأديتهم مسؤولياتهم الوظيفية .

فتوى صحيحة

إمام وخطيب مسجد الخرطوم الكبير، الشيخ كمال رزق أوضح للصيحة بأن فتوى التي أطلقها الشيخ عبد الحي يوسف التي حرم فيها عمل المسؤولين وأقربائهم في التجارة صحيحة (100%) .

وأضاف الشيخ رزق أن كان هؤلاء المسؤولون يخافون الله في تعاملهم مع المنصب العام مثل الصحابة رضوان الله عليهم كعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف يمكن أن يجمعوا بين العمل العام والتجارة، لكن بعض المسؤولين في زماننا هذا لا يجوز لهم العمل في التجارة لأنهم يستغلون مناصبهم وسلطاتهم لتنمية تجارتهم خاصة في العطاءات التي عادة ما توجه لمصلحة ذويهم من أن يكون لابن أحدهم مصنع (انترلوك) فيحول إرساء العطاء لصالحه أو غيره من ظاهرة ما يحدث من محاباة في العطاءات.

تضارب مصالح

من جانبه اعتبر الخبير الدستوري نبيل أديب مزوولة المسؤولين في الدولة وخاصة التنفيذيين لأي عمل تجاري أو أي نشاط خاص يعني خرقاً واضحاً للدستور.

مصلحة شخصية

وأضاف نبيل للصيحة: لذلك لا يجوز لأي شخص يشغل منصباً تنفيذياً في الدولة أن يمارس نشاطاً خاصاً آخر، لأنه في هذه الحالة يمثل الدولة، وفي ذات الأمر يمثل نفسه، بالتالي قد يُسخّر منصبه باتخاذ قرار وفق مصلحته الشخصية أو حتى تعطيل قرار قد يتضارب مع مصالحه، وهذا بالتأكيد مخالفة صريحة للدستور لأنه يعرض مصالح الدولة للخطر، لذلك نص الدستور صراحة في المادة (71) بمنع شاغلي المناصب الدستورية وحتى الرئيس ونائبيه وغيرهم من المسؤولين من مزاولة أي نشاط تجاري بل يلزمهم بتقديم إقرار بالذمة المالية عند تولي المنصب .

صحيفة الصيحة.