منوعات

الطوارئ.. خبراء الاقتصاد يفككون الحالة


مختصون قدروا أن الأوضاع البلاد الحالية من الأزمات الاقتصادية والظروف السياسية دفعت إلى إعلان الطوارئ، موضحين في المنبر الدوري لمركز الخرطوم للإعلام الإلكتروني حول (قراءة في قانون الطوارئ) أمس، بأن البلاد شهدت إعلان حالات الطوارئ بنحو 7 مرات منذ 1956م إلى 2019م، مشيرا إلى أن تحديد الأخطار سلطة تقديرية من حق رئيس الدولة ولا يجوز الطعن فيها لأنها استثناء في يد الرئيس فقط.

المهددات والمخاطر
وقال الخبير القانوني مولانا محمد صالح، إن حالات الطوارئ عادة تُفرض في حالة كانت فيها الدولة تواجه أخطارا ومهددات لحماية نفسها، ويترك تقدير هذه الأخطار لرئيس الدولة، ولا يجوز الطعن فيها لأنها تعد استثناءً فقط في يد الرئيس، وأضاف: يجب على الرئيس عرضها على السلطات التشريعية القومية لتأكيدها أو إلغائها خلال 15 يوما، منوها إلى أنه من سلطة الرئيس تطبيق القوانين الاستثنائية وأن القانون يعطي مساحة تفصيلية لما ورد في هذه الاستثناءات، مبينا أن حالات الطوارئ التي أعلنت بالبلاد بلغت نحو 7 مرات منذ عام 1956م حتى 2019م خلال فترات مختلفة، منوها إلى أنه يجوز بالتشاور مع رئيس القضاء إنشاء نيابات ومحاكم خاصة، كما تسمح بحق السلطة في الحصول على معلومات من أي شخص ويمنع الإدلاء بمعلومات كاذبة، بجانب حظر المواكب والتجمعات إلا بالحصول على تصديق رسمي، ويسمح بممارسة النشاط السياسي الحزبي، مشيرا إلى أن تحديد الخطر سلطة تنفيذية.

مبررات اقتصادية
عوامل وأسباب اقتصادية التي دفعت لإعلان الطوارئ، جاءت كأجوبة لسؤال بماذا يتأثر الاقتصاد السوداني الآن؟ وقال المحلل الاقتصادي د. عادل عبد العزيز، إن قانون الطوارئ جاء كإجراء استثنائي يستهدف تحقيق الأمن الواسع في ركائزه الـ(9) شاملة (العسكري، السياسي، الخارجي، الاجتماعي، الثقافي، الإنساني، البيئي، المعلوماتي، والاقتصادي)، مؤكدا أن الإعلان لحماية الاقتصاد من الخسائر بسبب المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد حاليا، وهي تبرز في نقص الإيرادات العامة جراء ضعف التحصيل الضريبي الذي يعادل (8%) من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بإجبار المتهربين ومتابعتهم لسداد الضرائب، والسيطرة على عمليات التجنيب. متوقعا انخفاض الإنفاق العام بالانصياع إلى توجيهات الحكومة بإنفاذ جمع العربات وقيام الضباط الإداريين بمهام المعتمدين مما يحدث وفرة.
وشكا عادل من عدم ضبط الدعم لبعض السلع (الدقيق، الوقود والأدوية)، ما يلزم بتوجيه الدعم إلى الفئات المستحقة ويوفر موارد مقدرة للبلاد، مشيرا إلى أن تحقق السياسات والإجراءات المرتقبة إعادة حصائل الصادر وتحجيم الاستيراد والاستهلاك لإحداث توازن في الحساب الخارجي والميزان التجاري.

المضاربات والربا والفساد
وشدد عادل على أن إعلان الطوارئ يمنع المضاربات التي انعكست سلبا على الاقتصاد السوداني فيما يختص بتجارة المحصولات والدولار وتجارة “الكاش” الأوراق النقدية، واعتبرها (ربا) يجب محاربته بالطوارئ ثم التجنيب وعدم توظيف إيرادات الدولة في بنودها بجانب تزايد الإنفاق العام في مسائل غير ضرورية مثل السفر والعربات والاحتفالات، وأيضا مشكلة فقدان الثقة في الجهاز المصرفي، واصفاً السياسات التي اتخذت بالسيطرة على سعر الصرف بـ(الخاطئة) مما تسبب في خلق أزمة ثقة في الجهاز المصرفي وخلل في الاقتصاد، داعيا إلى ضرورة مساندة الدولة للمنتجين والإنتاج بإزالة الرسوم والجبايات ومنع المضاربات في سلع الصادر، وإيقاف دخول الأجانب في تجارتها بحيث يكون الصادر عبر شركات سودانية للاستفادة من حصائل الصادر، إضافة إلى ضرورة تنشيط الاستثمار، وزاد: (نحتاج إلى استثمارات منضبطة)، موجها بضبط عمليات تهريب السلع مثل الصمغ والوقود وخاصة الذهب لأن تهريبه تسبب في خلل كبير بالاقتصاد، مشيرا إلى أن الوقوف على حالات تهريب الذهب عبر مطار الخرطوم يعني وجود شبكات وجهات رسمية تقف وراءه.

خطوات قادمة
واستبعد عبد العزيز، وجود اتجاه لتغيير العملة في الوقت الراهن بعد إعلان الطوارئ مؤخرا، وقال إن تبديل العملة مسألة وطريقة طويلة ومكلفة، ودعا لاتخاذ إجراءات لضبط الأوراق النقدية وفق إجراءات بحيث لا تتم مصادرة حقوق الناس، بالإضافة لتحريك بنود الموازنة العامة للدولة لتلبية الاحتياجات الأساسية في إشارة لتشغيل الشباب ومعالجة الأوضاع المعيشية، منوها إلى ضرورة عدم استهداف السياسات والإجراءات القادمة الأشخاص والشركات الجادة التي تعمل على أساس اقتصادي سليم، وإلى وجود أنشطة محمية ومخفية متهربة ضريبيا وهي المقصودة بالطوارئ، مشيرا إلى أن حالة الطوارئ ستكون جاذبة ومطمئنة للمستثمرين.

فقه الطوارئ والحريات
إلى ذلك أكد القانوني د. مجدي سرحان، أن قانون الطوارئ فقهيا صحيح ويعد من مقاصد الشريعة الإسلامية المهمة جدا في المحافظة على النسل والحرث، وكان لدى البلاد سابقا قانون دفاع السودان، وتم سن قانون الطوارئ 1997م، وقال إن قانون الطوارئ لا يكون نافذاً إلا بصدور مرسوم من قبل رئيس الجمهورية، وأضاف: الوضع الراهن يطرح تساؤلات عدة حول قانون الطوارئ هل يمنع حرية الرأي؟ هل يقيد الأشخاص؟ وما هي الضرورة؟ مبينا أن تقديراته الشخصية بحسب عدد الوفيات المعلن عنها في الاحتجاجات التي تشهدها البلاد يستوجب المحافظة على أرواح المواطنين، مع وحدة أمنها واستقرارها، وكذلك الفوضى التي تشهدها الأسواق حاليا وتخزين السلع، كما أنه لا يمنع الرأي ولا الرأي الآخر في حدود الحريات، مشدداً على أنه في حالة اختلاف الرئيس مع الهيئة التشريعية حول الطوارئ فإن ذلك يعرض البلاد للمخاطر، ويصنف قانون الطوارئ بالجامد والمرن، وما يتبع الآن هو مرن لمكافحة الفساد ومعالجة الأزمة الاقتصادية، موضحا أن الطوارئ تمكن من الاستفادة من الدعم الدولي والإقليمي، من خلال دبلوماسية عميقة تتيح استغلال علاقات الجوار، كما يجب على وزير الخارجية صنع علاقات استراتيجية تسهل مهمة الاستيراد والتصدير وتوفير الدعومات الخارجية للبلاد، منوها إلى أن الولاة العسكريين جاءوا لأنهم هم يقومون بأدوار محددة، لتنفيذ وضبط توجيهات وقرارات الرئيس كميزة للعسكريين، ولا يوجد تحديد للحريات والصحافة والعمل التجاري ولا توضع قيود على حركة المواطنين، مشيرا إلى أن الطوارئ الحالية تتفق مع التجارب العالمية، إضافة إلى أنها ستزول مع زوال المؤثرات، إضافة إلى سماحها للأحزاب بممارسة نشاطها السياسي والاستعداد إلى انتخابات 2020م.

صحيفة السوداني.