صلاح الدين عووضة

وزحل ..!!


البشرية بلغت كوكب زحل..
> بلغته بواسطة مركبة فضائية أطلقتها وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)..
> بلغته عبر (المتطورين) من أبنائها؛ علماً… وخلقاً..
> واخترقت المركبة حلقات الكوكب الشهيرة في طريقها إليه..
> وتم تفجيرها على سطحه تجنباً لمخاطر قد تصيب (أحياء) على أقماره..
> وهذا أنموذج للجانب الأخلاقي ؛ من بعد العلم..
> فهم يتحسبون لوجود حياة على قمر يتبع لكوكب… حتى دونما تثبت من ذلك..
> ونحن عندنا حكامٌ عرب يقتلون شعوبهم… بعد التثبت..
> وهذا أنموذج (مقابل) لأخلاق الكثيرين من (غير المتطورين) في كوكبنا الأرضي..
> وقبل نحو ثلاثين عاماً كتب عاطف العراقي (نقد العقل العربي)..
> وكان يشغل كرسي الفلسفة بجامعة القاهرة ؛ وصاحب مؤلفات نقدية عديدة..
> مؤلفات كلها نقد للعقل العربي غير القابل للتطور..
> أو هو كذلك ــ قديماً… وحديثاً… وراهناً ــ لحين إشعار آخر ؛ وفقاً للدكتور عاطف..
> فهو عقل (يستسهل) الحلول تأثراً بثقافة (السهول)..
> وبتعبير آخر: هو عقل ينزع نحو الشمول… ويتحاشى رهق التفاصيل..
> وفضلاً عن ذلك فهو يستسهل أيضاً (حياة) الإنسان..
> حياة (ابن آدم) نفسها دعك من حقوقه… وكرامته… وبشريته… وإنسانيته..
> ثم لا ينسى العراقي الإشارة إلى الاستغراق في الخرافات..
> فكأثر جانبي لقصور العقل العربي زحفت الغيبيات لتملأ فراغات هذا العقل..
> فكان الزار… والشعوذة… والدجل… وشطحات التصوف..
> ولكنا نعيب على أستاذنا العراقي شيئاً مهماً..
> وهو قصره النقد اللاذع على العقل العربي وحده دون عقليات أخرى مشابهة..
> فثمة عقول لا تختلف عن العقل العربي إلا في مرجعية الإسلام..
> في المرجعية الإسلامية؛ اسماً دون معنى..
> فإسلامنا شكلي… وتعبدنا شكلي… وتطبيقنا لشرع الله ــ إن حاولنا تطبيقه ــ شكلي..
> فنحن نقوم بواجبات الدين (شكلاً) على أحسن وجه..
> ولكن مضامينه القيمية السامية تركنا واجب القيام بها للذين هم غير مسلمين..
> وتفرغنا لكل ما ينهانا عنه الدين من قتل… وظلم… ونهب..
> من قمة الصراع على (السُلطة) ؛ إلى أسفل ضروب الصراع على (السَلطة)..
> فعقول العالم العربي… والإسلامي… والمتخلف… بحاجة إلى نقد..
> وبدون هذه الجراحة النقدية المؤلمة له سيبقى (عالة) على الحضارة الإنسانية..
> بينما (صناع الحضارة) يجوسون خلال الفضاء حتى زحل..
> ثم (يتجنبون) إزهاق حيوات افتراضية على أقمار الكوكب عند سقوط المركبة..
> و(يُجنِّبون) في كوكبنا ــ قدر وسعهم ــ بشريين من مصير مماثل..
> يُجنبون مواطنين (عرباً) إزهاق حيواتهم على أيدي حكامهم (العرب)..
> ويظل العقل العربي يبحث عن النجاح لدى الدجالين..
> ويبحث عن الإيمان عند المقبورين..
> ويبحث عن السعادة بين أحضان (الحلوين)..
> فهو غير معني بلذة اكتشاف (الكواكب)……. وإنما (الكواعب)..
> وقطعاً من بينهن (زحل)!!

صلاح الدين عووضة
صحيفة الإنتباهة