تحقيقات وتقارير

مظاهرات الجزائر في زخمها المعتاد: رفض لـ”أصحاب الباءات الثلاث” ومحاسبةُ الفاسدين

للجمعة السابعة، خرجت الجماهير الجزائرية في شوارع العاصمة والمدن الأخرى، لاستكمال الحراك الشعبي الذي بدأ في 22 فبراير/ شباط الماضي، وتحقيق باقي المطالب السياسية التي لم تتم الاستجابة لها حتى الآن، خاصة ما يتعلق برحيل حكومة نور الدين بدوي ورفض تولّي رئيس البرلمان عبد القادر بن صالح رئاسة الجمهورية بالوكالة، ورئيس المجلس الدستوري، الطيب بلعيز.

وحال الانتهاء من صلاة الجمعة، كان الناشط في الحراك الشعبي حسين بزينة، الذي يحرص منذ الجمعة الأولى على أن يكون أكثر من مجرد متظاهر، قد أكمل استعداداته للمشاركة في تنشيط الجمعة السابعة، وجهّز معداته الخاصة ثم حملها إلى ساحة البريد المركزي، حيث نصب مكبر الصوت بعدما استقدم خط كهرباء، وأمسك الميكرفون وبدأ يهتف “بدوي ديقاج (ارحل)، بن صالح ديقاج، بلعيز ديقاج”.

وسريعًا، تحلّق المتظاهرون حول حسين، وبدؤوا يرددون معه الهتافات نفسها. عرف المتظاهرون حسين بزينة، الذي يعمل في وكالة إنتاج إعلامي خاصة به، بشكل خاص في الجمعة الثالثة يوم الثامن من مارس/ آذار الماضي، حين رفع لافتة كتب عليها: “زوجتي الحبيبة، سترحل العصابة ونحصل على سكن”.

يقول بزينة لـ”العربي الجديد” إنه مصرّ ومجموع الناشطين في الحراك الشعبي على تحقيق كل المطالب: “لدينا لائحة مطالب، تحقق حتى الآن جزء منها؛ كإسقاط مشروع العهدة الخامسة ورفض بقاء بوتفليقة في الحكم، ورفض عقده مؤتمر وفاق وطني، ورفض حكومة أحمد

ثلاثة عناوين رئيسية كانت لافتة: رحيل حكومة بدوي ورفض تولّي بن صالح، ومحاسبة الفاسدين، وإقصاء السياسيين والأحزاب الموالية لبوتفليقة


أويحيى”، مستدركًا: “لن نعود إلى بيوتنا قبل أن ترحل حكومة نور الدين بدوي، وقبل أن يرحل رموز النظام، وجمعة اليوم كانت موجهة ضدهم. لن نقبل هذه المرة أنصاف الحلول السياسية مثلما قبلنا في انتفاضة أكتوبر 1988”.

وكما الحال بالنسبة لحسين الذي كان قد اعتقل في أول جمعة للحراك الشعبي في 22 فبراير/ شباط الماضي، بدا المتظاهرون في الجمعة السابعة أكثر إصرارًا على عدم القبول بسياسة الأمر الواقع بعد رحيل الرئيس بوتفليقة من منصبه. ثلاثة عناوين رئيسية كانت لافتة في مسيرات الجمعة السابعة: رحيل حكومة بدوي ورفض تولي بن صالح رئاسة الدولة، ومحاسبة رجال المال والأعمال، وإقصاء وعزل السياسيين والأحزاب الموالية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

وغصّت ساحة البريد المركزي وأودان وشوارع العاصمة الجزائرية بالآلاف من المتظاهرين، الذين تركزت شعاراتهم على رفض بقاء حكومة بدوي، التي وصفقها المتظاهرون بـ”الحكومة المستنسخة”، وعلّقت قبالة مقر حزب التجمع الوطني الديمقراطي، في وسط العاصمة، لافتة عملاقة كُتبت عليها أربعة مطالب للحراك الشعبي، وهي “رحيل الحكومة المستنسخة، ورحيل الثلاثي بدوي وبلعيز وبن صالح، ولجنة مستقلة لتنظيم الانتخابات، ومحاسبة العصابة”.


رغم وجود شعارات تدعم وحدة الموقف بين الشعب والجيش، فإن ذلك لم يمنع من رفع متظاهرين في المسيرات شعارات تحذر من “تكرار السيناريو المصري”

وقال القائد العام السابق للكشافة الإسلامية الجزائرية، أقدم المنظمات المدنية في الجزائر، شريف قطوش، لـ”العربي الجديد”، إن “العصابة التي كانت تحكم في البلاد أكثرت من بناء السجون، وعليهم أن يتذوقوا هم طعم أكل السجون، لأنهم أولى بدخولها بفعل عمليات النهب التي دمرت اقتصاد البلد، وأعطبت التطور الاجتماعي”، مشيرًا إلى أن “عواقب ما فعلته العصابة الحاكمة ونظام بوتفليقة ستظهر آثارها الوخيمة بشكل بالغ في الفترة المقبلة، بعدما خسرت الجزائر فرصة الإقلاع الاقتصادي بفعل السياسات الخاطئة وعمليات النهب والتدمير”.

وبرغم وجود شعارات تدعم وحدة الموقف بين الشعب والجيش، فإن ذلك لم يمنع من رفع متظاهرين في المسيرات لشعارات تحذر من “تكرار السيناريو المصري في الجزائر”، على صعيد استقواء الجيش واستغلال حالة الفراغ الدستوري والسياسي للهيمنة على المشهد وتحديد الخيارات المستقبلية. ورفع أحد المتظاهرين لافتة تصور قبعة عسكرية وكتب أسفلها “لا أريد أن أعيش تحت حكم العسكر”.

وواصلت قوات الشرطة التمركز أمام قصر الحكومة وقصر الرئاسة ومبنى التلفزيون العمومي والبنك المركزي، وأغلقت الشوارع المؤدية إلى قصر الرئاسة، ولم تحدث في مسيرات اليوم أية حوادث تذكر، ولوحظ خلال مسيرات الجمعة السابعة وجود انفتاح إعلامي لافت من خلال سماح السلطات لعدد من موفدي القنوات والوكالات والصحف الأجنبية بالحضور إلى الجزائر وتغطية الحراك الشعبي، بعد فترة تشدد رفضت خلالها السلطات دخولهم.

العربي الجديد