تحقيقات وتقارير

في منتدى وزارة التعليم العالي الراهن السياسي… أساتذة الجامعات يضعون خارطة للطريق

يبدو أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ساعية إلى التنقيب عن حل سياسي في ظل التكلس الحالي في الراهن السياسي خاصة عما يجري من حراك خلال هذه الأيام في الشارع الذي أعيا الحكومة ونقبت الوزارة عن ذلك من خلال أوراق استعرضتها بواسطة علماء وأساتذة جامعات رصدت من خلالها خلافات بين أساتذه الجامعات كما زادت حرارة قاعة الوزارة المكيفة بالتصفيق من قبل مؤيدين لرأي ومخالفين لرأي آخر، غير أن مديري الجامعات أكدوا أن وزارة التعليم العالي لا تمتلك إرادة لفتح الجامعات وشكوا من العطالة التي يعيشونها في ظل إغلاق الجامعات معتبرين أن هناك جهة أخرى تقرر في هذا الشأن غير أن هناك تياراً آخر من أساتذة الجامعات مناوئاً لهذا الري وأعرب عن تمنياته أن تغلق الجامعة لمدة عام كامل في سبيل ألا يقتل طالب واحد، واعتبر مديرو الجامعات أنهم كإداريين في استطاعتهم فتح الجامعات، إلا أن وزارة التعليم العالي رغم كل ذلك مضت إلى وضع حلول للراهن السياسي …

تواصل أجيال

وزير الدولة بوزارة التعليم العالي جمال محمود أكد أن الجامعات في حاجة للحوار المجتمعي ونوه إلى أنه لا يوجد تداول للسلطة، إلا عبر الانتخابات، واعتبر الوزير بأن المبادرة غير جديدة على الوزارة في إشارة لمبادرة جامعة الخرطوم ووجه بقية الجامعات بأن تكون لها مساهمة في كل القضايا الوطنية مؤكداً سعي وزارته لإيصال المبادرة لمتخذي القرار واعتبر أن أضعف بند من بنود الحوار الوطني أنهم لم يلتفتوا إلى كيفية إدارة السودان رغم وجود 100 حزب سياسي وعزا ضعف الشباب سياسياً إلى عدم تواصل الأجيال.

تناقضات

وكشف أساتذة الجامعات خلال نقاش مستفيض إلى وجود تناقض في شخصيات ونخب سياسية إذ أنه من الغريب أن شخصيات كانت تابعة للحكومة أصبحت منتمية للمعارضة والعكس صحيح فضلاً عن أن هناك من يحملون السلاح وفي ذات الوقت هم جزء من الحكومة، غير أن منظمات المجتمع المدني عددها متزايد، إلا أن دورها محدود لحداثة تجربتها ومحدودية مواردها لجهة أنها تعتمد على موارد من الخارج، أضف إلى ذلك أن المطالب المثارة مختلفة، إذ أنه توجد مجموعة تطالب بالحرية وأخرى بإسقاط النظام وتغييره بالقوى الثورية فضلاً عن مطالب إقليمية بالحكم على المستوى الإقليمي مثل مطالب السلطة الإقليمية لدارفور، وأكد الأساتذة أنه رغم أن نتائج التعداد السكاني تشير إلى أن نصف السكان من الشباب إلا أن هناك عزوفاً للشباب عن النشاط السياسي، واعتبروا السياسة السودانية منذ الثمانينات تسير نحو الاستقطاب.

مشكلة هوية

من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم حسن شبيكة أن السودان يعاني من مشكلة هوية، ولم يصل الشعب إلى مرحلة الانصهار أو مرحلة الأمة، وتساءل إسماعيل حسين عن مخرج هذه البلاد، داعياً إلى المحافظة على النظام السياسي على أن يكون الكل خاضعين للدستور، منوهاً إلى أن النخب تكون خاضعة للدستور وتقدسه عندما تكون في حاجة إليه وتهمشه في أوقات أخرى، وقال إنه قبل 60 عاماً أدى قتل طالب للإطاحة بالنظام بعد قيام ثورة، وأبدى تعجبه من بقاء والي ومعتمد بولايته وعدم محاسبته في وقت حدث فيه خلل وحرق وقتل. وقال إن الحكومة إذا أوفت بعهود مخرجات المؤتمر الوطني لما وصلت إلى الراهن الحالي، من جهته قال معتصم أحمد الحاج إن الدولة أصبحت تعاني من قوانينها ودساتيرها أكثر من معاناتها من وزرائها مشيراً إلى أن هناك فرقاً بين التداول السلمي للسلطة والانتقال السلمي للسلطة داعياً إلى ضرورة دراسة كيف يتم الانتقال كما دعا الى ضرورة أن توسع الأفق بالانتقال السلمي للسلطة.

فوضى وتضاربات

من جهته، ـوضح د. محمد العالم آدم أبوزيد عبر ورقته مخرجات الحوار الوطنى أن واحدة من أزمات البلاد، الفوضى في السوق وكثير من التضاربات دون وضع ضوابط واعتبر أن التحلي بالأخلاق واحدة من الضوابط المهمة في كل شيء داعياً إلى ضرورة مكافحة الظلم السياسي وقال إنه لا يحق للسلطة أن تحط من كرامة الإنسان بالضرب، مشيراً إلى تحريم الرق، وشدد على عدم جواز البحث في بريد أو تلفون أي شخص ورفض التجسس على المواطن أو اقتحام بيته، مؤكداً أن له الحق بالدفاع عن نفسه، مطالباً بأن يكفل للمواطن حرية الرأي السياسي بكل أنواعه على أن يطالب بها حتى تصبح واقعاً. واعتبر المصطلحات التي ينادي بها في حراك الشارع وهي (تسقط بس) و(تقعد بس) إقصاء داعياً إلى ضرورة خط بينهما (حاور بس) مؤكدًا أن الحوار الوطني أحدث تغييرًا كبيراً إلا أن أثره كان ضعيفاً، مؤكداً بأن غالب التوصيات التي أودعت عبر الحوار لم تنفذ وأوصى آدم عبر ورقته، وزارة التعليم العالي بتكوين لجنة أكاديمية بعيداً عن مجلس الوزراء والبرلمان لتحديد الأولويات.

عدم قبول الآخر

بينما اعتبر الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي المعروف بروفسير الساعوري أن المعضلة الأساسية لدى الحكومات المتعاقبة وجود ثقافة تقول لا نستطيع التعايش مع بعضنا الآخر، ولابد من حل إشكالية عدم قبول الآخر، وقال: يوجد خلاف بين القوى السياسية بأن يقبل المتنافسون بعضهم البعض وأضاف: افتقدنا التوافق والتعايش إلا في الحوار الوطني، إذ أنه ليس هناك استعداد لاستغلال الحزب الواحد وأن القوى السياسية تفتقد التداول السلمي للسلطة، وقال: نحن في حاجة إلى الجلوس مع الآخر كنخب سياسية، إذ أنه لابد للنخب أن تجلس مع بعضها وتصل إلى صيغة، موكدًا وجود تعددية دينية وسياسية داعياً إلى ضرورة اتخاذ دستور بنظام سياسي، ويقول الساعوري إن التداول السلمي للسلطة لا يمكن أن يتم ما لم يكن هناك استعداد للتعايش باعتراف كل واحد بالآخر.

ثقافة مجاملات

هذا، وأمن عدد من المشاركين من أساتذة الجامعات على أن الثقافة السودانية ثقافة مجاملات، وأن ما يحكم الواقع السياسي الحالي النزوع نحو الفوضى خاصة في الأحزاب السياسية ونادوا بضرورة أن تتطلع الجامعات إلى إجراء دراسات حول إمكانية أن يكون بالبلاد حزبان أحداهما يمثل التيار العريض للإسلام والآخر يمثل التيار الآخر على أن يحتكم التياران الى صناديق الاقتراع، واعتبر أحد المتحدثين بأنه أي حديث غير ذلك يعتبر لتحقيق مكاسب سياسية. من جهتها اعتبرت البرلمانية انتصار أبو ناجمة بأن طلاب الجامعات من حقهم الانخراط في العملية السياسية ومداخل الخدمة المدنية مؤكدة أن الحراك في الشارع الآن يمكن أن يجر إلى الربيع العربى، وقالت أبو ناجمة بأنه ما زال فى مقدورنا فتح حوار مع الشباب وأبدت قناعتها بأن الجيل الحاليش يملك الوقت والقدرة على التغيير.

صحيفة الصيحة.