تحقيقات وتقارير

بعد قرارات الرئيس.. مستقبل الوطني على المحك


ربما السؤال ليس جديداً، ولكنه يُطرَح على استحياء داخل أروقة التنظيم. ورغم أن البعض ظل على موقفه على ضرورة الالتزام بدستور الحزب والدولة، إلا أن قضية تجديد ترشيح البشير، ظل الأمر الشاغل ليس على مستوى المؤتمر الوطني، وإنما على مستوى الأحزاب الأخرى التى ترى في ذلك حلاً لكثير من القضايا، ولأن القاعدة تقول (ما ليس منه بد فهو بد)، فإن القضية ظلت تطفو على سطح الأحداث، وتختفي حسب كل قضية. ولكن البعض ظل يتنفس ذلك خارجاً صادحاً برأيه في وسائل الإعلام، ولكن مع تصاعد شدة الاحتجاجات والتوقعات، ومع تأكيد قناعته بأن العمل في مؤسسة الرئاسة مرهق وأن الرغبة في إفساح المجال للشباب كانت قرارات الرئيس بأنه مجازاً وتلميحاً بأنه سيبتعد عن الوطني وترك المجال أمامه ليرى نفسه بعيداً عن قيادته.

إذاً، كيف يرى الناس الوطني دون البشير مستقبلاً؟..

*بدائل وخيارات

تبدو الصورة عند المحلّل السياسي والأكاديمي بروفسير علي الساعوري أكثر وضوحاً لأنه يرى بأن مستقبل المؤتمر الوطني يفترض ألا يكون مربوطاً بالبشير، لجهة من البداية أن النظام غير مرتبط بشخص واحد، وإنما بتنظيم، والتنظيم ما زال قائماً الآن، يمكن أن يكون هنالك تجديد للبشير، ليكون مرشحاً للحزب إذا اتفق الناس عليه، لأن الحزب يحتاج إلى حزب يجمع عليه الناس، وبالتالي ليس بالضرورة أن يكون هنالك إجماع لأن العملية الديمقراطية تمشي بالأغلبية العادية، وقال إن الوطني فيه من القيادات السياسية الكثير من أصحاب الإمكانيات السياسية في عمر الرئيس، وغيرهم، هنالك كوادر وبدائل في الحزب في أعمار أقل، وأعتقد أن البدائل موجودة وأن القرار يعطي للحزب فرصة للتفكير، وكان هنالك قرار داخل الوطني باختيار الشباب. وكان هنالك تيار آخر يفضل أن يكون هنالك مرشح آخر غير البشير، وهذا التيار ليس ضعيفاً، صحيح أنه لم يفصح عن نفسه، ولكن الآن الأمر أصبح مفتوحاً والناس يمكن أن تتفق على شخص.

*شد وجذب

ويرى الساعوري أن القضية ليست في أن يكون المرشح عمر البشير، وإنما القضية بعد كل الذي حصل هل الوطني يستطيع المنافسة؟ وهل المظاهرات إذا استمرت وهي التي تعد المشهد إعداداً ضد المؤتمر الوطني، هل سيكون خصماً على الحزب؟ إذا كانوا مستهدفين الأمر هذا، بالتالي تعد مسرحاً انتخابياً ليس في صالح المؤتمر الوطني، لا أتوقع مقعد الرئيس داخل التنظيم يكون محل شد وجذب، إلا أن تكون هنالك قضايا شخصية، ولكن من حيث العمل السياسي الكوادر السياسية الموجودة من المفترض ألا تكون هنالك مشكلة، حتى لا تكون هنالك مراكز قوى. والبشير هم الذين جاءوا به كقائد والحزب لديه قيادات.

*الكل في الكل

ونوه الساعوري إلى أن البعض يرى أن البشير هو الكل في الكل، بيد أن الصحيح أن البشير لديه جماهيرية، ولكن الآن المظاهرات الموجودة على حساب جماهيرية الوطني والرئيس ولكن حتى الآن الوطني لديه جماهيرية في الخرطوم وفي كل الولايات، وبالتالي القضية ليست البشير، وإنما القضية سمعة الوطني، وبالتالي صورة الوطني بعد هذه المظاهرات تحتاج الى عمل كبير لاصلاحها، لأن كلمة (تسقط بس) أصبحت نغمة سرت في الشارع العام، الوطني عنده الشخصيات، ولكن يحتاج إلى تغيير الصورة والسمعة. وقال (لو ما اشتغل قطعاً سيفقد الانتخابات، وإن لم يعمل شغل كبير لا يستطيع التنافس مستقبلاً).

*صورة مغايرة

غير أن المحلل السياسي، د. عبده مختار يرسم صورة مغايرة عما يراه الآخرون للوطني من وجهة نظره في المستقبل، ويقول لا يمكن أن نبني التحليل على أمر لم يتم حتى الآن، ولم يقطع بأنه أبعد نفسه عن الوطني، لأنه لم يعلن صراحة وحتى الآن هو رئيس الوطني، مستقبل الوطني لا يمكن التنبؤ به وغامض وهو في مهب الريح، إذا تخلى عنه الرئيس هذه مشكلة لأنه يستمد قوته منه، لأنه أسس الوطني ولأنه ـ أي الوطني ـ ليس له هوية واضحة، هل هو مؤتمر وطني الوعاء الجامع أو حركة إسلامية؟ بالتالي يرى أن الوطني فشل في تطبيق الوعاء الجامع، كذلك فشل أن يعبر عن الحركة الإسلامية، وهذا يزيد الأمر غموضاً، لذلك يصعب التنبؤ بمستقبل الوطني، وبالتالي المستقبل رهين بمسار الأحداث في المستقبل القريب.

*الحبل السري

ويقول الكاتب الصحفي والمحلل د. عبد اللطيف البوني في حديثه لـ(الصيحة): من ناحية دستورية البشير هو رئيس الجمهورية، لأنه كان مرشحاً للحزب تحت رمز الشجرة وبالتالي المنصب منصب الحزب، ولكن يمكن أن تكون هنالك إرادة سياسية تجعله يقف على مسافة واحدة من المكونات السياسية، وبالتالي (ما محتاجين أن نقول يقدم استقالته من الحزب، وأن الحزب يعمل له رئيس جديد)، ويمكن للحزب أن يفعل ذلك. والآن تعيين حكام الأقاليم من العسكريين يعني أن تعيين حكام الأقاليم خرج من الوطني، بالتالي هذه فرصة خروج آمن للوطني من الدولة. وأعتقد إذا كان الوطني مرتبطاً بالبشير أو يربط وجوده بالدولة، يعني أن هذا الحزب (منتهي) حاكم على نفسه بالفناء، ولكن الآن لديه فرصة جيدة، فالظرف السياسي مواتٍ، أن الوطني يقطع الحبل السري، الذي يصل بينه وبين الدولة، ويصبح مثله مثل الأحزاب الأخرى ويجرب نفسه، والآن لديه مخرج لأن يقف على (حيله) ويبتعد عن الدولة.

تقرير: صلاح مختار
صحيفة الصيحة.