امتحانات الشهادة .. في زمن الطوارئ ..!
يجلس السبت المقبل (539 ) ألف طالب لامتحانات الشهادة السودانية لهذا العام في ظروف قد تكون استثنائية، فحالة الطوارئ التي أعلنها رئيس الجمهورية قبل أيام، وموجة الاحتجاجات التي ضربت أنحاء البلاد، وما صاحبها من تأثير مباشر على سير العملية التعليمية، فجميعها قد ألقت بظلالها على الطلاب الممتحنين. فالمقرر الدراسي تم إكماله في وقت وجيز ما شكّل ضغطاً ذهنياً كبيراً عليهم، بجانب الضغط النفسي الذي يُخشى أن يكون ( القشة التي قصمت ظهر البعير )، فالطالب إذا لم يكن مستعد نفسياً فمن المؤكد ستكون النتيجة متدنية وأقلّ من الطموحات، كما أن أولياء الأمور يعيشون أيضاً حالة من القلق والتوتر جراء ما حدث وما سيحدث . ويبقى السؤال : كيف ستسير امتحانات هذا العام، ومدى استعداد الطلاب نفسياً وأكاديماً، وما هي التدابير التي وضعتها الجهات ذات الصلة لإكمال عملية الامتحانات في جو خال من التوترات . (الانتباهة) قامت بجولة على عدد من المدارس الحكومية والنموذجية والخاصة في العاصمة واستنطقت بعض الطلاب وأولياء الأمور وجهات الاختصاص، وخرجت بالحصيلة التالية :-
شكوى وتخوّف
أبدى عدد من طلاب الشهادة السودانية الذين يتأهبون للجلوس للامتحان هذا العام تخوفهم من تدني نسبة تحصيلهم الأكاديمي، لجهة ما طرأ على الساحة السياسية من حراك احتجاجي كبير ألقى بظلاله مباشرةً عليهم، بدءاً من توقيف الدراسة لمدة واحد وعشرين يوماً كإجازة طارئة لم تكن ضمن التقويم الدراسي، الأمر الذي جعل الطلاب يدخلون في صراع ذهني عنيف خاصة وأنه كان لزاماً عليهم إكمال المقرر الدراسي كيفما كان الوضع، فقد أصبح الطالب مجبراً على تلقي مزيد من الحصص الدراسية التي قد تفوق مقدراتهم الاستيعابية وبالتالي تصبح المذاكرة هماً آخر سيما وأن الطالب قد لا يكون مستعد نفسياً وذهنياً .
يعزز ذلك رأي الطالب إبراهيم صلاح الذي شكا مُر الشكوى من الضغط الأكاديمي الكبير الذي تعرّض له أثناء إكمال المقررات ، مشيراً الى أن الطلاب وقعوا ضحية للسياسة – بحسب تعبيره – ،كما ألمح الى أنه يخشى أن تكون نتيجته أقل من الطموح .
فيما اتفقت معه الطالبة ريم محمد أحمد والتي أكدت أن الامتحان هذا العام أصبح يمثّل لها تحدياً كبيراً، وتضيف بأنها تتخوّف من أن يحدث طارئ يمنع الطلاب من الجلوس للامتحان، مشيرة الى أن كثيراً من الطلاب قد تأثّرت نفسياتهم مما حدث في الساحة السياسية وفي الشارع العام .وتمنّت أن تمر الامتحانات بسلام .
شكل طبيعي
وإن كان إبراهيم وريم قد اتفقا في تخوفهما إلا أن الطالب علي عمر قد خالفهما الرأي ، فعمر أكد لـ(الانتباهة ) أنه مستعد تماماً للجلوس لامتحان الشهادة السودانية ،مضيفاً بأنه أكمل مقرراته بكل سهولة ويسر، متوقعاً أن الامتحانات ستسري بشكلها الطبيعي وأن حالة الطوارئ التي فرضتها الدولة ستكون في صالحهم كطلاب باعتبار أنها ستحول دون حدوث أي فوضى وفقاً لحديثه .
أسف وقلق
ذات القلق الذي ضرب دواخل الطلاب وضح جليّاً لدى بعض أولياء الأمور الذين تأسّفوا لإقامة امتحانات الشهادة السودانية في الأجواء المتوتّرة بحسب وصفهم، فمنهم من أكد لـ(الانتباهة) أن أبناءهم هم الذين سيدفعون ضريبة ما حدث من حراك احتجاجي من خلال نسبة تحصيلهم التي تنبأوا لها بالتدني، ومنهم من ذكر أن الطلاب سيجتازون الامتحانات بكل ثبات بالرغم من الظروف الحالية. ولي أمر أحد الطلاب (س- أ ) قال في حديثه إنه يحمّل الجميع (الثوار والجهات الرسمية) نتيجة ما سيحدث من تدني نسبة النجاح هذا العام، موضحاً أن الطلاب أكثر الفئات التي تضررت جراء الاحتجاجات ، وظهر ذلك من خلال تغيّبهم عن الدراسة لأيام طويلة خصمت من مستوى تحصيلهم واستيعابهم .
ضغط ذهني
أما الطالب معتز سيف الدين حسن – مدرسة بشير محمد سعيد الثانوية بنين-،الذي كان يجلس داخل باحة مدرسته ويتخذ فيها مكاناً قصيّاً للمراجعة برفقة أحد أساتذته فقد قال إن الفترة الفائتة والتي توقفت فيها المدارس على مدى واحد وعشرين يوماً كانت خصماً على دراستهم وذكر أنهم كتلاميذ تعرضوا لضغط ذهني كبير إلا أنهم تمكنوا من إكمال المقرر .وأضاف أنه حاول أن يوفّق بين ذلك كله من خلال وضعه لجدول مذاكرة يتناسب مع مستواه الأكاديمي عبر نقاط الضعف والقوة في التحصيل .
استعدادات
من داخل مدرسة بشير محمد سعيد النموذجية الحكومية بنين والتي تعدُّ أكبر مركز للامتحانات بأم درمان التقت (الانتباهة ) بمدير المدرسة أ.التقي محمد احمد، الذي قال للصحيفة إن هنالك حركة دءوبة من إدارة المدرسة لإجل الاستعدادات العامة للامتحانات ،وأوضح أن حالة الطوارئ التي أعلنها الرئيس في البلاد لمدة عام لن تكون عاملاً مؤثراً في سير عملية الامتحانات ،جازماً أن مدرسته لم تتوقف عن الدراسة أثناء الاحتجاجات ماعدا في الأيام التي فرضتها الوزارة .وقال إنهم تمكنوا من تغطية كافة المقررات قبل مدة كافية وساعدهم في ذلك إقامة برامج إضافية قبل فترة الاحتجاجات وهي التي مكنتهم من تلافي وسد الثغرات في الأيام التي توقفوا فيها عن الدراسة . ونفى التقي تعرض الطلاب أثناء أيامهم الأخيرة في الدراسة لأي ضغط ذهني .وذهب أيضاً الى أن إغلاق الجامعات ليس مبرراً لأن تجعل الطالب متوتراً ووفقاً لحديثه فإن هذه المسائل تعتبر استباقية ولا تؤثر في مستوى الطلاب .فيما أوضح أن تأمين الامتحانات من الأشياء التي تهم المعلم في المقام الأول باعتبار أنها تشكّل خلاصة جهده طوال العام وأي طارئ فيها يكون هو المتضرر .
تحد كبير
قطع مدير مدارس المهندسين بأم درمان أسامة عوض فارس في حديثه لـ( الانتباهة) أن امتحانات هذا العام قد مرّت بتحد كبير ، مشيراً الى الحراك السياسي وما به من احتجاجات والتي ألقت بظلالها على سير العملية التعليمية . وقال إنهم كمعلمين عانوا أشد المعاناة إبان الفترة الماضية، وذلك من خلال عدم انتظام الطلاب وحضورهم للمدارس ،موضحاً أن أولياء الأمور كانوا قلقين بصورة واضحة ما جعلهم يمنعون أبناءهم عن الحضور للمدرسة خوفاً من حدوث أي طارئ قد يتضرر منه الطلاب .وقال إنهم ظلوا (يحنّسون ) أولياء الأمور ويقنعونهم بأن الأمن مستتب لكن دون جدوى. وتوقّع أسامة أن تمضي الامتحانات بشكلها الطبيعي في ظل فرض حالة الطوارئ الحالية . ونفى التزام مدرسته بيوم (السبت ) كيوم دراسي لتغطية المقررات ،وقال ? إذا تم مد الامتحان التجريبي السابق عشرة أيام فقط لتمكّن الطالب من المذاكرة بشكل أفضل، كما ينبغي الاعتراف ببعض التأثيرات التي ألقت بظلالها على الطلاب) .وتخوّف مدير المدرسة من تدني نسبة نتيجة هذا العام للظروف التي شهدتها البلاد واصفاً الوضع الذي سيمتحن فيه طالب هذا العام بغير الطبيعي .
محبطات
مدير مدرسة الدكتور الخاصة بنين بالخرطوم ومساعد كبير المراقبين خالد عثمان عبيد الله قال لـ(الانتباهة ) إن إعلان حالة الطوارئ في البلاد لن يؤثّر على الامتحانات داعياً المحتجين الى النظر بعين الاعتبار للطلاب حتى لا يتزعزعوا هذا العام . وأكد أنهم أكملوا كافة الاستعدادات المتعلقة بالامتحانات من توفير أرقام الجلوس وتجهيزات المركز وما به من حجرات بجانب اجتماعهم مع المراقبين وغيرها .وقال إنه ولأول مرة يدخلون للامتحان التجريبي قبل إكمال المقرر، مشيراً الى أنهم كانوا دائماً ما يبدأون الامتحانات التجريبية وقد تمت تغطية كافة المقرر ومراجعته، الأمر الذي لم يحدث هذا العام .وزاد قائلاً : طالبنا خلال العام بفرض حصة السبت التي كان يمكن أن تخفف من حِدّة الضغط على الطلاب لكن لم تُنفّذ. وجزم بأن أي شائعات بإمكانها أن تؤثر على مستوى التحصيل الأكاديمي للطلاب .واعتبر إغلاق الجامعات واحدة من المحبطات التي يمكنها أن تؤثر على طلاب هذا العام .
تأثير نفسي
مساعد كبير المراقبين بمركز مدرسة الخرطوم الجديدة الثانوية رمضان جاد الله قال : أي اضطرابات لها تأثير نفسي على مستوى الطلاب وأسرهم ،وإنهم مستعدون تماماً للامتحان هذا العام .وقال إن إجراءاتهم الفنية الأكاديمية قد بلغ الاستعداد فيها نسبة كبيرة . وأوضح أن المسائل الأمنية تتوقف على مدى استعداد الجهات الأمنية لضبط المتفلتين وتوفير بيئة آمنة للطلاب . وكشف عن ما أسماه بالتراخي الذي حدث من الطلاب وأرجعه الى الحالة النفسية التي ضربت الطلاب بسبب انعكاسات حراك الشارع العام .وأكد أيضاً أن هنالك حالة من المخاوف للأسر وغياب كبير من الطلاب أثناء الدراسة قد أثر على مستوى التحصيل الأكاديمي .وأضاف رمضان أن الإعلام السالب يضخّم الأشياء، مشيراً الى أن امتحانات الشهادة السودانية من الأشياء الحساسة وأن كل معلومة ترتبط بها يجب أن تكون عن دراية ومعرفة حتى لا يقع الطلاب ضحية للشائعات .
وضع راهن
وكيل مدرسة جويرية الثانوية للبنات بمدارس المجلس الأفريقي للتعليم الخاص ببحري وليد حمد النيل محجوب ، أكد للصحيفة أن الفترة الفائتة قد شهدت ربكة حقيقية للطلاب الممتحنين للشهادة السودانية ، خاصة وان صاحب ذلك شائعات تتعلق بتأجيل الامتحانات ،إضافة الى الضغط الكبير في المقررات التي لم تكتمل في الوقت المحدد لها .موضحاً أن الإجازة غير المتوقعة والتي بلغت (21) يوماً (تنشنت) بالطالب والمعلم معاً. وأكد في خواتيم حديثه أن حالة الطوارئ التي فرضتها رئاسة الجمهورية هو وضع راهن وكل ما يحدث في البلد الآن يتم في ظروف استثنائية وكذلك الامتحان سيتم في ذات الظروف .
امتناع وتحفّظ
أبدت مديرة مدرسة الخرطوم النموذجية الثانوية الحكومية بنات تحفظها واكتفت بالقول إنهم على أهبة الاستعداد، فيما امتنعت عن التعليق على حالة الطوارئ قائلة : ( ممنوعين من الكلام إلا عبر الناطق الرسمي للمدرسة ).
تأمين تام
ولمعرفة التدابير التي وضعتها وزارة التربية والتعليم وضعت (الانتباهة ) بعض الاستفهامات على طاولة وكيل وزارة التربية والتعليم الطاهر حسن الطاهر ،الذي أكد في حديثه مع الصحيفة اكتمال كافة الترتيبات لبدء امتحانات الشهادة السودانية، مؤكداً قيام الامتحانات في موعدها المحدد الثاني من مارس 2019م . وأوضح أن حالة الطوارئ التي تم الإعلان عنها مؤخراً لن تؤثر في سير الامتحانات .مشيراً الى أن هنالك لجنة عليا لتأمين الامتحانات برئاسة وزير الداخلية ووزير التربية كرئيس مناوب ،ووكيل الوزارة مقرراً عاماً ،إضافة الى وجود لجنة فنية يرأسها وكيل الوزارة الذي يمثّل رئيس مجلس امتحانات السودان .وقد أكد الوكيل عن جلوس ( 539 ) الف طالب لامتحانات هذا العام بزيادة 2,1% عن العام الفائت ،منهم (2,150) طالباً يجلسون للامتحان عبر المراكز الخارجية ،بجانب عدد المراكز الداخلية والتي بلغ مجملها ( 3,664 ) مركزاً ،و13 مركزاً خارجياً . فيما كشف عن وجود مركز واحد في جوبا بدولة الجنوب لأول مرّة ،مضيفاً أن عدد طلاب الجنوب ( 4300) طالب ،مقابل (1,400) طالب من مصر – عبر ثلاثة مراكز – بجانب طلاب جُزر القمر- الأردن – سوريا – الصومال – اليمن – تشاد – ونيجيريا .وذهب الدكتور في حديثه الى أن عدد الطلاب الأكاديميين بلغ (515 ) الفاً بزيادة (10 ) الاف طالب عن العام السابق ،فيما بلغ الجالسون للمساق الفني (11,4 ) الف، و(4,4 ) الف ديني وقراءات .وطمأن الوكيل في خواتيم حديثه جميع الطلاب واولياء الأمور بأن الامتحانات ستُجرى في أجواء سليمة مشيراً الى أن الامتحانات قد وصلت الى جميع ولايات السودان ،كما أنها ستصل خلال يومين الى الخارج عبر مناديب معتمدين .
تقرير :هادية قاسم المهدي
(صحيفة الانتباهة)