روضة الحاج تكشف لـ(نجوع) الحقيقة
عقب تدشين مؤسسة (سودانيون للتنمية الثقافية) لـ(موسوعة الشعر السوداني الفصيح ) ساد الساحة الثقافية (هرج ومرج ) بعد أن احتجّت معدّة الموسوعة الأديبة المغربية فاطمة بو هراكة على بعض التعديلات التي وضعتها المؤسسة ومن ثمّ ألقت اللوم على القائمين على أمرها لعدم تمكنهم من إرسال تذكرة سفر لها حتى تأتي للمشاركة في أمسية التدشين ،بجانب اعتراضها على عدم وضع اسمها في ملصّق دعوة التدشين .( الإنتباهة ) وحتى تقف على حقيقة ما دار من جدل استنطقت مدير عام مؤسسة سودانيون للتنمية الثقافية الشاعرة روضة الحاج وخرجت منها بالكثير ، ومن ثمّ عرّجت على بعض القضايا ذات الصلة :
> موسوعة الشعر السوداني الفصيح، من أين نبعت فكرتها؟
< في اكتوبر 2018م زارت السودان الباحثة المغربية والشاعرة فاطمة بو هراكة بدعوة من وزارة الثقافة للمشاركة في معرض الخرطوم الدولي للكتاب، وبحكم تواصلي معها ومشاركتي في موسوعة الشعراء الكبرى و77 شاعرا من المحيط الى الخليج دعوتها لزيارة المؤسسة السودانية وبالفعل جاءت وجلست معنا بحضور عدد من الشعراء ، وكانت قد اعتذرت لي عن عدم تمكنها من إحضار نسخة من موسوعة الشعراء الكبرى وأذكر أنني قلت لها ما رأيك في أن (تستلي) الشعراء السودانيين الواردين في الموسوعة الكبرى ونحن كمؤسسة نقوم بطباعتها في كُتيّب نتداوله ونقول إن هؤلاء هم الشعراء الذين وردوا في الموسوعة الكبرى للشعراء العرب .
> ثم ماذا ؟
< وافقت بو هراكة وعادت بعدها الى المغرب ، وكنا نتواصل معها ،وحدث أن اقترحت عليها أن نوسّع العمل وجلسنا لأيام نفكّر في كيفية ذلك ،الى أن خطرت لي فكرة الموسوعة فاقترحت عليها بعمل موسوعة للشعر السوداني واستحسنت هي الفكرة خاصة وان لديها مادة من الموسوعة الكبرى فيها بعض الشعراء السودانيين ،وأنا هنا كمؤسسة أرسلت لها أكثر من سبعين شاعراً بأرقام هواتفهم لتتواصل معهم وبالفعل تواصلت معهم عبر الإنترنت وعبر علاقات أخرى مع شخصيات من السودان وبعض المواقع السودانية التي كان لها دور أيضاً فجمعت أجزاء ، وكلفنا شبابا من المؤسسة بالذهاب الى دار الوثائق للبحث عن بعض المعلومات واجتهدنا لنسهم في الموسوعة .
> ما الغرض منها ؟
< كان الغرض بالنسبة لي هو التعريف بالشعر السوداني ،وفاطمة نفسها عندما جاءت للسودان قالت لي:( إن الناس في المغرب لا يعرفون الشعر السوداني بشكل كبير فقط يعرفون الفيتوري لأنه أقام بالمغرب ويعرفونك أنتِ لأنكِ شاركت بأمير الشعراء ) . وأرسلت لي تصوّرا بشكل الغلاف والذي جاء فيه (فكرة وتقديم روضة الحاج وإعداد فاطمة بو هراكة ) فقلت جيد جدا .
> هل كنتم تجتمعون ؟
< عقدنا اجتماعات معها بالواتساب وكنا نتناقش في أمور الموسوعة حتى هي كانت تقول إننا فريق ذهبي . وسارت الأمور بخير .
> إذاً لماذا ساءت الأحوال بينكما ؟
< تجيب ضاحكة : ( أصبري جاياك ) ثم تستأنف حديثها :عندما وصلنا الى (270) شاعراً قالت إن هذا الحد معقول وأرسلتها لي ،حتى أنني عندما أرسلت لها بعض الأسماء قالت لي 🙁 نحن كدا ما ح نخلص ) لذا نكتفي بهؤلاء ونصدر الموسوعة .
> هل كان قرار التعديل جماعياً، أعني ألديكم لجنة مثلاً ؟
< هنا لدينا مجلس أمناء للمؤسسة يضم بروفيسور عبد الله حمدنا الله – بروفيسور الأمين أبو منقة – أ. صديق المجتبى – أ. إبراهيم إسحق – إسحق الحلنقي – التجاني حاج موسى – السر السيد – د.جراهام عبد القادر – نضال حسن الحاج –عمر عبد القادر ومجموعة طيبة من المختصين . وعرضت عليهم الموسوعة والتي اخترت لها أن تكون من ( 1919- 2019م ) وسميتها ( مائة عام من الشعر السوداني ) .مجلس الأمناء اطلع عليها وكونا لجنة مصغرة ونظرت بدورها فيها وقد أوصى بروفيسور عبد الله حمدنا الله بعدم طباعتها وقال إنها ناقصة وبها أخطاء كثيرة ، فيما قال صديق المجتبى إن هنالك ملاحظات عليها إذا ترتبت يمكن طباعتها وقام بمراجعتها مع كتابته لبعض التوصيات .
> ماذا عن الأخطاء اللغوية ؟
< استعنا بأبي عاقلة إدريس وعبد الرحيم حسن حمزة وطلبنا منهما النظر فيها من ناحية لُغوية ،وخرجا بأن هنالك ملاحظات كثيرة عليها ،فجلسنا معهما وتوصلنا الى أخطاء عديدة .
> ما هذه الأخطاء؟
< أولاً أخطاء طباعية – أخطاء في السيّر الذاتية للشعراء – هنالك قصائد عامية موجودة في الموسوعة – هنالك صور موضوعة لشعراء ليست لهم مثل صورة موضوعة للتجاني يوسف بشير وهي ليست له ومثل بابكر البدري .
> هذا خطأ فادح ؟
< معذورة هي لأنها لا تعرفهم ، ونحن دورنا التصحيح .وبالفعل عدّلنا في السيرة الذاتية وصححنا بعض المعلومات خاصة التي تتعلق بأشخاص متوفين ومذكور بها أنهم ما زالوا يعملون في وظيفة كذا ، بجانب ورود أسماء لشعراء غير سودانيين مثل ابراهيم علي بديوي وهو مصري ، بالإضافة الى وجود قصائد لشعراء لا تناسب مكانتهم وتجربتهم مثل فرّاج الطيب وهو شاعر كبير والقصيدة المقدّمة لا تمثّل تجربته فاخترنا قصائد قوية من المربديات ونزّلناها فالهدف في النهاية هو تقديم أشياء مشرّفة للسودان
> كيف يمكن تصنيف العمل ؟
< كمؤسسة أخرجنا الموسوعة ووصلناها الى مرحلة في تقديري ممتازة وأضفنا لها بعض الأسماء .
> لماذا الإضافة ؟
< يوجد 150 شاعرا عاشوا في تلك الفترة المحددة بين 1919- 2019م وتشملهم الفترة وهم غير موجودين في الموسوعة وضعنا أميزهم وأضفناهم وسمينا الموسوعة بالجزء الأول على أن نعمل جزءا ثانٍ ونستوعب فيه الـ 150 مع تضميننا للمستبعدين إذا جاءوا بنصوص جيّدة .
> هل كانت بهراكة متابعة تلك التعديلات؟
< كنا على تواصل مع بوهراكة وأبلغناها بالتعديلات .وكنا نرغب في أن تكون حاضرة في تلك الأمسية .
> ما السبب وراء عدم حضورها ؟
< أنا أجتهدت حتى تكون هي حاضرة بالرغم من أن الحضور ليس عُرفا أو شرطا وأنا مثلا طبعت كتبا كثيرة خارج البلاد ولم أذهب لحضور تدشين مثلا ،لا توجد قاعدة مثل هذه .لكن الظروف المؤخّرة التي حصلت في البلاد لا تحتاج الى شرح ولا تُخفى على أحد في العالم ومنذ البداية نحن معتمدين على الشراكات باعتبارنا مؤسسة مجتمع مدني .
> اعتذرتم لها ؟
< أخطرتها بأن الظروف في البلد فيها ربكة وهي التي حالت دون إرسال تذكرة لها ووعدناها بأن تأتي للاحتفاء الأكبر .
> هي احتجت وقالت تم تهميشها ولم يوضع اسمها في ملصق التدشين ولم ترسل لها تذكرة لتأتي للمشاركة؟
< تم تنبيهي بأن فاطمة محتجة بسبب عدم ورود اسمها في ملصق التدشين وبدوري جعلت المصمم يضع اسمها وأرسلته لها . وملصق التدشين ليس لديه قيمة ،واسمها موجود في الموسوعة وأثنيت عليها في مقدمة الموسوعة ،غير ذلك فإن ملصق التدشين لم يرد فيه اسم لأيِ منّا .وهذا لم يكن احتفالاً للموسوعة وإنما كنا نحتفل باليوم العالمي للشعر وكان تدشينها جزءا من الاحتفال .
> كيف قيمتم جهدها ؟
< أنتجنا فيلما عنها يتحدث عن مكان مولدها والكتب التي أنجزتها ولم نعرضه في الأمسية .
> لماذا ؟
< (زول بشكك على مستوى رئاسة الجمهورية وكيف النائب يحضر تدشين كتاب مزيّف ) .
> يعني أن الكتاب سليم ؟
< ليس مزيفاً نحن فقط عدّلنا الأخطاء وهذا حقنا كمؤسسة يحسب العمل علينا إن كان قوياً أو ضعيفا .
> تكاليف الطباعة ؟
< النسخة الواحدة طباعتها تساوي (300 ) جنيه .وكنا نرغب في طباعة أعداد كثيرة لكن مع زيادة أسعار الطباعة أحلامنا تقلّصت .
> الموسوعة ربحية ؟
< ليس لي هدف وهي مجانية توزّع مجاناً ( لا قرش ولا تعريفة ) وسنهديها للجهات المختصة من المؤسسات والجامعات .
> فاطمة تقول إنها ستلغي أي عمل للموسوعة مع مؤسستكم ؟
< أنا لا أدري إن كان لها الحق أم لا ،ونحن شركاء في العمل وقدمنا فيه جهدا ، لكن لا نريد أن تكون الموسوعة مكان صراع ونحن مقدرين دورها والتزامها بالعمل والجهد ولن ندخل معها في أي صراع ، وهدفنا غير مادي .
> الكتاب مرخّص في المغرب،ألا يؤثر ذلك عليكم ؟
< نعم ومرخّص أيضاً في السودان ( وين المشكلة !) .
> ماهو سقف طموحات مؤسستكم ؟
< نظرنا الى خارطة العمل الثقافي المجتمعي وبحثنا عن الثغرات التي يمكن أن نسدها عبر سودانيين حتى لا نكرر أنفسنا ببرامج مشابهة لمراكز أخرى .فكرة تشجيع المواهب وتقديمها ودعمها والتبشير بها بجانب الشراكات مع المؤسسات الثقافية غير السودانية ومد جسور تواصل معها واستقدام الآخرين للسودان إذا لم تهزمنا الإمكانيات ومن ثمّ تكريم المبدعين وعدد من الأفكار.
> على سيرة الإمكانيات : ما الجهة التي تموّلكم ؟
< ليس جهة وإنما جهات ولكن لا علاقة لنا رسمية بالدولة عدا الإجراء الروتيني الذي يتعلق بالترخيص . وبعض الجهات مؤمنة بالعمل الثقافي تساعدنا في تسيير أمورنا.
> هل ستولون الشعر العامي اهتماماً بمؤسستكم ؟
< لا شك في ذلك ،وروضة الحاج أساسها دوبيت وشعر شعبي وأنا تربيت على شعر الدوبيت وحكايات الهمباتة ،غير ذلك فالشعر هو شعر سواء كان فصيحا أو عاميا أو غيره .إضافة الى ذلك فان الترجمة واحدة من اهتماماتنا وكذلك التسجيلات الصوتية للشعراء .
> جائزة أمير الشعراء استبعدت عدداً من الشعراء ،وكان لكِ تجربة فيما مضى، هل المسابقات معياراً للشاعرية ؟
< شوفي المسابقات نفسها ليست مقياسا للشاعرية ، وكون أن فلانا تقدم وآخر خرج فهذا ليس معيارا .لكن المسابقات أضحت منابر لتقديم التجربة الشعرية ، والجمهور يعرف من هو الشاعر ومن هو الموهوب ، والمسابقات ميزتها أنها توفر منبرا اعلاميا قلما توفره القنوات ،بجانب توفيرها لجمهور نوعي يهتم بالشعر ويتابع ما يقدمه .وفي ظني كل من يتقدم لتلك المسابقات يجب ان يضع ذلك في حسبانه لكن النتيجة لا علاقة لها بالشاعرية .ومثلا ابتهال تريتر ودينا الشيخ قدمتا نماذج ممتازة للشاعرة السودانية .
> ألدينا أزمة نقد ؟
< نعم نعاني من أزمة نقد على مستوى الشعر العربي كله ونقد السرد يتفوق على نقد الشعر .نقاد الشعر قلة جدا والنقد احيانا يتصدى له غير مختصين ودون إمتلاك أدواته . كي تقدم نقدا منهجيا وموضوعيا فيجب أن تتوفر الموهبة التي لا تقل جسارة او قيمة عن موهبة الكتابة . أنا أحياناً اكتشف نصوصي من خلال النقد الجيد . هنالك نقد المجاملة والشلليات وهذه تؤثر كلها على مصداقية النقد .
> قصيدة المقاومة أو قصيدة المناسبات ، هل ينتهي بانتهاء المؤثّر ؟
< إذا كتبه الشاعر بالروح الوطنية فسيستمر ،ولا أدري لماذا ينظر الناس لشعر المناسبات نظرة بها عدم تقييم ! نحن دوما نحتفي بقصيدة يوم التعليم وهي من افضل القصائد التي كتبت في يوم محدد لحدث محدد ،ومثلا قصيدة نزار قباني عندما زار تونس ، المناسبات أحيانا تكون مانحة وهذا النوع من الشعر مطلوب وهو يجسّر المسافة بين الشعر والمتلقي ومطلوب هذا النوع الذي يتحدث عن أقبية ودهايز النفس البشرية المعبرة عن اشواقها وأحزانها .هادية قاسم المهدي
الانتباهة